في نظر المجتمع، للزواج عناصر وشروط يجعله صحيحا ومنسجما مع ما تمليه مرجعياته المختلفة: ثقافية، دينية، مجتمعية وحتى اقتصادية. خارج هذا «الكادر» يبدو مختلفا ودخيلا على الزواج «سطوندار». لكن، هناك المختلف في كل شيء، الاختلاف لا يمكن تقييم جودته من عدمه إلا بما يحققه لطرفيه. فما يكون نعيما لزيجة معينة يصبح مزعجا لأخرى. النسبية تطال العلاقات أيضا.
دون نية
الهدف منه كان قويا حد أن مستقبله في أمريكا صار رهينا به. زواج مصلحة غابت فيه النية في الاستمرار دون إعلان هذه الرغبة للطرف الآخر الذي يحمل جنسية أمريكية. « سبق وأن اخترت نفس الطريق عندما كنت في ألمانيا التي التحقت بها مباشرة بعد حصولي على الإجازة في الدراسات القانونية بالفرنسية. المصلحة استدعت سلك طريق زواج مرحلي كنت أحقق فيه غايتي وأنا مصر على أن لا ينتج عنه أبناء. كان من الصعب الكشف عن غايتي التي كانت تذكرني بمثلنا العربي الشهير: «الغاية تبرر الوسيلة». يقول مراد الذي، لم يجد أي توافق بينه وبين امرأة كان وزنها يضاعف وزنه، كما خانت رشاقته طمعها في أن يظل إلى جانبها ك «دونجوان» عربي تتباهى به أمام من خانتهن السمنة الزائدة مثلها من بنات جنسيتها. بعد خمس سنوات انتهت المصلحة لأن المستقبل في ألمانيا بدا مستحيلا، « أعدت التجربة في بلاد العم سام، بزواج تتبله المصلحة أيضا، والمصلحة تفرض الامتناع عن الإنجاب. نعيش على هذا الحال من ست سنوات رغم أن زوجتني من الألاسكا المعروفين بكثرة المواليد ومن أزواج متعددين. وقد قبلت بشرطي لأن لها أربعة أبناء، ولي غاية أيضا».
الاستقرار واحد من أهداف الزواج عموما، والاستقرار الاجتماعي قد يحقق الاستقرار العاطفي في كثير من الحالات التي دخل الزواج الغائي على خط تدبير وضع خاص. هذا الوضع يقدم ما يفيد أن ليس هناك وصفة «ستوندار» في اختيار الشريك، كل واحد له حسابات مختلفة، قد تلتقي مع حسابات البعض أو تقترب منها، وقد تتناقض بحسب الإملاءات التي دعت إلى هذا الاختيار.
مصلحة
في دراسة قام بها المعهد البرازيلي «باوليستا» في ساو باولو أن 65 في المائة من الزواج عالميا، يكون بدافع مصلحة خاصة للمتزوجين أو لأحد منهما، وهو ما يجعل منه نوعا من التوافق الاضطراري غير المؤسس على استجابة عاطفية. لذلك أبعد المشتغلون في الحقل الاجتماعي هذا النوع من الزواج عن شرط الحب، وربطوه بالعقل الذي يحول الإقبال على الزواج إلى خطة لهدف يجعل من الارتباط بشخص معين وسيلة وليس غاية في حد ذاتها. الدراسة التي اعتمدت عينة من الرجال والنساء من جنسيات مختلفة ، أعادت الزواج / المصلحة إلى الواجهة كشكل من أشكال الزواجات الحاضرة بقوة في مجتمعنا المغربي أيضا، والذي ينفلت من الاستثناء ليكشف عن تصالح معلن وقديم مع الزواج المصلحي.
