الإرث إلى الواجهة

الإرث حلله الله، لكنه مجال صراع بامتياز، بين أفراد العائلة الصغيرة والممتدة، ونادرا ما نسمع عن تسوية ميراث دون شد وجذب. يبدو الأمر أشد تعقيدا، حين يتعلق الأمر بالمرأة والميراث،… إذ يختلط فيه القانون بالتقاليد، الديني بالدنيوي، بالقيمي ما يفسر الضجة التي أثارتها الدعوة إلى إعادة النظر في أحكام الإرث لكي تكون أكثر إنصافا للنساء.

على إيقاع ساخن عاد النقاش حول الإرث للواجهة، وفتح نقاش عمومي حول التوازن بين الأحكام المنصوص عليها في الإرث، وبين المقاصد والظروف المحيطة بها، مقابل أصوات للتنديد بل وحتى تكفير من يدعو إلى نقاش ما لا يناقش «الإرث». المساواة في الإرث بناء على التغيرات التي عرفتها الأسرة، وظروف العيش ثم الاجتهاد في أحكام التعصيب، مطالب رفعتها الجمعيات في غير مناسبة فيما يحتمي رجال الدين بقطعية النص والأحكام المتعلقة بالإرث، مؤكدين أن المرأة كثيرا ما ترث أكثر من الرجل أو ترث مقدارا مساويا له. مطلب المساواة رفعته الجمعيات، بالنظر للسياق الحالي، كما دافعت عن مطلب تعديل بعض أحكام التعصيب، ارتكازا على حالات اجتماعية كثيرة ومشاكل تواجهها الأسر خصوصا التي لم تنجب إلا البنات، حين يأتي الأعمام أو أبناء العمومة أو غيرهم من أقارب الوالدين البعيدين على مستوى القرابة وصلة الرحم، ليقاسموهم كل شيء ويتسببوا في معاناة كبيرة باسم الشرع.

المرأة والإرث مجال صراع يلتقي فيها القيمي بالدنيوي القانون بالتقاليد لذلك يبدو ضمن دائرة المتوقع الضجة التي أثارها النقاش حول أحكام الإرث كي تكون أكثر إنصافا وتستوعب المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية. بين العرف القانون والشرع حكايات حرمان وظلم للمرأة من أقاربها ولدى كل أسرة حكاية مع الإرث قدمت فيها حقوق النساء قربانا لاستمرار أحكام وتقاليد مرعية.

العرف سيد القانون والشرع
بإبتسامة يرد رجل تعليم على سؤالنا عن مشاكل الإرث التي تواجهها النساء «إنه أبسط شيء تواجهه المرأة خصوصا في البادية، إذ يدخل حرمان المرأة من الميراث ضمن حالات لا مجال لحصرها في كل عائلة، أن المرأة هناك لا تطالب بالإرث «حقها»، قياسا على ما سبقها من الحالات كما أن الأرض موروثة من جد لجد، وفي ميراث الأرض خصوصا يسود منطق القبيلة على منطق الحق. حرمان النساء من الميراث بصوره المختلفة هو من المشاكل المنتشرة في معظم مناطق المغرب بالرغم من حصولهن على حقهن في الميراث بمقتضى الشرع إلا أنهن لا يحصلن عليه في الواقع ولا يمارسن حقهن في التحكم بأمورهن المالية دون وصاية. تظلم النساء حين يتعلق الأمر بالميراث أيضا، لكن من يظلمها الشرع أو القانون أو التقاليد، أن التقاليد تظلم المرأة أكثر.
أحيانا لا تأخذ المرأة حتى النصف أو السدس الذي ضمنه لها الشرع، وكلما كانت وريثة كلما واجهتها التقاليد في بعض المناطق تسير الأمور بشكل عادي وتتملك المرأة إرثها وهناك مناطق لا تعتبره حقا لأنها ستقتسمه مع زوج أجنبي عن العائلة، بالتالي عليها أن تتنازل عن حقها، وهناك مناطق لا تستطيع المرأة المطالبة بإرثها أصلا، ليس لأن عائلتها طلبت ذلك لكن، لأنها تخشى العرف الذي يقول أن المرأة إذا خرجت من القبيلة وتزوجت، لا يجب أن تطالب بالإرث وإذا فعلت ذلك تكون سبة في حق العائلة لا تستطيع المرأة لذلك المطالبة بالميراث وحين يكبر أبناؤها قد يرفضون هذا المنطق خاصة إذا كانت هناك فروقات في المستوى الاقتصادي. في عملية اقتسام التركة كيفما كانت الصيغة تواجه البنات باعتراض الذكور على مطالبتهن بنصيبهن وقد يطالبون الوارثة بإثبات صفة التملك، التي قد يتعذر وجودها فعليا أو يتم إخفاؤها كإعلان عن بداية منازعات قد تصل للقضاء الذي يطلب الإثبات.

