بؤر حريم أخرى…

التغيير الحقيقي لا يتم بالضرورة من خلال المشاريع والشعارات الكبيرة، بل إن مراكز القرار الحقيقية هي التي تنجح في اختراق العقليات، وفي التأسيس لتنمية حقيقية قيمها التشاركية البناءة.

نتساءل أحيانا عن جدوى الكتابة عن الأشياء التي نفتقدها أكثر من الأشياء التي نمتلكها، هل لأن الانسان بطبعه يميل إلى المفقود والمرغوب؟ أم هي نزعة عدم القبول و الاعتراف بالحاضر، ولعل أدبيات ثقافتنا العربية تكرس هته النظرية، ترى دائما في كل ما ينتمي للماضي هو بالضرورة الأفضل والأجمل، ولذلك لا نتوارى في ذكر أمواتنا بكل خير، بل تتقاطر عبارات التعازي التي أصبحت اليوم موثقة بصور وذكريات، تؤشرعلى علاقتنا بمن نفتقدهم حينا أو زمنا.

ولعل الكثير منا لاحظ أن موت فاطمة المرنيسي لم يمر مرار الكرام، كما هو حال حياتها، وبالطبع ليس في ذلك أي استغراب، فحجم  الكتابات والاحتفالات والتكريمات لروحها، وقبلها لشخصها وفكرها. بدورنا كانت فكرة هذا العدد التي ظلت  تراودني لسنوات، خاصة مع حلول ذكرى الثامن من مارس من كل سنة، لم يكتب لها أن ترى النور إلا بعد أن غادرتنا فاطمة، وهي تترك على عاتقنا إرثا كبيرا، من الأسس الفكرية والبنوية لقيم ووعي مبكر، دافعت عنه وكرست حياتها لإبرازه والدفاع عنه، وهي التي قبل أن تزعزع بنى عقلية ذكورية، طبعت مرحلة من تاريخها وتاريخ وحاضر نساء هذا البلد، خلخلت كل الأدوار النمطية للمثقف، وهي تستدرجه من فوق برجه العاجي، نحو حقيقة الواقع الذي يكتب عنه.

فاطمة التي تمردت على طقوس البرجوازية العريقة باكرا، آمنت بحسها السوسيولوجي أن التغييرلا يتحقق إلا بالنزول إلى الميدان، الذي هو مصدر كل الحقائق والمعطيات، جعلت كل النظريات الفكرية التي بنت عليها مشروعها الفكري موضع اختبار، انصهرت مع الجميع، واقتحمت كل الفئات الاجتماعية والعمرية، ومختلف المناطق الجغرافية. لذلك حينما قررنا خوض مغامرة اختبار مشروعها الفكري، والبحث عن آثار خطاه في الأماكن التي مر منها قطارها التنويري، وكذلك من خلال أشخاص بصمت حياتهم، كانت المفاجأة أكبر من توقعاتنا، ونحن نقف على حقيقة أن التغيير الحقيقي لا يتم بالضرورة من خلال المشاريع والشعارات الكبيرة، وأن مراكز القرار الحقيقية هي التي تنجح في اختراق العقليات، وفي التأسيس لتنمية حقيقية قيمها التشاركية البناءة.

اخترقت فاطمة “حريم” تازناخت بنسائه ورجاله، كما اخترقت قبله أسوار حريم فاس العتيقة، أنجبت أبناء وبنات من رحم فكرها، وتركت لهم مسؤولية الحفاظ وتطوير إرث كبير، تتقاسمه كل نساء ورجال هذا البلد، من نخبه إلى هوامش مدنه وقراه. فاطمة الغائبة الحاضرة ، تنوجد من جديد عبر  كلمات هذا العدد التي لا نروم أن تصير  تكريما لروحها، بل إعلانا وهاجا  لانطلاق مشاريع وشبكات عمل جديدة، كما حرصت دوما على ترسيخها، هو بصمة أمل في غد أفضل، تحمل مشعله كل نساء هذا البلد، يثبت مكتسباتنا، ويطوراستراتيجية تفعيلها على أسس متينة. رمزية الذكرى، ذكرى الثامن من مارس، لا يجب أن نفرغها من محتواها الحقيقي، ونقع في شراك من أصبح يعتبرها مناسبة تجارية أو موسمية، تختزل حضور النساء والاحتفاء بهن، في يوم واحد في السنة، بل ذكرى وجب التذكير فيها بأن معركة المساواة والحرية التي تضمنها لنا القوانين والدساتير، لم تنته رغم ما تحقق على الورق. فمعركتنا الحقيقية اليوم، تكمن في تثبيت هذه المكتسبات أولا، واختراق بؤر العقليات الذكورية التي تبتدع كل يوم طرقا جديدة في العرقلة والتصدي.

معركتنا  التي نستوحيها من المرنيسي هو الانفتاح أكثر على واقع النساء الهش، في كل ربوع وطننا الجميل، ودعم بلوغ النساء لمراكز القرار الحقيقية شكلا ومضمونا، لا يتم فيه استغلالهن، كورقة يانصيب مربحة، مع كل محطة انتخابية جديدة.

لا سكينة ولا رحمة بينهم. كل وصايا المعاشرة الطيبة وبالمعروف مجرد صيحة في واد آسن. العنف إيقاع يكاد يكون يوميا. وجولاتهما فيه تضع عنفه وردة فعلها في ميزان التقييم : سلوكه عدواني يصل بعضه إلى إحداث عاهة مستديمة وأقصاه عنف مميت. «عنفها» رد فعل على سلوك تحركه ثقافة ذكورية بائدة يبررها هو ب: نضربها وما نخلي شكون يضربها.
يتجاوز خطورة تأثير العنف على المتاعب الجسدية والنفسية أو التأثير اللحظي للعنف، حيث يتحول إلى دائرة لا تنتهي من العنف المتوارث، فعندما يستأنس الأبناء مشاهد العنف وتتحول إلى مشاهد اعتيادية تصبح جزء من مخزونهم الثقافي والسلوكي، طرحنا السؤال على الأخصائية النفسية أمل سبتي، والتي رسمت لنا الطريق الذي يسلكه معظم أبناء العنف.
كشفت المنتجة المغربية كريمة أولحوس عن إصدار أحدث أعمالها الفنية، وهو الفيديو كليب "أصلي أنا" للمغنية الفلسطينية الأردنية زين، إذ يعد هذا العمل لوحة بصرية وموسيقية تحتفي بالهوية الثقافية الفلسطينية، ويمثل إضافة نوعية لمشوار أولحوس الذي يجسد نجاحا مشرفا للمرأة المغربية والجيل الجديد في مجال الإنتاج الفني والسينمائي.