أشتغل أستاذة في مؤسسة عليا، مطلقة وأعيش لوحدي. منذ مدة صرت أتوصل في هاتفي برسائل غرامية من معجب، وذات يوم وأنا أغادر العمل استوقفني أحد طلبتي الذي اقترح علي مرافقتي بسيارته، فوافقت بحكم الظلمة وكثرة الأمطار المتهاطلة، وفي الطريق سيفاجئني بكونه المعجب وطلبني في موعد، فلم أجبه بعد. لم يتوقف عن الرسائل والسؤال عني، كما أنه صار يشغل بالي. أنا محتارة من أمري.
أنت على بينة من أن الموقف جد حساس بالنسبة إليك، باعتبار أن طبيعة العلاقة القائمة في إطار مهني بينكما، أنت الأستاذة وهو الطالب، تحكمها ضوابط تُلزمك أكثر منه، إلى جانب المعيار الأخلاقي الذي يتقاطع معه تدبير هذه العلاقة في مختلف تفاعلاتها داخل المؤسسة أو خارجها. طبعا، فأنت إنسانة ذات مشاعر وحاجات ودوافع، لاتختاري شروط استعمالها أو استثمارها. ولكن احتكامك إلى العقل هو ما يجعلك تتحصنين، مما قد يُعتبر انزلاقا أو استغلالا. لذا عليك الاحتياط من أي انجراف وراء الأهواء، بحيث أنك لم تقطعي، مع إعطائك إياه أملا. فأنت، والحالة هذه حتى وإن كانت نوياك سليمة، تبقي بحكم وظيفتك مسؤولة عن كل ما يترتب عن هذا الموقف من تطور وتداعيات. كذلك لايغيب عليك أنك بمجرد فتح فجوة تستجيب للحاجة العاطفية لهذا الشاب نحوك، أو تعتبرانها كليكما لحظة متعة لن يكون لها تابع. فمن الوارد أن تكون مخاطرة غير محسوبة العواقب، وبخاصة بالنسبة إليك، إذ سوف يُنظر إلى الحالة بكونها استغلال بطعم النفوذ الذي لديك كأستاذة، وبكونك تتطاولين على دورك كمربية، هذا إذا لم يُرفع سقف الوصف إلى اغتصاب في حق طالب عندك أو إلى شذوذ لديك. إذن، عليك التروي والتصرف بحكمة حتى وإن كان على حساب مشاعرك والرغبات الدفينة لديك، فالموقف ملغوم وقابل لأن ينقلب عليك من سعادة منشودة إلى محنة. إذ ليس لك من خيار سوى الإحجام والعمل على إقناعه باستبعادك من اهتماماته، ومراجعة نفسه والانشغال بدراسته. ولاشك أنك لديك من المهارة البيداغوجية ما يجعلك تفلحين في هذه المهمة، لأنها من مصلحتكما معا. فما كان الحب إلا ليبني وليس ليهدم.