حكمة السياق
بصمت المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية كثيرا واقع الحال وانتفت المسؤولية الكاملة للرجل في الإنفاق مقابل مساهمة النساء بقوة الواقع في بناء الأسرة هذا يفترض نظرة جديدة ومنصفة لتوزيع الإرث. لقد أشارت مدونة الأسرة إلى أن النفقة لم تعد مسؤولية الرجل وحده، بل مسؤولية مشتركة إذ تنص المادة الرابعة من المدونة على الرعاية المشتركة للزوجين للأسرة وهو ما ترتب عنه نتائج قانونية تنص على ضرورة إنفاق الأم في حال توفرها على مدخول مادي في حالة عجز الأب كليا أو جزئيا.
عدم الاعتراف بمساهمة النساء هو مسلسل من الغبن، إذ يشمل أيضا، حالات حق الكد والسعاية الذي يطلب فيه الإثبات بالنسبة للمرأة دون أن تتمكن من ذلك.
غاية الشرع هي تحقيق الإنصاف والإرث بني على المسؤولية الاقتصادية التي يتحملها الرجل، اليوم من الصعب القول : أن الرجل يتحمل المسؤولية كاملة بمفرده، بل أن المرأة أحيانا تتحمل أضعاف الرجل مما يدعو لإعادة طرح السؤال حول نظام للإرث يقوم على المساواه بين النساء والرجال.

المرأة اليمنية والميراث 
النظرة القاصرة والإعتقاد الخاطئ والخوف من القضاء والزواج من خارج العائلة وعيوب اجتماعية وغيرها من الأ سباب التي اجتمعت لتمنع المرأة اليمنية من حقها المشروع، ورغم أن موضوع الإرث من الإشكالات التي طرحت بشدة في مجتمعات دول العالم الثالث، إلا أن الأعراف القبلية التي مازالت مصدرا للتشريع تستمر في حرمان المرأة من الميراث بأشكاله في اليمن عموما، وفي المناطق الريفية على وجه الخصوص حيث تفضل أغلب النساء الإستسلام والسكوت عن حقهن بعد أن سئمن من انتظار إنصاف القضاء لهن . يرى الدكتور محمد العمراني، أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، أن اعتماد الدولة على النظام القبلي هو ما جعل المرأة محرومة من نصيبها في الإرث وأن الدولة لم تحسم في القضايا التي تصل إلى القضاء حتى عندما تخرج المرأة عن خوفها وخجلها وتتمرد لتدق باب القضاء. وبالرغم من أن الدستور اليمني يكفل المساواة بين الرجل والمرأة إلا أن قانون التمييز والتفضيل بينهما هو السائد في بلد حكمته ملكات قل نظيرهن في التاريخ .

المرأة المصرية 
يوصي الدين الإسلامي في محكم كتابه بوجوب ميراث المرأة إلا أن البعض يفسر كلمة يوصيكم من قبيل النصح وليس من قبيل (أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) الفرض، وفي مصر وغيرها من البلدان العربية ما زالت المرأة تحرم من حقها في الميراث لعائلة أخرى وبذلك تخالف تعاليم الدين خاصة الريف المصري والصعيد حيث لا تورث المرأة لا ناقة ولا جمل أبدا، فهي تحرم من الميراث فقط لأنها أنثى، لذلك يلجؤوا إما للمنع كليا من الميراث أو إلى ترضيتها ببعض فتات النقود. ورغم أن التشريعات والقوانين حددت الميراث وقسمته بشكل عادل إلا أن الطمع والأنانية كانا دافعين لتنافي الظاهرة التي تنجم عنها أشكال متعددة من الإجرام.
وتزداد قضايا النزاع على الميراث بشكل ملفت حسب دراسة صادرة عن وزارة العدل المصرية ولابد من إقرار التعديل المقترح لبعض أحكام قانون المواريث كحل للتخفيف من حدة الظاهرة.

