زواج اليوم.. البحث عن الرفاهية

تغيير بدون قطائع، واتساع في قاعدة الاختيارات والوصفات، مع هيمنة لمعيار واكراهات الشرط المادي وتوق للرفاهية، هي بعض الملامح التي تحف بسؤال المغاربة والزواج. ضمن سياق سوسيو اقتصادي و ثقافي أوسع، تتكيف مؤسسة الزواج، مع تحولات متعددة متداخلة تؤثر على النظرة العامة، على التمثلات وعلى معايير واختيارات المقبلين على الزواج.في التالي نظرة بانورامية على دينامية العلاقات الزواجية التي تظل مفتوحة على كل الخيارات.

كيف ينظر المغاربة للزواج؟ كيف يتزوجون؟ بأي اختيارات أو إكراهات؟ هل تغيرت نظرتهم لمؤسسة الزواج؟ 

 لا تزال مؤسسة الزواج تحظى باهتمام المغاربة، ولا زالت الزيجات تعبر عن حركية المجتمع وديناميته الثقافية والاجتماعية، حسب مصطفى أبو مالك استاذ علم الاجتماع وصاحب كتاب «من يتزوج من»، تأكيد ترسخه المعطيات الواردة ضمن التقرير السنوي حول المرأة المغربية الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط لعام )2022( الذي يقدم لمحة عامة عن وضعيتها في عدة مجالات منها الزواج. 

وبحسب الحالة الاجتماعية، فإن 

57.6% متزوجات ويبلغ متوسط العمر عند الزواج الأول 25.5 سنة للنساء مقارنة بـ31.9 سنة للرجال.

تشير أرقام المندوبية السامية للتخطيط إلى ارتفاع في طلبات الزواج، حيث ارتفع عددها من ١94,480 في عام 2020 إلى 269,978 سنة 2021. فيما بلغت عقود الزواج بين الزوجين البالغين 172,491 رسما، أي بنسبة 63.9%.

من يتزوج من ؟

 كانت بعض الاسئلة من قبيل زواج العقل أو العاطفة، السن المناسب.. أسئلة دارجة، بينما كانت أجوبتها في الغالب تقسم الآراء إلى وجهتي نظر عن تمثلات الشباب والمغاربة عموما حول الزواج،  اليوم اتسعت الخيارات وتغيرت الكثير من المعطيات والمغاربة من مختلف الأجيال يعيشون تحت سماء مغرب يتطور، يحاولون التوفيق بين ما ترسب من معتقدات وتمثلات وبين مسايرة الحياة الاجتماعية في صيغتها الحالية وإكراهاتها.

التغيير بين قوسي التقليد، هكذا يتحدث عبد اللطيف مرجي، استاذ التعليم الثانوي الذي يرى انه على الرغم من تعدد التصورات، التجارب والآراء حول زواج اليوم، فإنه يصعب الحديث عن تحول في نمط التفكير وفي القناعات الكبرى حول العلاقة بين الرجل والمرأة، بين الأسر وحول المؤسسات ومنها مؤسسة الزواج ( يفتح عبد اللطيف قوس المتغيرات : هناك من يتزوج عن حب وهناك من يتزوج زواج العقل والمنطق، هناك زيجات غير متكافئة من حيث معيار السن او المستوى الاجتماعي والثقافي، هناك من يؤثر الاحتفال بالزفاف وهناك من يقتصر على حفلات صغيرة، وهناك من يتزوج عن طريق العائلة الأصدقاء وهناك من يختار نصفه بمحض الاختيار…. المهم بالنسبة لعبد اللطيف «أننا ندافع عن القيم الحديثة لكن الاساس التقليدي لا يزال موجودا، و كل هذه التجارب تحدث في فنجان المجتمع، بينما يحتاج التغيير الحقيقي إلى ضوابط أخرى تحدث تغييرا في بنية التفكير، التصورات والخطاب، الممارسات والاختيارات ). يعبر تنوع الطرق التي يتزوج بها المغاربة بالنسبة لعبد اللطيف عن دينامية اجتماعية تمليها التغييرات الاقتصادية والتكنولوجية و لكنها لا تزال تحتاج الى الوقت لكي تنتقل إلى ضعيات كبرى ونموذج واضح.. 

