أزواج في "حريرة" رمضان

يزداد ضغط الحياة في شهر رمضان بشكل يتطلب جهدا مضاعفا، وإدارة فعالة وتنظيما محكما للوقت تفاديا لأي إيقاع قد يؤثر على العلاقة الزوجية بشكل سلبي، وعندما يكون هناك توافق في بداية العلاقة الزوجية، وترتيب وتنظيم وتخطيط لها بما يرضي الطرفين، فإن السقوط في المنطق الذي يكرس النمطية التقليدية التي تطغى على العلاقة بشكل أو بآخر لا يجد له موقعا بين الأزواج في رمضان. فأين وصلت طبيعة العلاقة التي تربط الأزواج في شهر الصيام؟ وهل تجاوزت كل تلك الخلافات والصراعات التي تخترق الجدران أحيانا ؟ أم رفع الأزواج شعار رمضان بدون مشاكل؟

المعادلة الصعبة

مفارقات غريبة تحكم العلاقة الزوجية خلال شهر رمضان، وتفتح الباب على مصراعيه للعديد من التساؤلات : هل أصبح الأكل هو مشكل الأزواج ؟ وهل واجب المسؤولية يقع على المرأة دون الزوج؟ وهل الزوجة مطالبة بتقديم مجموعة من التنازلات لإرضاء زوجها، وقيادة سفينة رمضان إلى الأمان بعيدا عن عصبية الزوج وإكراهات الحياة اليومية ؟ وهل دور الزوج ينحصر في دفع المصاريف كما يرى البعض أم التنصل من كل الواجبات تحت حجة أنه صائم؟

هذه هي الحقيقة، تقول نوال، مهندسة، “فبحكم ابتعاد مقر عملي عن المدينة التي أسكن بها، أصبحت عادة أن أستفيد من عطلتي السنوية في شهر رمضان للتخفيف من أعباء السفر يوميا، لأن قصر المدة التي تفصلني عن أذان المغرب مقابل الكم الهائل من الأشغال التي يتوجب علي القيام بها لا تدع لي فرصة لضياع الوقت، لكن لا أنفي أن إجازتي هذه هي مرادف للتعب المضاعف، وحسب تقديراتي الشخصية، فالعبء الذي أجده يحاصرني من كل جانب خاصة في رمضان لا أشعر به سائر أيام السنة، فالواجبات تتضاعف والالتزامات تزيد بين التسوق والاهتمام بالأطفال، وتحضير وجبة الفطور والعشاء وتنظيف البيت واستقبال الضيوف والقيام بواجباتي الدينية والزيارات المتبادلة، ولا أجد لنفسي فرصة للاستمتاع حتى بالمسلسلات التلفزيونية. فإيقاع حياتي اليومي يتحول إلى جو مليء بالتوتر، لا أسمع فيه إلا حديث الزوج عن الأكل والطبيخ دون أن يكلف نفسه عناء مد يد المساعدة بحجة أنه صائم، فبين تصرفاته التي يغلب عليها طابع النكير، وبين الضغط النفسي الذي يرتبط بإعداد الأطعمة، يصعب علي تحقيق معادلة تلبية كل المتطلبات.

تقاسم الأدوار

يغيب عن ثقافة كثير من الأزواج أن شهر رمضان شهر مودة ورحمة، وتحمل فكرة تقاسم الأعباء، وأن تقديم بعض المساعدات هو أسلوب راق لحماية العلاقة الزوجية من الوقوع في تطاحنات رمضانية. تقول حياة : “في كثير من الأحيان يؤذن المؤذن لصلاة المغرب، وأنا لم أنته بعد من تحضير الوجبات. التعب مضاعف وتلبية كل متطلبات البيت ليست بالأمر الهين، ولا أنكر أن وضعي في البيت يتغير في رمضان من زوجة إلى خادمة إلى مربية عليها تقديم التضحيات لإرضاء الزوج الذي يرى أن رمضان هو مسؤولية نسائية بامتياز، وواجب يتطلب تقسيم الأدوار، فكل ما يخص البيت من الداخل هو من نصيبي، وكل ما يرتبط بالمسؤوليات الخارجية هو من نصيبه، وليس من حقي طلب المزيد أو إبداء أي شكوى أو احتجاج. للأسف يحز في نفسي أن أعيش هذا التقلب المفاجئ خلال هذا الشهر بالذات، وأن أقضي معظم وقتي في المطبخ كآلة مهمتها العمل دون ملل أو كلل”.

