أنا وراجلي… لا علاقة

«الاختلاف لا يفسد للود قضية » وفي« الاختلاف رحمة » هكذا علمتنا حكم الأوائل من منطلق الغنى الذي يبعد ملل التطابق والتوافق في كل شيء، لكن حين يصبح التعايش الزوجي من داخل الاختلاف نشازا يقدم صورة مركبة لعلاقة غير منسجمة شكلا هو واقع ،« أنا وراجلي لا علاقة » : ومضمونا، نبلغ الاعتراف القاسي زيجات قد تعيشه بصمت أو بعقد، وقد ينتهي تحت التبرير المقنع : أنا من الزهرة، وهو « هي»  من المريخ.

بينها وبينه تفاصيل كثيرة من أغنية حسن المغربي “لا علاقة” حيث الحياة بينهما مجرد “كادر” تغيب عن جزئياته كل إكسسوارات التناغم الذي يستعجل التعليق العامي “مواتيين”، هكذا هي حياة الكثيرين ممن قد تقدم الصورة المجملة خارجيا ما يعكس أنه ظلها وأنها ظله، لكن سرعان ما تتلاشى عندما تفضح روحهما ووسطهما ومستواهما وشكلهما ما يعجل التعليق النقيض “لا علاقة”.

نفاق التوافق

من خلف كل المساحيق التي تحرص على أن لا تفقد بريقها المصنع أمام المحيط القريب والبعيد، تعيش التنافر الكلي بين الصورة التي تصدرها عن نصفها الثاني وصورة الحقيقة، حيث الانسجام بينهما في مرتبة العدم. هي من سلالة المتخرجين بشهادة الدراسات العليا، وحريصة على تسويق بروفايل انتمائها للفئات المثقفة. تلك ملامح من شخصيتها التي لا تحيد عن تقديمها كهوية رسميعنها، وهو خانه مساره التعليمي لضمان قبعة الانتماء لنفس مستواها، فارق كان من الصعب بالنسبة لها تقدير أهميته حين بدأ التفكير في الزواج مضغوط ببداية قربها من سن الأربعين. كان ذلك عاملا فرض عليها الاستجابة لمنطق الأوائل “ضرب لحديد ما حدو سخون” مع أول فرصة. “لم أفكر في التفاصيل بما فيها عمله الذي لم يكن بالقيمة التي تجعلني أقدمه لأصدقائي بالتركيز على أنه المدير الفلاني أو حتى المتخرج من المعهد أو الجامعة الفلانية، إذ وسامته كانت مقدمة بالنسبة لي للقبول به في البداية، لكن مع مرور الوقت بدأ شعوري بالفارق على مستوى الأفكار يحرجني حتى في علاقتنا معا، كنت في السابق “أنظر” بأن طرفي العلاقة الزوجية لا ينبغي أن يكونا نسخة عن بعضهما البعض، وأن الاختلاف لحمة تجدد روابطهما بعيدا عن ملل التشابه، لكن في عمق التجربة وجدتني أتجنب ذكر اسمه حتى لا أسئل عن عمله الذي لا يعكس أي انسجام مع مجال عملي كونه يحيل في ذات الوقت على مستواه الذي لا يتجاوز الإعدادي، أكثر من هذه الصورة النشاز. “لا أجده مباليا بالفارق الذي لا يعنيه في شيء كون رجولته أكبر تعويض عن نواقصه كما يتعمد التلميح إلى ذلك، منطق قلب كل قناعاتي، كما جعلني يوميا في مواجهة نصفي الثاني البعيد كليا عن عالمي حين أكون مضطرة لمواكبة كل ما يحدث من حولي كون مستواي لا يسمح لي بأن أكون خارج التغطية، فيما هو لا يقدم ولا يؤخر عندما أفتح قوس نقاش ما، حيث لا يضيف لي شيئا”، تقول فريدة.

التعايش.. الاختناق
لدى المشتغلين بالحقل الاجتماعي، لا يشكل الاختلاف في الطباع حاجزا أمام تعايش الزوجين وإن كانت الاصطدامات أمرا طبيعيا كون بيئة طرفي العلاقة مختلفة. لكن الاختلاف في المستوى الفكري، بالشكل الذي يجعل أنفاس التعايش تبلغ الاختناق، هو حاجز حقيقي في وجه الانسجام المطلوب في العلاقة المشتركة، لذلك تضطر بعض الزيجات للاستمرار في الزواج من قلب الاختلاف فقط كتعاقد من أجل مصلحة معينة، قد يفرضها الأبناء أو الخوف من الانفصال، أو لوجود روابط عائلية قوية هي فوق مصلحة المعنيين. لكن الأكيد هو أن مصدر السعادة لا يصبح هو البيت بقدر ما يبحث كل طرف عن مجال تصريف نواقصه، وتعبئة احتياجاته الداخلية بطاقات مصدرها الخارج.