أزواج عزاب
بعد أربعة وثلاثين عاما زواج، لم تعد من جاذبية بينهما للحميميات. عالية، مسؤولة إعلانات بشركة خاصة، تصف الحالة التي يعيشها العديد من الزيجات ب أزواج عزاب. كل واحد منهما في غرفة منفردة شبيهة بغرف الأبناء. «عندما كبر ابناي وغادرا البيت من أجل مستقبلهم، تخلينا عن غرفة نومنا المشتركة، كل واحد منا صارت له غرفة باحتياجاته كأنه عازب. الوضع كان فيه اتفاق لم يسلم من مقاومة من جهته، حتى أنه اعتبره مسا برجولته، ومن تم بدأ يتجنب دعوة أي فرد من العائلة. الحاجز النفسي الذي يستحضر الآخر في مجريات حياة خاصة لم يكن سهلا عليه تجاوزه، خصوصا وأن علاقتنا ليس فيها أي خلاف. بل إن الاختلاف بيننا في الجاذبية الجنسية، بعد هذا العمر، صار واقع حال لا يمكن إغفاله.» تقول علياء بشرح أكثر دقة بأن الصداقة صارت هي العلاقة التي تربط بينهما في نفس البيت وبنفس الذكريات، ونفس المسؤولية، وأن العيش المشترك يجعلهما يسافران معا ويشتركان في بعض التظاهرات كصديقين لا كزوجين.
التوافق
ينبغي، أن تكون العلاقة الزوجية مؤسسة على مجموعة من الرغبات المشتركة والتوافقات التي لا تسحبها إلى علاقة رفقة أو تعايش ينزع فيه طرفيه إلى الفردانية. والجنس واحد من تلك الرغبات والتوافقات التي يفرضها الزواج. في غيابه، الناتج عما يعرف بالملل الزوجي، تنزاح العلاقة الزوجية عن خصوصيتها. من تم تدعو الكوتش وفاء بريطل إلى إنتعاشها وتجديد اللحمة العاطفية فيها، عندما يتسرب الملل إلى الكوبل الزوجي ويصاب بما يعرف بالخرس العاطفي. الحياة الزوجية لا يمكن أن تستمر بمعناها الحقيقي في غياب ما يعزز جاذبيتها، والعلاقة الحميمة جزء أساسي يبرر عيش الكوبل الذي يلحق به وصف الزوجي.
بدون أبناء..
هي أستاذة جامعية تعيش على أمجاد مبادئ بنتها في سبعينات القرن الماضي. لم يكن يذكر اسمها إلا ويذكر اسمه معها، جمعتهما مدرجات جامعة فاس، التي يعرف طلبتها صرامتها كما يعرفون جديته. لم يحدث أن وجدا بعيدين عن بعضهما، عرفا بالكوبل الأبدي مع أن كل مواصفات علاقة الصداقة تنطبق عليهما، ثنائي لم يضف لحياته ما يكسر ثنائيته ولم تبدو على علاقته ما يؤكد الفتور أو الإحساس بالاختلاف. حتى أن نجاحاتهما السياسية والحياتية تبرز كأحد أسباب رضاهما بعدم الإنجاب. وكلمة رضى هي ما يحدث الفرق بين أن تقبل بوضع وبين وأن تعيش مأساة بسببه.
تقول رشيدة، « لم نبتلي بمقارنة حياتنا بنماذج من حياة الآخرين ولو كان مجال اشتغالنا يعتمد على المقارنة لكن أدبيا. لم يحدث الإنجاب في الوقت المناسب صحيا وسنا أيضا. لم نتوقف عند هذا العامل بتركيز على أنه لحمتنا ونحن اللذان درسا وعاشا معا في باريس من أجل الدراسة. أفكارنا تنويرية ومؤسسة على خلفيات فيها الأهم وهو الحب الذي جمع بيننا ونحن طلبة. هذه ال «بدون» التي تتحدثون عنها في علاقات غير محسوبة على المؤسسة التقليدية التي لا تؤمن حتى باستمرار العلاقات في غياب شرط الحب والتوافق، غير مناسبة في اعتقادي» تقول رشيدة التي تشتغل على الكتابات النسائية حتى في تأطيرها لبحوث طلبتها الجامعيين.