قنابل موقوتة

إثقال كاهل طرف دون آخر بمجموعة من المسؤوليات دون تقاسم للأدوار أو لجزء بسيط منها أو التخفيف من حدتها ولو في هذا الشهر بالذات، هي ثقافة معظم الأزواج الذين يغالون في القول أن موقع المرأة هو المطبخ مهما كان نوع عملها، ولا مجال للتنازل عن هذا المطلب، وكأن حياة الأزواج في رمضان لا تنحصر في أي شيء سوى المطبخ. ففي جو أسري تطغى فيه أنانية الزوج تأخذ العلاقة بين الزوجين نصيبها من التوتر هي الأخرى، وبين شد وجذب يصعب التحكم في الخلافات الزوجية التي تسيطر عليها العصبية الزائدة بحجة الصيام، والشجارات بسبب تأخر الإفطار أو الخلاف حول الميزانية بسبب العزومات الزائدة، وفي أحيان أخرى خناقة على اختيار هذا المسلسل أو ذاك. هذه المشاكل من الصعب أن ينفي كل الأزواج أن صداها لا يرتطم بجدران بيت الزوجية. عبد الباسط، تاجر، واحد من الأزواج الذين ترهقهم زوجاتهم بمطالب لا تنتهي في هذا الشهر، يقول: “من الأمور التي لا تراعيها زوجتي ولا تحرص عليها وعلى ضبطها هي ميزانية شهر رمضان، فلا حساب لديها لإمكاناتي المادية، تتحول في رمضان من امرأة منتجة إلى مستهلكة، فزوارها وصديقاتها كثر، ناهيك عن دعوات أسرتها التي تفاجئني بها على مأدبة الإفطار بحجة أن تقديم الولائم هي عادة عند الأسرة لا يمكن التخلي عنها، وهذا يؤثر على علاقتنا بشكل كبير، ولا تستطيع زوجتي استيعابه بشكل جيد. المفترض أن تقل معدلات الاستهلاك والإنفاق خلال هذا الشهر الكريم ولكن ما يحدث عكس ذلك تماما”.

سيناريو يتكرر

تضعنا مآسي بعض النساء اللواتي يبحثن عن الأمان خلال هذا الشهر الذي يحوله الأزواج من نعمة إلى نقمة عليهن، أمام سؤال : من المسؤول عن هذا الوضع ؟ وهل أقرب طريق للتعايش بسلام مع الزوج خلال رمضان هو معدته؟ بالتأكيد أن مقولة أقرب طريق إلى قلب الرجل معدته التي تداولتها الجدات وظلت تلوكها الألسنة إلى يومنا هذا، ليست صحيحة مائة بالمائة، على الأقل خلال رمضان، لأن هناك زوجات حاولن جاهدات إرضاء نهم أزواجهن لكن دون فائدة ترجى.

قد يكون هناك تقدير واحترام حاضر طول السنة، لكنه يغيب في مواقف تعيشها الزوجة خلال رمضان، وتنعكس عليها نفسيا، إذ نجد في بعض العلاقات الزوجة تتحامل على نفسها ولا ترغب في تفجير الوضع مع الزوج اعتبارا لمجموعة من الأشياء منها الأبناء، ومنها أنها في شهر ذي طابع ديني لا يجب تفجير المواقف فيه. غير أنه مادامت هناك استمرارية لهذه الممارسات، ولهذا التباين في المواقف، تبقى العلاقة الزوجية محط أسئلة : فهل فعلا وصل اعتراف الزوج بزوجته كامرأة وكإنسان ؟ المسألة غير واضحة مادام الزوج يرغب في المحافظة على الأدوار التقليدية بالنسبة للأعمال المنزلية، فإذا لم نرغب في اقسام المهام على الأقل ننتقل إلى تقاسم الأدوار.

 

غادرنا المكان ولم تغادره أرواحنا ..إنها غزة ... لقد أجبرتنا حرب الابادة التى ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلى على تجرع المزيد من الحسرة والألم ..
عبرت الممثلة المصرية يسرا عن سعادتها بحضور فعاليات الدورة الواحدة والعشرين من مهرجان مراكش، بعد فترة غياب عنه، كما أشارت إلى التراكم والسمعة الدولية التي حققها المهرجان، وأهميته في ترويج صورة حقيقية للثقافة والواقع العربي.
"MAMMIA" تُحدث نقلة نوعية في حياة الأمهات المغربيات بإطلاق مضخة الثدي اللاسلكية.