سؤال المعصية

أفتح معجم الأكاديمية الملكية الإسبانية الذي صدر، قبل فترة قصيرة في طبعة جديدة منقحة ومزيدة، على تعريف : المثلية الجنسية. كدت أتراجع مذعورا في ذُل الخوف وأنا أمد يدي إلى الصفحات الصقيلة لاشتباهي فيمن يسائلني قائلا:

ما فعلك يا هذا؟ قلتُ: أيَقَعُ مجرد البحث في الموضوع تحت طائلة قانونٍ ما… كما هو حال الممارسة نفسها مع أنها حرية وحق؟. مصيبة. ولما انتصرت على الخوف الباطني أفادني المعجم إفادات مهمة:
1- ذلك أنه قدم تعريفا جديدا لشرح معنى هذه الظاهرة الإنسانية حين عرفها بالممارسة، أي أنه أخرجها من دائرة المعصية والأخلاق إلى رحاب اللسان والبيان. بل ويمكن القول إن الفصول والموانع والاعتقادات لم يعد لها، في هذا المرجع اللغوي لأزيد من نصف مليار من البشر، أي معنى معجمي، أو أي معنى معجمي يحيل على نزعة أخلاقية أو اعتقاد ديني وثوقي. هذه ثورة لسانية على الكلاسيكية المعجمية الراسخة في العقول والوجدان.
2- وأنه يتطور كتطور اللغات والمجتمعات الإنسانية الناطقة بالإسبانية. فهذا المعجم يضيف، في كل مرة، عشرات الكلمات التي ليس لها من الإسبانية في مجتمعات أمريكا اللاتينية إلا الاسم. فهي إما مولدة محليا، أو مقتبسة من لغات أخرى، أو جاءت من اللغات الأصلية المنتشرة في أمريكا اللاتينية والوسطى… وكذا من مجتمع المهاجرين اللاتينيين الذين يعدون بالملايين في أمريكا وحدها. والتطور هنا ثورة إنسانية على المواضعات التقليدية أيا كان مصدرها.
3- وأجد في هذا كله، ليس فقط ذلك الاستيعاب الممكن الرامي إلى الدمج اللساني من خلال ترسيخ لغة معيارية مشتركة بين شعوب كثيرة ومتنوعة، بل وأساسا تقعيد التنوع والاختلاف والتعدد بالمعنى الديموقراطي والإنساني. اللغة أيضا، يجب أن تكون أداة استعمال ديمقراطي في الاتصال والتواصل، وإلا فقدت وظيفتها. ولا يمكن أن تصمد اللغة بين مستعمليها على امتداد الزمن، إلا بذلك، أي من خلال تطورها وتطور المجتمعات المنتجة لها بمعنى ما. والعمل على تطوير اللغة وتحيين أدائها يعد، فيما أرى، ثورة اجتماعية إذا شئنا…. لأن اللغة، فيما يبدو، قادرة على تغيير علاقات الاجتماع/القوة على صعيد الكائن نفسه وضمن مجموعته البشرية.
وتنويعا على هذا أفتح كتاب (الطفلة التائهة) فأجد فيه أن مصير (غابرييلا ميسطرال) ينتمي، على الأرجح، إلى “الباطوس” (العاطفة) التراجيدي حينا، وإلى الملحمي التوراثي المرتبط بالتصوف والقلق حينا آخر. وهذه هي (الجينة) الغائمة التي منعت بروز حقيقة تلك المرأة المُشِعّة النابهة حَدَّ الألم… رغم اهتمامها بموضوعات وقضايا في غاية التنوع، من التعليم إلى الطفل، إلى الشعر ومصير الهنود، المرأة والدين والرواية الروسية، التراجيديا وفلسفة المادة، الاقتلاع والهجرة والنوسطالجيا…إلخ. قولوا معي: العالم كله!.
غير أنها، فيما يبدو، كانت “منحوسة” فلاحقها النحس حيثما انتقلت وعاشت: أولا، تلك العِزة النَفْسية وَالتَسَتُّر المخجل. ثانيا: تلك الصورة المذلة للمرأة الشيلية الخاملة في مجتمع ذكوري مستبد. ثالثا: الوعي الشقي المجبور على التحرر والدافع إلى الهروب، الهروب… حتى هربت بنفسها إلى أمريكا، فنالت من دنياها مع ذلك، وهذا هو المهم، مطلبين حَبِيبَيْن: جائزة نوبل عام 1954 التي بوأتها المكانة المستحقة في الشعر وفي الحياة، ثم (عشيقة) حياتها المتأخرة الشابة الجميلة (دوريس دانا)… ومن حسن حظ شاعرتنا، أيْ نعم، أنها نالت ذلك قبل وفاتها عام 1957.
لقد أدرك المواطن الشيليُّ المتوسط، بعد ستين عاما، أن شاعرته المفضلة المنشورة على الورقة النقدية الرسمية الحمراء من فئة خمسة آلاف بيسو، ليست قديسة كما افترضوا لها… بل مِثْلِية أو سحاقية حسب القاموس (الرائد)!.
تُرى لو عاشت (ميسطرال) لتقرأ بالإسبانية التعريف الجديد الذي أعطاه المعجم الأكاديمي للمثلية الجنسية: هل كان من الممكن أن تستعيد غربتها، وأن “تنتقم” من لؤم وغفلة أهلها وقرائها، وأن تنسجم مع ذاتها على الهوى الذي غازلها ضدا على (المعصية)؟.
سأقول بالنيابة عن الشاعرة: نعم….. لأنها لن تقرأ المعجم الإسباني في طبعته الجديدة أبدا!!!

عبد القادر الشاوي/ كاتب ودبلوماسي

سيلين ديون تصل إلى العاصمة الفرنسية باريس، استعدادًا لمشاركتها في افتتاح أولمبياد 2024.
حققت اللاعبة الدولية المغربية فاطمة تاغناوت حلمًا طال انتظاره بانضمامها إلى نادي إشبيلية الإسباني للسيدات، لتصبح أول لاعبة مغربية ترتدي قميص النادي الأندلسي.
قالت مصادر مُطلعة على الوضع، أن بيلا حديد استعانت بمحامين ضد شركة أديداس بسبب افتقارها إلى المساءلة العامة، وذكرت أنها تشعر أنهم قادوا ضدها حملة قاسية ومدمرة.