بعد مسيرة إبداعية اختزلت في جوهرها تاريخ الفكاهة لأزيد من خمسين سنة، غيب الموت “شيخ الكوميديين المغاربة” عبد الرحيم التونسي عن عمر يناهز 86 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض، تاركا لمحبيه ذكريات قفشاته وضحكته الطفولية.
أبصر عبد الرحيم التونسي النور عام 1936 في مدينة الدار البيضاء، من أب من أصل تونسي، كان يعمل في المغرب مترجماً، وأم مغربية، قبل أن يتلمس أولى خطواته في عالم الفن والمسرح على وجه الخصوص.
لم تكن حياة “عبد الرؤوف” مضحكة كشخصيته، بعد طفولة يتيمة قرر عبد الرحيم التونسي الالتحاق بالحركة الوطنية، فتم اعتقاله وتعذيبه من طرف الفرنسيين ولم يطلق سراحه إلا بعد حصول المغرب على الاستقلال.
في ظل هذه الظروف، تعرّف عبد الرحيم التونسي على مجموعة من المقاومين الذين كانوا يقومون بعروض مسرحية لإدخال الفرحة على السجناء، وكانت بداية تجربته الأولى في مجال الفكاهة من خلف القضبان.
بعد مغادرة أسوار السجن، اختار التونسي تكريس حياته للمسرح وأسّس سنة 1975 فرقة مسرحية رفقة أصدقائه قدّموا من خلالها مشاهد وعروضا من مسرحيات “موليير” داخل المقاهي وجالوا جميع ربوع المملكة بها.
وفي بداية الستينات، أطل الراحل على الجمهور من خلال شخصية “عبد الرؤوف” بلباسه الفضفاض المميز وبمظهره الطفولي المشهور وصوته، بعد أن استوحاها من زميله السابق في الدراسة “عبد الغفور”، وهي الشخصية التي ظلت تلازمه طيلة حياته وأضحك من خلالها أجيالا متعاقبة.
شكل “عبد الرؤوف” ظاهرة فنية، وكان نجماً للشباك في المغرب على امتداد الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وذلك بفضل الأداء التلقائي المفعم بالطاقة الإيجابية التي كانت تميّز شخصيته.
وعلى مدى أكثر من 5 عقود، قدّم الكوميدي المغربي أعمالاً تلفزيونية، من أبرزها “امتا يجي المدير”، و”العاطي الله”، و”مراتي لعزيزة”، و”ضيافة النبي”، و”العيادة”، و”كسال فالحمام”، و”ضلعة عوجة”، إضافة إلى مشاركته في عملين سينمائيين هما “ماجد” سنة 2011، و”عمي” سنة 2016.