ملامح التغيير لا تنتظر الانتقال الى وضعيات كبرى مجتمعية، انها تعبر عن نفسها بالكثير من المظاهر، من اختيار الشريك بناءً على الحب والرغبة الشخصية، إلى الأعباء المالية المرتبطة بالزواج، مرورا بتغيير الأدوار، وتنوع وسائل وفرص اللقاء والاختيار بحيث أصبح أكثر توافقا مع العصر الحديث، حيث يطمح الشباب الى الانتساب الى مؤسسة الزواج لكن على طريقتهم، هكذا تحلل «نادية» باحثة في الجغرافيا البشرية علاقة المغاربة بالزواج في اللحظة الراهنة . 

« هناك تغيير في ديموغرافيا المجتمع كما ورد في تقارير المندوبية السامية للتخطيط ،هناك ارتفاع في سن الزواج المرتبط ايضا بسوق العمل والتعليم والبحث عن وضعية سوسيواقتصادية معينة، وهناك هامش من الحرية في الاختيار».تربط نادية وضعية الزواج بما يعرفه المجتمع ككل من تغييرات « تغير المجتمع في العشرين سنة الاخيرة، ارتفع مستوى العيش، وهناك بحث عن شروط حياة أفضل، والخيارات المتاحة في الزواج أصبحت متعددة وهناك تنوع في الاساليب التي يتزوج بها ومن خلالها المغربي والمغربية، نلاحظ زيجات عصرية، احيانا غير متكافئة، بطرق أخرى كوكالات الوساطة أو الزواج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وما يحدث أن كل شابة أو شاب ينطلق من نفسه ويدبر الموضوع وفق احتياجاته «.

النظرة الى الزواج

كثيرون يؤجلون قرار الزواج إلى وقت لاحق بعد تحقيق الاستقرار المهني والشخصي، انه أمر مفهوم ومبرر، فالشاب أو الشابة يسعى إلى بناء ذاته ومستقبله، التعليم أو التطور المهني وحتى الاستمتاع بحياة الاستقلالية، قبل أن يُقدم على الالتزام بالزواج. هذا التوجه بالنسبة لاديبة استاذة جامعية، يعكس تغييرا في الأولويات، فالاستقلالية الشخصية وتحقيق الطموحات الفردية أولويات قبل الزواج الذي أصبح محكوما بالبحث عن شروط معينة من الرفاهية، والجيل الحالي ينظر للزواج بطريقة مختلفة وبراغماتية، بل ينظر حتى إلى الطلاق أيضا بشكل مختلف عن الأجيال السابقة. لم يعد الطلاق وصمة عار كما كان في الماضي، بل يُنظر إليه بشكل أكثر واقعية، على أنه خيار يمكن أن يُتخذ في حال تعذر استمرار العلاقة. هذا التغيير في النظرة يعكس تحولا آخر لمعايير الزواج» تؤكد أديبة.

من يتزوج بكم ؟

تعرفت ليلى على حميد من خلال اصدقاء مشاركين، استمرت علاقتهما لسنة كاملة قبل أن ينتقلا الى الحديث عن خطوة جدية.الرغبة في الارتباط كانت امرا واضحا، لكن أكثر ما جعل العلاقة متوترة هو الكيف، كان حميد مهندسا مبتدئا، وكان من الصعب عليه الالتزام بما تطلبه ليلى التي كانت منخرطة ماديا ومعنويا في هذا الزواج «ثلثي المصاريف في تجهيز الشقة كانت من نصيبي، وحفل العرس كنت من اشرف عليه من الالف للياء، كان رغبتي الخاصة، ومع ذلك واجهتنا الكثير من الاشكالات المادية، وكان الرد السحري لزوجي،( انا قلت اللي عندي ما كذبتش عليك وانت اللي بغيتي عرس ديال برنامج لالة العروسة، كان يحملني وزر القبول به رغم انه في البدايات عوض ان يكون ممتنا لكل المجهودات المادية التي قمت بها».

