اقطف يومك…

منذ سنوات وجارنا يحلم بحب كبير جدا، وفي كل مرة تزهر في حياته امرأة جديدة يرى بأن القادمة هي المؤرقة لنومه. ولذا قضى حياته جالسا فوق كرسي يحلم دون أن يحب، ويدخن سيجارته الواحدة تلو الأخرى وكأنه ينسج في خيوطها رداء للمرأة الفاتنة، الفتية، المدثرة في الحرير. لكنه انتهى ذات صباح في بيته بعد أن تجاوز الخمسين، مات جالسا على مائدة إفطاره وهو يحلم.
لا يمتلك أي إنسان في هذا العالم زمنه، ولكنه يستطيع أن يؤثث هذا الزمن. فالكثير من الأشخاص يحلمون بأشياء كثيرة دون أن يعيشوها، ويقضون أيامهم وهم يعدون أصابعهم في كل الأوقات، حتى لا تنضاف إليها أصابع أخرى غريبة، تأتي لتقض مضجع طمأنينتهم العادية. ويبدو الحب تعيسا في هذا الأمر، فأغلبهم يريد أن يعيشه لكنه يخشاه، لأنه سر غريب. ولأنه كذلك، يرتبط لدى الأفراد بفزع عوض أن يتحول إلى فرح، فالكل يخشى زوال الفرح، وقديما قال هوراس : اقطف يومك. ذلك لأن اليوم يزول، ويتلاشى وقد لا يعقبه يوم آخر.
يبدو الحب غريبا، وغير مريح للعلاقات الانسانية، وقد كان كذلك منذ الأزل. ربما لم تكن  تصلنا شظاياه لأن العالم الآن أصبح ينكمش أكثر، ورغم ذلك يعشق الناس حكايات الحب ويطربون لسماعها. لكنهم لا يستطيعون أن يكونوا أبطالها الحقيقيين، بل يفضلون أن يكونوا أبطالا حالمين. يستيقظون كل صباح على قهوة جديدة، وستائر من الدانتيلا الحمراء، وأشعة شمس غريبة تمنحهم القلق الآسر للرجفة الأولى، وهي تكتشف السر الجديد للجسد، وهو يتفتح لأول مرة. وعوض أن يعشق شخص ما شخصا واحدا، أصبح غارقا في العديد من الأشخاص الذين يحققون له متعته اليقظة، وشهوته الدائمة. ويرتبط الحب لدى العديد من الرجال  بالكلام الجميل الذي يؤدي إلى السرير، ويتلاشى كما ينكمش العضو لحظة خروجه من السر، وكأنه يصاب بالحسرة لأنه حقق كل ما كان يصبو إليه، فينزوي كارها كل المقدمات التي كان يرتبها قبل الاضطراب الآسر. ويبدو الكلام في هذه اللحظات مثل قاموس خائن، يحفل كل مرة بنشوة جديدة، تحقق له صبوته، لكنه ينتهي فور السيلان الأنفي ويشفى من الزكام العابر.
من الأكيد حسب النظريات القديمة للفلسفة والنفس، أن الانسان الذي لا يستمتع، يصنع المرض الذي يضنيه. لكن صانع كلامه من أجل شهوته أيضا، يصنع سقما آخر. فهو في كل يوم محمل برغبات جديدة سرعان ما تنتهي ليجد نفسه أمام رغبات أخرى، ترتب سرير أفكاره، وكأنه ساكن في المؤسسة وهارب منها. ولذا يكذب العديد من الرجال على العديد من الفتيات، مستغلين ضعفهن المادي، ويفاعة عقولهن، للزج بهن في مغامرات تكبرهن سنا. وتنام الفتيات في أحلام جميلة، تشبه مسلسلات يعرضها التلفاز، لكنها لا تشبهها في النهاية، إذ لا تبدو النهاية سعيدة بالمرة. ويرغب الرجل بعد كل مغامرة دامية صغيرة في العودة إلى المسكن الرسمي، حتى ينتظم الخط، وبعدها يعود باحثا عن موجة جديدة.
ولكن لماذا هو الحب يتيم الأبوين، سرعان ما يبحث عن ملجأ؟ لماذا هو عابر، رغم أن الابداع اكتوى بلهيبه، وخط من دورانه العديد من الأشعار والألحان واللوحات والمنحوتات والآثار ؟ هل كان المبدعون يحلمون هم أيضا ولا يعيشون ؟
لا يبدو الأمر كذلك، يتحقق الحب في كثير من الأحيان، لكنه يذوب مع الزمن، أو يتحول إلى قدر صامت، وكأن الإنسان يفضل عدم عيش احتراق ألفاظه، بل يزج بها في فرن آخر أكثر اشتعالا، وهو فرن الرغبة العابرة الوقتية التي لا تعذب الجسد. ولذا تبدو الرغبة بديلا للحب، وليس انصهارا معه، حتى لو انصهرت معه تفضل الصمت عن الكلام. ولذا تبدو الأشعار الكبيرة التي قيلت في الحب هي الأخرى منذورة للزوال، فنجد العديد من المبدعين الذين أخلصوا في الشعر لم يخلصوا في الواقع للحب، بل تحدثوا عنه بقدسية كبيرة دون أن يعيشوه على هذا النحو. وصاحبنا جيمس جويس وغيره كثر، كان هوائيا محبا للعديد من النساء وبائعات الهوى، ومع ذلك نجد شعره ينبض بالحب كما نجد في ديوانه «موسيقى الحجرة»، يقول :«ليتني في ذاك القلب أبدا/ (سأدق بخفة وأناشدها بخفة !)/ حيث السلام وحده من نصيبي./ ويصير الزهد أعذب/ لو أني في ذاك القلب أبدا».
يرغب الانسان عيش الحب إلى الأبد، ويخشاه في نفس الآن، ويستعذب قصصا حالمة دون أن تحرق أصابعه. والكل أعجب بحب عمر الشريف لفاتن، الذي لم يخب رغم الفراق، والحب عذب يتوالد ويحرق، فكيف سندفىء أيدينا دون احتراق ؟
لا أظن الدفء سيكون دون ذاكرة… ! لا أظن العشق يمضي مثل الهواء… !

لطيفة لبصير

سيلين ديون تصل إلى العاصمة الفرنسية باريس، استعدادًا لمشاركتها في افتتاح أولمبياد 2024.
حققت اللاعبة الدولية المغربية فاطمة تاغناوت حلمًا طال انتظاره بانضمامها إلى نادي إشبيلية الإسباني للسيدات، لتصبح أول لاعبة مغربية ترتدي قميص النادي الأندلسي.
قالت مصادر مُطلعة على الوضع، أن بيلا حديد استعانت بمحامين ضد شركة أديداس بسبب افتقارها إلى المساءلة العامة، وذكرت أنها تشعر أنهم قادوا ضدها حملة قاسية ومدمرة.