للتعايش، أصول…

اعتدت على مزاجيته وأنا أسلم له كل صباح سيارتي، ليتحمل عني مهمة العثور على مكان  يُسمح فيه بركن السيارة،  في مدينة يصعب أن تأتمن فيها على نفسك قبل سيارتك.

 لذلك كنت في مواجهة شبه يومية مع المجهول الذي سيحسمه حارسنا الأمين، بقبوله تسلم السيارة مني، أو بإشارته لي في أسوإ الحالات وعلى مضض، بركنها جانبا حتى يدبر الأمر بنفسه. اعتدت على سلوكه هذا، وتفهمت مع الوقت مزاجيته رغم أنني أكون دائما كريمة معه في واجب الخدمة. كان مزاجه محكوما بأمرين اثنين: الأول مبرر، ويخص  وجود مكان شاغر من عدمه، فهو يكره أن يتحمل مسؤولية تبعات توقف السيارة في مركن ممنوع. أما الأمر  الثاني فمرتبط بإدمانه على التدخين، و على كل ما “يعدل المزاج”، ويجعل صاحبنا يأخذ مني المفاتيح عن طيب خاطر، بل ويضيف عليها أحيانا قفشات تنم عن نباهته وروحه المرحة.

 لماذا أسرد عليكم هته التفاصيل التي  غدت من مكونات يوميات أغلب ساكنة المدينة ؟ قبل كتابة هته السطور ونحن نستقبل شهر رمضان،  أصر الحارس المسكين إلى تنبيهي أنه خلال الشهر الفضيل علي أن أعتاد منه  طريقة تواصل جديدة، لن تتعدى لغة الإشارة، وأنه لن يداوم على هته الخدمة في النهار، بل في غالب الأحيان قبل الإفطار بقليل، وبعده في آخر الليل.  قال لي بالحرف : “فرمضان ماتعوليش علي”، قلت له فهاذ الحالة “ماتصومش”، أجاب بحزم لايقبل الجدل: “شوفي المغاربة.. إلا الصيام ماتهدريش معاهم فيه، المغربي يصوم واخا يموت”، مضيفا : “علينا أن نعذر المرمضنين، فالانسان يضطر مع الصيام إلى تغيير عاداته، خاصة تلك التي “تعدل مزاجه”، فكيف نطلب منه أن يكون في حالته الطبيعية” وبه وجب ختام كلام الحارس المسكين وهو يستدرك، يكون خير…

 “سكوت” أو “ستوب ساتورن” أو “حنصور”..، تلك العبارة الشهيرة التي تلازم كل المخرجين في السينما، لم يأت اختيارها شعارا للسياق الذي أردناها لمواضيع هذا العدد الذي يصادف شهر رمضان، فهي تلخص بنظري الشعار الذي نستقبل به الشهر الفضيل، من منطلق تقديس الصوم البدني وليس الصيام الروحي، تقديس ممارسة هذا الفرض بكل تداعياته الثقافية، على حساب شروطه العقائدية،  حيث تحضر  الطقوس على موائد الرحمن و تغيب قيم التسامح والتعايش في سلوكاتنا. نصبح متطلبين أكثر  نحو الآخر، فتغلب العادات بثقلها الثقافي، ومغالاة أنصارها في خطاب يدعو إلى الهداية والالتزام بمظاهر قدسية الصوم ، حتى لو رافقتها جرعة زائدة من العنف الرمزي والبدني كذلك. في الشارع العام، كما في الأسواق القابلة للانفجار في أي لحظة مع أي ترمضينة، التهافت في اقتناء المتطلبات، أو التفنن والمبالغة في تأمين مائدة متنوعة، بتكلفة وجهد يخرجان عن المألوف، أسباب كافية تفرغ الصوم من مقاصده الجوهرية، لتفسح المجال أمام مجموعة من السلوكات والتناقضات تسقط الجميع في الكسل بامتياز، انتاج ضعيف مقابل استهلاك مفرط في النوم والأكل والعنف. الملتزمون بالصوم والرافضون له، أو حتى المطالبون بحق الإفطار والأكل العلني  يسقطون بدورهم في نفس شراك المتعصبين إلى احترام قدسية الصوم والتزام الجميع بها، كيفما كانت الظروف والأسباب، دون أن ينجح الطرفان معا في ضبط جرعة التسامح والتعايش  التي ننادي بها في مناسبات أخرى. ناسيين أو متناسين أن هذا الشهر هو أكبر اختبار لإنسانيتنا ولتعايشنا، ولصفاء روحنا، يتطلب تدبير كل اختلافاتنا بكل حب وتسامح الصائم وغير الصائم،  يدعم قيمنا المشتركة التي  تقوم على احترام حقوقنا الفردية، قبل الجماعية،  لأنه كلما وضعنا حواجز أمام قيمنا المشتركة، كلما كان الأقبح هو الآتي… رمضان كريم وكل عام وكلنا جميعا بألف خير.

لا سكينة ولا رحمة بينهم. كل وصايا المعاشرة الطيبة وبالمعروف مجرد صيحة في واد آسن. العنف إيقاع يكاد يكون يوميا. وجولاتهما فيه تضع عنفه وردة فعلها في ميزان التقييم : سلوكه عدواني يصل بعضه إلى إحداث عاهة مستديمة وأقصاه عنف مميت. «عنفها» رد فعل على سلوك تحركه ثقافة ذكورية بائدة يبررها هو ب: نضربها وما نخلي شكون يضربها.
يتجاوز خطورة تأثير العنف على المتاعب الجسدية والنفسية أو التأثير اللحظي للعنف، حيث يتحول إلى دائرة لا تنتهي من العنف المتوارث، فعندما يستأنس الأبناء مشاهد العنف وتتحول إلى مشاهد اعتيادية تصبح جزء من مخزونهم الثقافي والسلوكي، طرحنا السؤال على الأخصائية النفسية أمل سبتي، والتي رسمت لنا الطريق الذي يسلكه معظم أبناء العنف.
كشفت المنتجة المغربية كريمة أولحوس عن إصدار أحدث أعمالها الفنية، وهو الفيديو كليب "أصلي أنا" للمغنية الفلسطينية الأردنية زين، إذ يعد هذا العمل لوحة بصرية وموسيقية تحتفي بالهوية الثقافية الفلسطينية، ويمثل إضافة نوعية لمشوار أولحوس الذي يجسد نجاحا مشرفا للمرأة المغربية والجيل الجديد في مجال الإنتاج الفني والسينمائي.