التجديد في العلاقة الزوجية هرمون استمرارها بطاقات نفسية متجددة، البعض فقد بوصلته نحوه، والآخرون يرسمون خطة الطريق في اتجاهه دون شحن بطاريات البدء بخطوة الألف ميل، فيما الغالبية دون وعي بأن رئتي الزواج تختنق من دون تنفس هوائه. و بين كل هؤلاء، زيجات تفتح دفتر حياة جديدة مع كل سنة جديدة.
غياب المتعة.. ملل في العلاقة
بين الوعي بشيء ما، والقيام بخطوات في اتجاه تغييره أو ترميمه يكمن مربط الفرس. الخبراء يلحون على أن الوعي بالوضعية هو الذي يحفز على التفاعل معها إيجابا أو سلبا، إذ لا يمكن المبادرة بخطوة ما في غياب الإيمان بأهميتها في الانتقال من وضع لآخر. لذلك تؤكد الأخصائية النفسية سعيدة بن كيران، على أن نفسيتنا تتحرك بالحوافز، وبمجرد ما يكون الحافز والمتعة في حالة عطالة يحدث ضغط نفسي. فالواجب يضغط على النفس، وهو ما يتسبب في الاكتئاب كرد فعل على غياب فعل ابتكار نموذج حياة مختلف عما اعتدناه، لذلك تظهر على بعض الزيجات ما يعرف بالأمراض النفس جسدية، حيث الأعطاب الجسدية هي نتاج عوامل نفسية، يتحدث عنها الجسد كمعانات ونواقص، من هنا تلح سعيدة بن كيران، على أن كل تجدد في العلاقة الزوجية يضمن حمايتها من الاضطرابات النفس جسدية، التي لها علاقة بالروتين وتكرار ذات الإيقاع، ونفس الأجواء والبرامج.
التجديد ثقافة
لا يمكن استسهال حالة التذمر النفسي التي تأتي نتيجة أسلوب حياة متكرر متعب وبعيد عن أية جاذبية تحقق اللذة للذات، كما يصبح من الصعب دخول مرحلة إنعاش نظام حياة العلاقة في الحالة التي تستجدي فيه الاستعجال. هكذا تقول الدكتورة سعيدة بن كيران، إذ التجديد ينبغي أن يتحول إلى ثقافة وأسلوب عيش. خلاله لا يتم فقط شحن المشاعر والطاقات الداخلية بمصدر مقاومتها للسلبيات، لكن أيضا تتطور معها أساليب تطوير الحياة الزوجية بعيدا عن روتينيات اليومي.
ضياع
ليست النساء وحدهن من تبلغ بهن وضعية الملل بوابة الصرخة “بغيت نغير حياتي”، بل إن الرجال أيضا قد تصبح اللاجودة في حياتهم الزوجية مصدرا لتلك الصرخة. مراد 30 سنة، متزوج منذ ثلاث سنوات، تعاظمت في داخله كل الاستفزازات وهو يجبر في كل يوم لمجاراة عادات زوجته الثقيلة، هي “مبلية” بالسهر مع صديقاتها يوميا، ومداومة على الوجبات السريعة في المطاعم بشكل يجعله يشكك في انتقاله من العزوبية إلى الزواج. إذ لا يجمع بينها وبينه إلا غرفة النوم، فيما كل الأوقات المتبقية يشاركهما تفاصيلها شلة أصدقائها. وضعية لم تنته مع إنجابهما لمرتين، بل إن انتظامها على جلسة الأصدقاء جعل الذنب يتعاظم داخله كلما شعر بأن العلاقة الابوية والأمومية بابنيهما تنقصها المسؤولية والإحساس. “لم تكن الروابط العاطفية بيننا ما ينقص، فقد تزوجنا عن حب، وجمعتنا نفس شلة الأصدقاء الذين صاروا في قلب نظام حياتنا. لم يكن الوضع يضايقني، لكن مع الوقت صرت منزعجا إلى حد الإحساس بالضياع، لذلك عندما أبديت رغبتي في تغيير حياتنا التي كان مركزها علاقات مفتوحة على الأصدقاء، صارت الخلافات المغزل الوحيد الذي تغزل به علاقتنا الزوجية يوميا”.
فن إدارة الخلافات
بإصرار كبير على ضرورة أن تكون للزيجات مهارة في فن إدارة أزمات العلاقة، ترهن سعيدة بن كيران كل تجديد وتغيير تحتاجه الحياة الزوجية بإرادة سحب الحياة المشتركة إلى ورش الاشتغال على تفاصيلها. المهمة ليست مرهونة بوضع حرج فيها فقط، بل هو أسلوب حياة ينبغي تعلمه لتطبيقه بمرونة كبيرة.
نعيمة الحاجي
