متغيرات كثيرة طرأت على العلاقات الزواجية، فضاءات ومساحات جديدة للتعارف، قيم، تمثلات ونماذج جديدة للزوج ة المثالية،في صيرورة التغيير ماهي أبرز المعطيات التي يمكن رصدها كمحددة للتغيير ؟
يمكن التركيز في ملامح التغيير على التغيير الموجود في البروفايل النسائي، أكثر من بروفايل الرجل.
يفكر الشباب عموما بالزواج، الشابات أكثر لأنهن يحلمن بالزواج المثالي من الأمير الوسيم اللطيف…يرتبط ذلك بالمجتمع الذي يكرس قناعات لدى الفتاة من قبيل أن الزواج هو وجاهة اجتماعية، وفي التمثلات المختلفة بل المتقابلة حول الزواج لدى الفتاة ولدى الشاب، إذ يصبح الزواج بالنسبة للفتاة هو بداية الحرية، بداية الحلم، بداية الرفاهية، الحب، السفر … ثم بداية الفكاك من القيود التي تمارسها العائلة أو الأسرة الصغيرة على الفتاة.
في المقابل نلاحظ في التمثلات التي يكرسها المجتمع لدى الشاب، ان الزواج يرتبط بنهاية : نهاية الحرية (تجمع رجليك، دير عقلك، خاصك امراة تجمعك..)
يلتقي الشاب والشابة حول الزواج بتمثلات مختلفة، طرف يستبطن نهاية المغامرة والحرية وطرف ينتظر بداية كل شيء، هذا يعني ان التربية لا تقوم على الانسجام وتقريب المفاهيم بين رجل وامرأة يلتقيان في نطاق الزواج.
هناك نوع من الارتباك أيضا لدى الشاب المغربي (تالف)، هناك عدم ثقة وحذر من الزواج، ونوع من الخوف من الفتاة المغربية اليوم، مع أفكار واعتقادات (انها ماصباراش، كتافها سخان خاصة إذا كانت موظفة ولديها مدخول مادي)، فالنظرة اللي يحملها الشاب عن الزوجة المثالية لا تكون دائما متوافقة و ايجابية تجاه ما تعيشه وتعبر عنه فتاة اليوم ( المرأة تغيرت، تتحكم فيا، فين مشيتي فين جيتي)، هذا الارتباك مرده أن الشاب المغربي يحلم بزواج يجعله محتفظا بامتيازات العزوبية، وبنفس الوقت يستفيد من كل ايجابيات الزواج لكن دون قبول أي نوع من الاكراهات، فهو يرغب في امرأة عصرية لها مدخول مادي ولكنه لا يتحمل هذه المرأة العصرية حين تقاسمه القرارات وترغب في نوع من الحرية.
هناك الكثير من التقابلات التي تمكننا من رصد عدم وضوح النموذج المرغوب في الزواج، هناك الشاب الذي يرغب ان تكون الزوجة صورة عن أمه وأخواته، وهناك الرجل الذي يتزوج المرأة ويطلب منها إنهاء علاقتها مع صديقاتها مثلا، في نوع من القطيعة التي تكشف عن رغبته في صياغتها من جديد، يمكن للزوجة أن تمثتل تحت تأثير مشاعر الحب والتضحية وجدة الزواج ، لكن بعد فترة البدايات تتغير الأمور فتبحث المرأة عن وجودها وكينونتها في الحياة التي تقتسمها مع الزوج.
الجانب المادي هل هو حانب مهم في تغيير موازين العلاقات الزواجية اليوم ؟
يكشف الواقع اليوم أن المغربيات لهن متطلبات مادية كثيرة وهذا واقع يجب أن يثار، الفتاة تنتظر من الزوج مصاريف قد تفوق قدرته تحت ضغط انتشار مظاهر اللوكس والرفاهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي …هذا ليس معطى جديدا لكنه اليوم يبرز بحدة أكثر مع اتساع الخدمات المرتبطة بالاعراس والزواج مثلا : قاعات الحفلات، تنسيق الورود، شهر العسل.. إلخ
تبحث المرأة اليوم عن رجل بمستوى اقتصادي معين، يؤمن لها الجانب المادي لأنها تتبنى نموذجا للزواج يتوافق مع النموذج الإنستغرامي، ومقابل ذلك يبحث الشاب أيضا عن امرأة تساعده ماديا.
يمكننا فهم ذلك أيضا في سياق التغييرات السوسيواقتصادية، فالحاجيات كثرت وتنوعت، وبعد أن كان الرجل ينفق على الأكل والشرب (وجوج لبسات في العام في العيد).
اليوم مع التواصل الاجتماعي لم تعد الحاجيات هي الأساسيات، بل دخلنا في سلسلة من الكماليات الضرورية للاستعراض .هذه التغييرات المرتبطة بالمظاهر الخارجية للغنى الرفاهية أصبح لها تأثير على الاختيارات.
