الخلاف المؤدي في الغالب إلى التفكك العائلي يدخل الصغار أو أبناء نفس العائلة في رجات من المد والجزر كشكل من أشكال التحالف ضد خصوم الكبار، حالة اجتماعية تعصف بالتماسك بين العائلات الواحدة.
يعكس العداء نوعا من الانفعالات ذات معاني سلبية مؤثرة على الروابط الإنسانية، يخترق بنية العلاقات العائلية ليعبث بروح الانتماء لنفس الرابطة الدموية المحصنة في أدبيات التعامل بالوقار والاحترام والتماسك، وذلك يجعل تعليلات المشتغلين في الحقل الاجتماعي يركزون على القيمة المعنوية للعلاقات العائلية التي يتم الحكم على صلابتها وقوتها انطلاقا من منسوب التضامن والتواصل والحضور في كل برامج ومناسبات حياة العائلة الواحدة مقابل ذلك يعكس الغياب واللاتواصل أزمة علائقية قد تصل في بعض الحالات إلى العداء والتبرؤ من الانتساب لنفس الرابطة. هذه الوضعية تتجاوز في تأثيراتها وانعكاساتها حدود الكبار لتصيب الأبناء بنفس العدوى والحصيلة إصابة فروع أواصر القرابة الدموية بالشلل والصمت استجابة لإصابة الجذور بنفس الداء العدائي.
إن ما يميز الخلافات العائلية هو الحضور البارز للجوانب العاطفية والانفعالية وكلما تعلق الأمر بمواضيع ذات حساسية مفرطة بالنسبة للآباء أو تمسهم بشكل مباشر كلما ارتفعت حدة الأبعاد العاطفية وتقوت بشكل قد يؤدي ببعض الآباء إلى الانغلاق وقطع العلاقة مع الطرف المتنازع معه. في ظل هذه الأوضاع كثيرا ما يسعى الآباء إلى حماية الذات وتعزيز المواقف الشخصية من خلال البحث عن التكتلات أو الأحلاف لمواجهة الخصم من هنا سعيهم إلى التأثير على الأبناء وتوجيههم نحو الكراهية الطرف المتنازع معه وذلك إلى حد تعنيفهم كما يحدث في بعض الأحيان. وضعية يصير فيها الأبناء طرفا حتى ولو كانت مشاعرهم لا تتحمل شحنها بالحقد والتوترات تجاه من يعتبرون من ذوي القربى مقابل ذلك تنهار كل المشاعر الحميمية في منعطف الكبت بالاستجابة العمياء لها.
تفصل الأستاذة والباحثة في علم النفس الاجتماعي خلود السباعي، بين إشراك الأبناء في الخلافات الأسرية وبين الكيفية التي يتم إقحامهم بها في هذه الخلافات إذ تعتبر أن المشكل يرتبط بالكيفية فقط بمعنى أن الضرورة تفرض تنبيه الآباء إلى خطورة انعكاسات أساليبهم في تدبير الخلافات على بناء شخصيات الأبناء إذ لذلك تأثير على ما يمكن أن يعترض هؤلاء من أشكال النزاع خلال حياتهم المستقبلية من هنا أهمية توضيح الخلافات بالنسبة للأبناء وتمكينهم من فهمها واستيعاب وجهات النظر المختلفة وذلك بدلا من شحن الأبناء بالمشاعر والانفعالات التي من شأنها أن تدفعهم نحو معادات الطرف الآخر ومقاطعته وتهميشه دون تمكينه من فهم واستيعاب الأسباب الكامنة وراء ذلك هذا الأسلوب في نظر خلود السباعي يقحم الطفل في متاهة من التكتلات الغامضة التي غالبا ما تستند على ولاءات عائلية مغلوطة عمادها انصر أخاك ظالما أو مظلوما.
وترى أخصائية العلاج الأسري فاطمة الكتاني، أن العداء بين العائلة يمكن أن يتراجع في بعض المواقف والمناسبات التي تضعف وتلين فيها المشاعر بسبب حدث ما إذ يسمو على العداء الإحساس بالانتماء العائلي من جديد غير أن هذه النتيجة تبقى مرهونة بقيمة العلاقات العائلية وحساسيتها لذلك ينبغي تجنب تصريف مشاعر الحقد والصراع داخل نفوس الأبناء أو تحويلهم إلى شركاء في خلافات ليسوا معنيين بها.