المرأة السعودية
حقوقيون وقضاة يؤكدون أن قضية الميراث أرهقت المحاكم السعودية، حيث تضيع النساء حقهن بالتزامهن الصمت وعدم مطالبتهن بحقهن أو حتى التجرؤ على مناقشتهن موضوع الإرث خوفا من ردود العائلة التي أهملت المرأة بشكل كبير وطمست حقها. ورغم أن القانون قد صرح بحق المرأة إلا أن نظرة المجتمع السلبية مازالت تشوش على سياسة تقسيم الإرث بشكل عادل لا يبخس المرأة حقها، وعلى غرار البلدان العربية الأخرى فإن ظاهرة حرمان المرأة تتسع رقعته في المناطق الهامشية التي يغيب عنها الوعي بالقوانين الشرعية والوضعية، على حين تخف حدة مشكل الإرث في أوساط العائلات بالمدن. يؤكد حمد الرزين، قاضي بمحكمة جدة، أن الدولة تعمل على دعم البرامج التثقيفية في هذا الشأن تجاوزا لهذا الصراع. عموما، يمكن اختصار مشكل الإرث في السعودية في عدم التمييز بين الأعراف والتقاليد والسلوكات الاجتماعية الخاطئة وبين أحكام الشريعة المعروفة، ما يؤثر سلبا على وضع المرأة اجتماعيا واقتصاديا وعلى عطاءاتها.

المرأة الجزائرية 
وثيقة عمرها ثلاث عقود تم صياغتها والمصادقة عليها لتتحول مع الوقت إلى فتوى شرعية لتقسيم الميراث ضحيتها المرأة، وتتداخل أسباب أخرى في حرمان المرأة من الميراث يلخص يوسف حنطايلي أستاذ علم الاجتماع، أحدها في سيادة الثقافة الذكورية حيث يؤكد أن الأسر الجزائرية تميل إلى الابن البكر الذي يستغل تلك المحبة في الاستلاء على الحصة الأكبر من التركة، غير أنه يحصر هذه الظاهرة في الأرياف حيث الأرض لها رمزية اجتماعية وعائلية في الميراث. أما قانون الأسرة الجزائري فقد منح المرأة حقها في الميراث مثلها مثل شقيقها الذكر وهو ما صرحت به المحامية، سارة هلالي، إلا أن المعتقد الاجتماعي هو من حرمها منه وذلك لاعتقاده بأن منح البنت حقها من الإرث يعني إعطاءه للغريب أي زوجها وبالتالي يفضلون حرمانها. وتتصدر قضايا الميراث القضايا التي تعالجها المحاكم الجزائرية، وستبقى المرأة الجزائرية معروفة بسبب العرف والأنانية والجهل بالقوانين المشروعة وأيضا بسبب خوفها ما لم تنزع حقها لأن القانون لن يضمن لها حقها ما لم تقدم على رفع دعوة قضائية.

سيلين ديون تصل إلى العاصمة الفرنسية باريس، استعدادًا لمشاركتها في افتتاح أولمبياد 2024.
حققت اللاعبة الدولية المغربية فاطمة تاغناوت حلمًا طال انتظاره بانضمامها إلى نادي إشبيلية الإسباني للسيدات، لتصبح أول لاعبة مغربية ترتدي قميص النادي الأندلسي.
قالت مصادر مُطلعة على الوضع، أن بيلا حديد استعانت بمحامين ضد شركة أديداس بسبب افتقارها إلى المساءلة العامة، وذكرت أنها تشعر أنهم قادوا ضدها حملة قاسية ومدمرة.