هل تحدد هذه المعطيات اختيارات الشابة فقط ؟
المرأة اصبحت أكثر تطلبا، وإذا أرادت الرفاهية فهي مجبرة على المشاركة المادية مع الرجل، وهو ما يبدو معقولا .
المرأة المغربية لا تزال تعيش نوعا من المفارقة، ومثل الرجل الذي يرغب في زوجة عصرية، لكنه في البيت يريدها أن تصبح تقليدية، فهي أيضا تنتج هذه المفارقة، فهي عصرية وترغب في الارتباط بزوج عصري ولكنها في نفس الوقت ترغب في زوج «يصرف عليها» مثل المرأة التقليدية . لكن هذا لا ينبغي أن ينسينا أن هناك اليوم عددا كبيرا من النساء يعلن رجالا بدون عمل .
هل هناك تغير في القيم التي تؤطّر الزواج وتؤثر على الاختيارات أم أن مفهوم القيم في حد ذاته تغير ؟
في الماضي كانت الأسر هي من يحدد هذه القيم يسألون عن الزوج وعائلته، عن الشرف عن الاحترام والالتزام والاخلاق ..
اليوم اصبح الشباب يختارون لأنفسهم بالتالي، وتقلصت نسبة الزواج المتوافق حوله (ولد الخال ولد الجيران..) الفتاة اصبح لديها متطلبات قيم وشروط، حول الزوج المثالي الذي يحبها ويحترمها ويعبر عن حبه، لم تعد القيم مقننة من طرف المجتمع بل أصبحت فردية.
بدون تعميم، الفتيات اليوم متأثرات بمحتوى الشبكات الاجتماعية، هناك بحث عن الوضعية الاجتماعية للرجل، المال على رأس الأولويات وقد يغطي على قيم اخرى فلا يهم بالنسبة للبعض أن يكون متقدما في السن أو مطلقا أو متزوجا.
مع الاستهلاك الكبير لوسائل التواصل هناك أيضا مسارات اخرى للتعارف والزواج، كيف تقرئين هذه الظواهر ؟
نحن في عصر التواصل لكن بما ان الأسر هي نووية في الغالب، وهناك انشغالات كثيرة لا تسمح للأسر بالاجتماع كما كان يحدث سابقا في العائلة الكبيرة.
معدل سن الزواج للفتاة هو 27 وللفتى 32سنة، تلجأ الفتاة والشاب لأي وسيلة أخرى تبدو معقولة للارتباط مثل الوكالات، أو المنصات الافتراضية
التحولات التي نعيش هي ما خلقت هذا العرض، هناك طلب والفقيه أو الوكالة والتطبيقات خلقتها التحولات بعدما كانت «الدلالة» في وقت سابق هي من يتكفل بهذه المهمة في المدن العتيقة .
بدأت التحولات فيما يخص الزواج قبل سنوات من اليوم، لكن إذا اردنا توصيف تطورات وضعية الزواج في مغرب اليوم هل لدينا نموذج ما ؟ هل هو نموذج لم ينضج بعد ؟ أم ان الأمر يتعلق بتجربة شخصية كل يبنيها حسب رؤيته ؟
ليست هناك مواصفات أو نماذج محددة كليا، لكن العنصر الواضح هو أن الجوانب المادية اصبحت هي الأهم، و يجب أن نقرا ذلك سلبيا وايجابيا .
فالرجل الذي يسأل شابا جاء للارتباط بابنته عن عمله وقدرته على الزواج ، (لان الزواج ليس مغامرة) هو أمر مفهوم، لكن هناك حاجيات اخرى جعلت الماديات تصبح في الصدارة هي معقولة أحيانا لكن احيانا أخرى تكون مبالغ فيها .وقد تسبب النزاعات وبعدها الانفصال .
البعد الجغرافي الى أي درجة يمكننا من قياس التغيير، فالزواج في البادية ليس هو في المدن، مع هذا الانفتاح هل هناك نموذج موحد ؟
يمكن أن نعتمد على فكرة الحلم. حلم الفتاة في الجبل يشبه حلم فتاة في الدار البيضاء، قبل اليوم كانت التقاليد تضغط على الفتاة والشاب أيضا، اليوم تمنح الانترنيت مساحة وإمكانية الحلم للفتاة والفتى، مع التواصل الاجتماعي ونماذج الافلام التركية، الكورية… في البادية تحلم الشابة بشاب متعلم يعيش في المدينة ويملك سيارة ويسافر بها.
نفس الشئ تعبر عنه الفتاة في الدار البيضاء، قد لا يتحقق الحلم، وقد تتزوج الفتاة من قبيلتها ودوارها، لكن المسألة نسبية لهما معا، لكن الأساسي هو حلم الرفاهية للنموذجين معا.