استحالة
يرى المهتم بالعلوم النفسية اللبناني جوهاد كال أنه “في كل المجتمعات سواء أكانت مغلقة أم منفتحة، الانسجام هو أساس من أسس الزواج الناجح، أكيد أن كلا من الزوجين له بعد ثقافي معين، وكلما تقاربا في اهتماماتهما المشتركة يكون التجاوب أفضل. لكن بنظره التوافق في كل الأمور هو أمر مستحيل، وهناك خطوط عريضة يجب التفاهم عليها، أما باقي الأمور فقد تكون مصدر إزعاج لكليهما. من بنات ذات الفكرة، يحكي مراد 37 ، سنة إطار في محافظة عقارية، عن تجربة زواج حملت كل التناقض بين انتمائه وانتمائها، هي القادمة من عالم الفن الشعبي الذي يختزلها في وصف “الشيخة”، وهو الذي تقدم مهمته المهنية ما يعكس النقيض الصارخ بين عقليتين ومستويين لا يمكن الاستهانة بهما في مسار العلاقة الزوجية، “كان حبا خارج المنطق والمعتاد بيني وبينها، يقول مراد، هي الفنانة الشعبية التي مازال لقبها عار في تقدير الغالبية “شيخة”، وأنا الإطار في محافظة عقارية بما يحيل عليه المنصب اجتماعيا وفكريا وحتى نفسيا. لكن بالنسبة لي لم يكن هذا الحاجز يلجم الشعور بالراحة المتبادلة بيننا، كان حبي لها مقدمة لتكسير كل النشاز الذي يرفضه المجتمع في زواج غير متكافئ، إذ الصورة “الأخلاقية” التي تقدمها فتاة الحفلات الليلية لا تناسب صورة خريج جامعي، وإطار مهني حتى ولو كنت أحضر حفلاتها، إذ الاتهام يسقط عني بحبي للفن، لكن الاتهام في نظرهم ثابت وغير مقبول إذا تجاوز عشقي لها الحدود ليصير عشقا لها من داخل بيت يجمعنا، لذلك ظل محيطي القريب وحتى محيط الأصدقاء يستبعد أن تكون العلاقة التي بيننا هي علاقة امرأة برجل في حالة بعيدة عن هستيرية الافتتان، هي تحبني وأنا كذلك، لكن من دون أية جاذبية وقبول في عيون الأسرة والعائلة تحديدا، إذ ظل حضورها داخل العلاقات المفتوحة على المحيط محملا باتهام حاد : “هي غير شيخة”، وهو الاتهام الذي لا يناسب رجل العلاقات المبنية على مستوى فكري ومهني راق، لذلك استحالت العشرة أمام نظرة مجتمع لزواج بكفتين غير منسجمتين” يقول مراد. لا اختلاف في كون الانسجام لا يعني التوافق المطلق في الطباع والأفكار والمستوى الاجتماعي أو حتى التعليمي، بل هو القدرة على بلوغ صورة لا نشاز فيها من داخل الاختلاف نفسه، وهو في النهاية ما يقدم للعلاقة المشتركة غنى وتجدد يبعدانها عن رتابة العيش، وحتى الاصطدام الذي تحركه صعوبات التواجد في مسار مشترك.
هو هو وأنا غير
حنان 36 سنة، تحكي عن زواج بمركبات نقص متعددة، هي النشيطة التي تستخرج مصادر طاقاتها من حيويتها ورغبتها في التجدد اليومي، شخصية بطباع تبعدها مسافات عن الدم الإنجليزي الذي يسري في عروق زوجها، إذ الاختلاف بينهما يجعله في حياتها مجرد كائن جامد تغيب عنه الانفعالات والتفاعلات التي تفرضها المواقف عادة، “مللت بروده، تقول حنان، إذ كل شيء في حياته خاضع للتأجيل وعدم المبادرة، طبع يجعلني أشعر بأني أسبقه مسافات إلى حد الإحساس بغيابه،
إذ الإيقاع بيننا مختل وغير متوازن كليا حتى في التفاصيل التي قد تبدو صغيرة : ينام متأخرا أنام باكرا، يبدأ نهاره بعد منتصف النهار فيما أجدني ملء الحياة وأنا أستغل كل دقيقة في اليوم الجديد، أشياء من شخصيته تؤثر سلبا على تفاصيل أكثر عمقا في ترتيبات حياتنا معا التي يطبعها التأجيل في كل شيء. وضعية كنت أستجيب لها بانفعال كبير بلغ درجة تعمد إحراجه أمام العائلة في البداية، لكن بعد ذلك صرت مقتنعة بأن حياتي ليست متوقفة على طباعه التي أورثتها إياه بيئته ومحيطه، لذلك غيرت من طريقة تفاعلي مع ما كان يشكل لي حاجزا في البداية، وأنا أحدد برامجي اليومية بعيدا عن إيقاعه الثقيل إلى حد الإحساس بالتجاهل”. وكأنها تتلمذ على نصائح كتاب “الرجال من المريخ والنساء من الزهرة”، تصل حنان إلى قناعة تلزمها باحترام وتقبل الاختلاف لضمان الاستمرار في العلاقة الزوجية، وهي إحدى اللازمات التي تتكرر في الكتاب الذي وظف نسيان أهل الفضائين مجال انتمائهم المختلف، من أجل التواصل بطريقة تبقي لحمة الحميمية في كامل ندواتها، أسلوب أكثر تحضرا بمقاييس علماء الاجتماع، حيث الطباع هي نتاج تراكمات التربية ومحيط التنشئة، وأن التخلص منها بشكل شخصي أو بتدخل الشريك يبقى أمرا غير سهل.