التكاليف المادية للزواج عنصر توقفت عنده ليلى كثيرا، لا يمكن تجاوز حفل الزفاف، حتى وان كان ضيقا جيدا، فهو يظل مكلفا بالنظر لغلاء كل شئ». تتحدث ليلى عن جيل من الشباب الذكور الذين أصبح لديهم شروط قبلية للزواج على رأسها المناصفة في تدبير الماديات (كل اصدقاء زوجي يبحثون عن زوجة لديها مستوى مادي جيد، إنهم يعبرون عن ذلك بدون احراج، لم يعد الامر يقتصر على الشابات).

قبل سنوات كان الزواج أقل تكلفة، بنظر مونية مصممة أزياء، «كانت العوائل تزوج أبناءها بتعقيدات أقل من اليوم، الجانب المادي أصبح مهيمنا سواء في اختيار الزوج أو الزوجة، في تفاصيل الزفاف وخلافه.تطورت نظرة الناس وخاصة من خلال التواصل الاجتماعي، هناك من يرغب في استنساخ حفلات المشاهير، بدرجات متفاوتة، ،اختيار البيت وتجهيزه، شهر العسل، الملابس…وهذا كله يمثل ميزانيات مهمة تتشبث بها العائلات ولو كانت تفوق قدراتها».

تربط السوسيولوجية سمية نعمان كسوس ذلك بسياق التغييرات السوسيواقتصادية، «فالحاجيات كثرت وتنوعت ،ولم تعد الحاجيات هي الأساسيات بل دخلنا مرحلة الرفاهية وفي سلسلة من الكماليات الضرورية للاستعراض» . العنصر الواضح بالنسبة لكسوس هو أن الجوانب المادية اصبحت هي الأهم، الماديات أصبحت في الصدارة، هي معقولة أحيانا لكن احيانا أخرى مبالغ فيها «.

هذه التغييرات المرتبطة بالمظاهر الخارجية للغنى أصبح لها تأثير على الاختيارات التي اصبحت أكثر تطلبا تؤكد سمية كسوس التي تضيف «نعيش اليوم في عالم مفتوح يشبه قرية صغيرة وتمنح الانترنيت مساحة إمكانية الحلم للفتاة والفتى، مع وسائل التواصل الاجتماعي ونماذج الافلام التركية، الكورية… ،أصبحت الرغبات او الطموحات المرتبطة بالزواج نسبيا متشابهة وتتمحور حول حلم الرفاهية للمقبلين على الزواج من الجنسين».

تتجه تصاميم غرف نوم العرائس لهذا الموسم نحو البساطة، والألوان المريحة، والمفروشات العملية التي تجمع بين الأناقة والوظيفة. نقدم لك نظرة شاملة على أحدث الاتجاهات التي يمكن أن تساعد العروسين في تجهيز غرفة النوم بذوق عصري ومتوازن.
تحت الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تنظم كتابة الدولة المكلفة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني بتعاون مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، الدورة الخامسة للمناظرة الوطنية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، تحت شعار "الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والتنمية المجالية : نحو دينامية جديدة لالتقائية السياسات العمومية "، وذلك يومي17 و18 يونيو 2025، بحرم جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، بمدينة ابن جرير.
معايير جديدة تقف وراء اختيارات الزواج اليوم، توضح سمية نعمان جسوس عالمة الاجتماع، وصاحبة أشهر مؤلف عن الجنسانية النسائية «بلا حشومة» هذه التغييرات المرتبطة بالمظاهر الخارجية للغنى أصبح لها تأثير على الاختيارات لكن العنصر الواضح في زيجات 2025 هو أن الجوانب المادية أصبحت الأهم، معطى توصي سمية نعمان بقراءته سلبا وايجابا .