التحرش : الضحية بلا حماية قانونية

رغم التطورات الإيجابية التي عرفها مجتمعنا على مختلف المستويات بما فيها المستوى الحقوقي، فإن ظاهرة معاكسة النساء والتحرش بهن ماتزال منتشرة في الشارع بحيث أضحى خروج المرأة من بيتها أو العودة إليه مستحيلا من دون التعرض للمعاكسة، وأحيانا لحالات من التحرش المباشر. فكيف تنظر النساء لهذه الظاهرة السلوكية التي تواجه بعضهن ؟ وهل تشكل عبئا نفسيا عليهن في كل مرة يخرجن فيها إلى مكان عام ؟
فاطمة، 38 عاما، سكريتيرة

أنا فتاة عادية حتى لا أقول أنني جميلة ومع ذلك أتعرض باستمرار لمعاكسة أصحاب السيارات ويدعونني بكلمات مغازلة إلى مرافقتهم، وعندما كنت مرة في طريقي إلى البيت في الساعة الرابعة والنصف مساء وهي الساعة التي أغادر فيها مقر عملي بالشركة، كانت سيارة تتبعني في الطريق دون أن يكف سائقها عن معاكستي، ولا الإحساس بوجود الآخرين على الطريق. تضايقت في البداية وشعرت بكثير من الحرج، الأمر الذي دفعني لتجاهله والدخول لأحد محلات بيع الأحذية دون هدف محدد. بقيت هناك ما يقرب عشرة دقائق وجدت فيها نفسي مرغمة على طلب مقاس حذاء لم تكن لي رغبة في شرائه. في الوقت نفسه كنت أسترق النظر إلى معاكسي الذي ما إن أطلت البقاء في المحل حتى قام بترك سيارته ليحلق بي دون تردد أو خجل. أصبت بعصبية عندما رأيته يقترب مني ليعلق قائلا : “ذواقه حتى في السباطة”. اعتذرت للبائع وخرجت وأنا في حالة مرتبكة، ظننت أن تجاهلي وعدم استجابتي له ستحرجه وتجعله يكف عن التحرش بي أكثر. غير أنه كان صاحب نفس طويل، ولاحقني غير عابئ بما يتلفظ به من كلمات إلى أن اسقليت تاكسي ليبادرني غاضبا ومستهزئ قبل ركوبي، “الزين يحشم على زينو، والخايب إلى هداه الله”. وما إن استقريت في مقعدي حتى بدأ في معاكسة فتاة أخرى كانت تمر في الشارع نفسه، لأتساءل بيني وبين نفسي، هل هؤلاء الرجال حمقى أم مجانين، أم يضحكون على بنات الناس؟ ولكن الحق ليس عليهم بل على غياب القانون يردعهم.

بهيجة، 32 سنة، مستخدمة في أحد المصانع

“النكان” في المغرب أصبح شعار شوارعنا ولا أحد يحرك ساكنا، وكأن الشارع مماوك للرجل وحده يتصرف فيه كيفما يشاء وبالطريقة التي تحفظ فحولته. بل كثيرا ما تتعرض الفتاة لمضايقة الرجل أمام أعين الجميع ومع ذلك لا يجرؤ أحد المارة على التدخل أو على الأقل تأنيبه، وإنما يعتبره حقه الطبيعي في التحرش بالنساء لدرجة يعتبر غالبيتهم أنهن وجدن لأجل ذلك. لكن أكثر ما يستفزني في هذه السلوكيات هو التحرش بنا في الحافلات رغم الزحام ونظرات الراكبين، فعندما أستقل الحافلة أجد أحدهم يجلس بجواري فقط للتحرش بي، أكافح بصعوبة كي أغير مكاني دون أن أنبس ببنت شفة. مرة وجدت أحدهم يحاول تضييق المسافة بيني وبينه ليلامس جسدي بيده، وعندما سألته سبب فعلته أجابني بوقاحة : “هذا الزحام إلى ما عجبكش الحال خذي تاكسي”.