دراسة الشريك المختلف

في خلاصة لدراسة أمريكية أثبتت أن الاختلاف في الطباع بين الأزواج واحدة من الأسباب الأساسية لنجاح الزواج، إذ التشابه والتماثل في الصفات الشخصية والحياتية يؤدي إلى الشعور بالملل والفتور تجاه الشريك الآخر، وقد شملت الدراسة عينات من الأشخاص الذين مر على زواجهم أكثر من 40 عاما، وهي طرحت على الزوج والزوجة كل على حدة، أسئلة خاصة دار أغلبها حول فترة الزواج، بما تضمنته علاقتهم الزوجية من مواقف صعبة حزينة سعيدة إلى غير ذلك، وقد تم استخلاص نتائج من بينها تفضيل معظم الأزواج للشريك المختلف عنهم في الطباع الشخصية، والذي تختلف نظرته للحياة عما يشابه نظراتهم لها. ولأن الكثير من الدراسات لا يمكن إسقاط نتائجها على كل المجتمعات أو اعتبارها مطلقة، تظل النسبية حكم قيمة ضروري عندما تكشف حالات أخرى عن قهر في استمرار العلاقة من داخل الاختلاف لا علاقة » في الطباع، إذ مؤشر في مستوى عال « بيني وبينو يستشرف الخاتمة البديهية : استحالة العيش، وهي الخاتمة الرجال من » التي تبقي كتاب في « المريخ والنساء من الزهرة رفوف اللامبالاة.

رأي الأخصائية فاطمة كتاني، أخصائية نفسية وعلاج أسري كوبل الاختلاف في الطباع قد يسبب انهيارالعلاقة الزوجية كما قد يعزز استمرارها

نساء من المغرب : لا علاقة عدم التوافق بين الزوجين، هل يحصل أن تستمر علاقة مع وجود الاختلاف ؟
إن استمرار العلاقة الزوجية ونجاحها مع وجود اختلاف في الطباع أو السلوك أو حتى في المستوى الفكري والاجتماعي، يرتبط بطبيعة الزيجة، وأيضا بالسياق الذي ولدت فيه العلاقة. إذ الرابط العاطفي قد يضمن الاستمرار، لكن نوعية هذا الاستمرار هو الذي ينبغي تقييمه. نحن نعرف أن وجود اثنين تحت سقف واحد لا يعني وجود انسجام وتوافق، كما لا يعني أن السقف المشترك دليل السعادة. فالكثير من الزيجات التي عمر زواجها تجاوز حتى الأربعين عاما تعيش انفصالا منذ البداية في أفكارها ومستواها وانتمائها الاجتماعي والمهني، بمعنى أن اللاعلاقة التي تتحدثون عنها هي في قمة الحضور، لكن مع ذلك هناك استمرار في ظل اللانسجام، والدليل أنه في مجتمعاتنا توجد زيجات طرف واحد فيها، وهي الزوجة في الغالب، تكون أمية، مع ذلك تستمر العشرة بين المتعلم والأمي بالرغم مما تطرحه العلاقة من تفاصيل بين جاهل وواعي.

سيلين ديون تصل إلى العاصمة الفرنسية باريس، استعدادًا لمشاركتها في افتتاح أولمبياد 2024.
حققت اللاعبة الدولية المغربية فاطمة تاغناوت حلمًا طال انتظاره بانضمامها إلى نادي إشبيلية الإسباني للسيدات، لتصبح أول لاعبة مغربية ترتدي قميص النادي الأندلسي.
قالت مصادر مُطلعة على الوضع، أن بيلا حديد استعانت بمحامين ضد شركة أديداس بسبب افتقارها إلى المساءلة العامة، وذكرت أنها تشعر أنهم قادوا ضدها حملة قاسية ومدمرة.