الرجال من المريخ والنساء من الزهرة

حين يصبح التعايش الزوجي من داخل الاختلاف نشازا يقدم صورة مركبة لعلاقة غير منسجمة شكلا ومضمونا، نبلغ الاعتراف القاسي : «أنا وزوجي لا علاقة». هو واقع زيجات قد تعيشه بصمت أو بعقد، وقد ينتهي تحت التبرير المقنع : أنا من الزهرة،  وهو : «هي»  من المريخ.

هكذا هي حياة الكثيرين ممن قد تقدم الصورة المجملة خارجيا ما يعكس أنه ظلها وأنها ظله، لكن سرعان ما تتلاشى عندما تفضح روحهما ووسطهما ومستواهما وشكلهما ما يعجل التعليق النقيض : “لا علاقة”. من خلف كل المساحيق التي تحرص على أن لا تفقد بريقها المصنع أمام المحيط القريب والبعيد، تعيش التنافر الكلي بين الصورة التي تصدرها عن نصفها الثاني وصورة الحقيقة، حيث الانسجام بينهما في مرتبة العدم. هي من سلالة المتخرجين بشهادة الدراسات العليا، وحريصة على تسويق بروفايل انتمائها للفئات المثقفة، تلك ملامح من شخصيتها التي لا تحيد عن تقديمها كهوية رسمية عنها، وهو خانه مساره التعليمي لضمان قبعة الانتماء لنفس مستواها، فارق كان من الصعب بالنسبة لها تقدير أهميته حين بدأ التفكير في الزواج مضغوط ببداية قربها من سن الأربعين.

“لم أفكر في التفاصيل بما فيها عمله الذي لم يكن بالقيمة التي تجعلني أقدمه لأصدقائي بالتركيز على أنه المدير الفلاني، أو حتى المتخرج من المعهد، أو الجامعة الفلانية، إذ وسامته كانت مقدمة بالنسبة لي للقبول به في البداية، لكن مع مرور الوقت بدأ شعوري بالفارق على مستوى الأفكار يحرجني حتى في علاقتنا معا، كنت في السابق “أنظر” بأن طرفي العلاقة الزوجية لا ينبغي أن يكونا نسخة عن بعضهما البعض، وأن الاختلاف لحمة تجدد روابطهما بعيدا عن ملل التشابه، لكن في عمق التجربة وجدتني أتجنب ذكر اسمه حتى لا أسئل عن عمله الذي لا يعكس أي انسجام مع مجال عملي كونه يحيل في ذات الوقت على مستواه الذي لا يتجاوز الإعدادي، أكثر من هذه الصورة النشاز، لا أجده مباليا بالفارق الذي لا يعنيه في شيء كون رجولته أكبر تعويض عن نواقصه كما يتعمد التلميح إلى ذلك، منطق قلب كل قناعاتي، كما جعلني يوميا في مواجهة نصفي الثاني البعيد كليا عن عالمي حين أكون مضطرة لمواكبة كل ما يحدث من حولي كون مستواي لا يسمح لي بأن أكون خارج التغطية، فيما هو لا يقدم ولا يؤخر عندما أفتح قوس نقاش ما، حيث لا يضيف لي شيئا”، تقول فريدة.
لدى المشتغلين بالحقل الاجتماعي، لا يشكل الاختلاف في الطباع حاجزا أمام تعايش الزوجين وإن كانت الاصطدامات أمرا طبيعيا كون بيئة طرفي العلاقة مختلفة. لكن الاختلاف في المستوى الفكري، بالشكل الذي يجعل أنفاس التعايش تبلغ الاختناق، هو حاجز حقيقي في وجه الانسجام المطلوب في العلاقة المشتركة، لذلك تضطر بعض الزيجات للاستمرار في الزواج من قلب الاختلاف فقط كتعاقد من أجل مصلحة معينة، قد يفرضها الأبناء أو الخوف من الانفصال، أو لوجود روابط عائلية قوية هي فوق مصلحة المعنيين. لكن الأكيد هو أن مصدر السعادة لا يصبح هو البيت بقدر ما يبحث كل طرف عن مجال تصريف نواقصه، وتعبئة احتياجاته الداخلية بطاقات مصدرها الخارج.

ويرى المهتم بالعلوم النفسية اللبناني جوهاد كال أنه “في كل المجتمعات سواء أكانت مغلقة أم منفتحة، الانسجام هو أساس من أسس الزواج الناجح، أكيد أن كلا من الزوجين له بعد ثقافي معين، وكلما تقاربا في اهتماماتهما المشتركة يكون التجاوب أفضل. لكن بنظره التوافق في كل الأمور هو أمر مستحيل، وهناك خطوط عريضة يجب التفاهم عليها، أما باقي الأمور فقد تكون مصدر إزعاج لكليهما.

وفي خلاصة لدراسة أمريكية أثبتت أن الاختلاف في الطباع بين الأزواج واحدة من الأسباب الأساسية لنجاح الزواج، إذ التشابه والتماثل في الصفات الشخصية والحياتية يؤدي إلى الشعور بالملل والفتور تجاه الشريك الآخر، وقد شملت الدراسة عينات من الأشخاص الذين مر على زواجهم أكثر من 40 عاما، وهي طرحت على الزوج والزوجة كل على حدة، أسئلة خاصة دار أغلبها حول فترة الزواج، بما تضمنته علاقتهم الزوجية من مواقف صعبة حزينة سعيدة إلى غير ذلك، وقد تم استخلاص نتائج من بينها تفضيل معظم الأزواج للشريك المختلف عنهم في الطباع الشخصية، والذي تختلف نظرته للحياة عما يشابه نظراتهم لها. ولأن الكثير من الدراسات لا يمكن إسقاط نتائجها على كل المجتمعات أو اعتبارها مطلقة، تظل النسبية حكم قيمة ضروري عندما تكشف حالات أخرى عن قهر في استمرار العلاقة من داخل الاختلاف في الطباع، إذ مؤشر «لا علاقة بيني وبينه» في مستوى عال يستشرف الخاتمة البديهية : استحالة العيش، وهي الخاتمة التي تبقي كتاب «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة» في رفوف اللامبالاة.

سيلين ديون تصل إلى العاصمة الفرنسية باريس، استعدادًا لمشاركتها في افتتاح أولمبياد 2024.
حققت اللاعبة الدولية المغربية فاطمة تاغناوت حلمًا طال انتظاره بانضمامها إلى نادي إشبيلية الإسباني للسيدات، لتصبح أول لاعبة مغربية ترتدي قميص النادي الأندلسي.
قالت مصادر مُطلعة على الوضع، أن بيلا حديد استعانت بمحامين ضد شركة أديداس بسبب افتقارها إلى المساءلة العامة، وذكرت أنها تشعر أنهم قادوا ضدها حملة قاسية ومدمرة.