وفاء، 26 سنة، موظفة بنكية

ألاحظ منذ خروجي من المنزل عيونا تتبعني كظلي، وفي الشارع أسمع عبارات الغزل تنهال علي كأني الأنثى الوحيدة في عالم ذكوري. فلا أملك إلا أن أطأطأ رأسي وأسرع في خطواتي حتى لا يتبعني أحدهم متحرشا بي. فهناك معاكسات تتحول إلى سب وإهانة في حالة رفضت المرأة الكلام أو الحديث مع من يعاكسها، وهو ما لا أطيقه، وقد أذهب إلى أبعد حد فيما يخص هذا السلوك الشاذ. فللأسف المرأة لا تتوفر في مجتمعنا على حصانة تمكنها من السير في الشارع في أمان، بل على العكس تعامل باستمرار كجسد يمكن أن نفجر فيه مكبوتاتنا ليس الجنسية فحسب، بل باقي مكبوتاتنا الاجتماعية والاقتصادية الأخرى وهنا تكمن خطورة هذه الظاهرة السلوكية التي لاتتماشى مع الضوابط الدينية والمجتمعية، وتكمن أهمية إصدار قانون يجرم التحرش بالنساء في الشوارع والأماكن العامة.

عزيزة، 30 سنة، ممرضة

يستخدم بعض المعاكسين في الشوارع كلمات نابية أو بذيئة، وإذا دافعت الفتاة عن نفسها قد يكون مصيرها الدخول في مشادات كلامية قد لا تنتهي، شخصيا تعرضت للعديد من المضايقات التي أزعجتني وأثرت على نفسيتي. في إحدى المرات كنت ذاهبة لشراء دواء من الصيدلية المجاورة لمقر عملي، فإذا بأحد الشبان يغازلني بمناداتي بالبصيرة لأنني أضع نظارات طبية على عيني. وظل يحوم حولي وهو يردد هذه الكلمة على أمل أن ألتفت إليه وأتحدث معه، الأمر الذي أفقدني صوابي وكدت أتشاجر معه بسبب ذلك. فأنا أعتبر هذه المعاكسات انتهاكا لحركيتي وحريتي سواء في الشارع أو في أي مكان أتواجد به. وهذا ما يتجاهله المتحرش في مجتمعنا الذي يظن أن لا حدود لحريته، ويقيس رجولته بعدد الكلمات البذيئة التي ينطق بها في اليوم دون أي رادع قانوني أو اجتماعي.

خديجة، 25 سنة، مصممة أزياء

مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة، ترتفع حرارة الرجال في شواطئنا المغربية، ومن المؤسف أن معاكسة أحد الأشخاص لي أوصلته في النهاية إلى المستشفى. لقد حدث هذا في صيف السنة الماضية على شاطئ المحمدية، إذ لم يكن الأمر ليصل بالرجل الذي تحرش بي إلى قسم المستعجلات لو أنه انتبه إلى الأشغال التي كانت تقام على الشاطئ استعدادا لمباراة في سباق الزوارق الشراعية التي نظمت هناك. ما زلت أتذكر اللحظة التي كان يسير فيها في الاتجاه المعاكس منتشيا بكلمات مغازلة أصبحت عادية لدينا نحن النساء لكثرة ما تتردد على مسامعنا. استمر في سيره دون أن ينتبه إلى عمود حديدي خاص بالمسابقة البحرية، ارتطمت مقدمة رأسه بقوة بالعمود فسقط غارقا في دماء جرحه قبل أن يتحول فريق إنقاد حوادث المتسابقين على الشاطئ إلى منتقذين لحوادث المعاكسة للمصطافين. لكن قبل نقله إلى المستشفى انتفض بقوة مسرعا باتجاهي متهما ومحملا إياي مسؤولية ارتطامه بالعمود الحديدي. أوقفه بعض الذين عاينوا الحادث وأبعدوه عني. لكن ظل المضحك في الأمر أن كلمات التوعد والسب التي تفوه بها امتصت كل غزلياته نحوي، وكأنه ليس الرجل الذي كان يسير منتشيا وسعيدا على شاطئ البحر.

تمثل رفيقة بن ميمون استاذة مادة تصميم الأزياء بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي واحدة من أهم الأسماء المرجعية في السينوغرافيا.
باتباع هذه النصائح البسيطة، يمكنكِ التمتع ببشرة ناعمة ومشرقة طوال فصل الشتاء.
يَعِد المشروع بـ 100 ساعة من الاستكشاف "غير المُقيد" للأهرامات العظيمة، بالتعاون مع الحكومة المصرية.