خاص مجلة نساء من المغرب
عيد الأضحى فرصة لاجتماع الأهل الذين فرقت بينهم المسافات، وحلاوته لاتكتمل إلا في كنفهم. كلام يردده العديد من الناس ويرغب في تحقيقه الكل عزابا ومتزوجين. غير أنه بالنسبة لشريحة المتزوجين يعتبر جوابا عن السؤال الذي يزعج الأزواج : أين ستقضي العيد؟.
مشكلة تجلب الكثير من المتاعب عندما تعطى لها أهمية أكثر من حجمها، خاصة عندما يصر أحد الزوجين على قضاء العيد في كنف أسرته رغما عن رغبة الطرف الآخر، هذه الإشكالية لازالت حقيقة قائمة في مجتمعنا المغربي بالرغم من التطور الذي شهدته الحياة العصرية ما يؤدي في بعض الحالات إلى حدوث توتر وخلافات.
عيد انتهى بالطلاق
تقول نادية بحكم إقامتي في الديار الأمريكية لم يساعدني الحظ ولو مرة في قضاء أحد العيدين بين أهلي، إذ كان ينتابني حنين جامح للاستمتاع بعيد الأضحى بأرض الوطن، وهي رغبة كنت أحن إليها بشوق كبير، وبسبب حادث ألم بوالدتي عدت إلى الوطن بصحبة زوجي ولحسن الصدف تزامنت العودة مع عيد الأضحى، ومع أول رغبة لي في الاستمتاع بعيد الأضحى بجانب والدتي المريضة وفي وجود إخوتي وأخواتي والحنين لاستعادة ذكريات الماضي فوجئت بزوجي أمام هذه الظروف يرفض ويصر على أن يحرمني من هذه الرغبة بأن أقضي العيد مع أهله على اعتبار أنه هو الآخر يحن لأسرته ولأهله، ورغم أنني لم أعارض اختياره في أن يحتفل كل طرف بالعيد مع أهله، زاد من إصراره واحتد النقاش بيننا إلى درجة تطور الأمر إلى الطلاق بعد خمس عشرة سنة من الزواج.
واقع لا مفر منه
إذا كانت هناك العديد من الأسر تستقبل عيد الأضحى المبارك بكثير من الاستعدادات والترتيبات والفرح وهي مسائل اعتادت عليها في مثل هذه المناسبة، فإن هناك أسرا أخرى يعتبر بالنسبة لها قضاء العيد عند أهل الطرف الآخر كابوسا يقض مضجعها، وأي تحد لرغبات الزوج هي قنبلة موقوتة لا تلبث أن تنفجر في وجه الزوجة، وهو أمر يصعب معه الرفض إما حفاظا على عش الزوجية أو تنازلا أمام ضغط وجبروت الزوج.
حالة الطوارئ
إذا كانت الحياة العصرية تتطلب تقاسم الأدوار لتجاوز الأنماط التقليدية في الحياة الزوجية فإنه في بعض الحالات لا يعود للأسس التي انبنت عليها هذه العلاقة أي دور خاصة في ظل عادات ليس من السهل التخلي أو التراجع عنها وإن كانت مصدر خلافات وتصادمات بين الأزواج. تقول زينب قبل العيد بفترة يصبح بيتي ملتقى لأهل زوجي، أمه وأبوه وإخوته، والذين لا يحلو لهم العيد إلا في منزلي، وهو أمر عود زوجي أسرته عليه بحجة أن البيت يتسع للكل، وبالتالي ليس من حقي التدخل في شؤونه مع أسرته التي أجد أنه يفضلها علي وعلى أبنائه.
توافق بشروط
تضع بعض الزوجات الطرف الآخر بين أمرين لا ثالث لهما إما قضاء العيد عند أهلها أو إعلان العصيان المدني على الزوج وعوض أن يكون العيد فرحة يتحول إلى معاناة مادية ومعنوية بكل المقاييس، يحكي محمد عن تجربته مع زوجته كلما حل عيد الأضحى بالقول : زوجتي لا تعير أي اهتمام لمشاعري ولمشاعر أسرتي وأهلي وأقاربي، والعيد هو فرصة لتجديد أواصر المحبة بين الزوجين والأهل، وبالنسبة لنا هو مصدر خلافات ومشاكل وأنانية وعناد.
خلاف غير مطروح
من الطبيعي أن تعرف العلاقة الزوجية بعض الخلافات بخصوص هذا الموضوع خاصة إذا تعاملت مع الأسر ببساطة دون تعقيدات وفتحت باب الحوار بقلب مفتوح يرضي كل طرف ويقي العلاقة شر الانفصال . تقول نجاة حسمت الأمر مع زوجي ووضعنا قسمة تريح كل طرف منا كما ترضي أهالينا. حيث نقضي عيد الفطر عند أهلي وعيد الأضحى مع أهله بحكم أن عائلتينا لا تتواجدان بنفس المدينة التي نسكن بها، وهذا الحل مريح لنا بشكل كبير.
رأي الأخصائي : الأستاذ عبد الكريم بلحاج أستاذ علم النفس الاجتماعي.
المشكل ليس في العيد بحد ذاته كطقس وممارسة بقدر ما هو مؤشر على صراعات خفية بين الأزواج.
عندما يكون الخلاف حول مكان قضاء العيد إشكالية تؤدي إلى القلق والشنان بين الأزواج وغالبا ما تتحرك هذه العوامل بشكل لا شعوري، فهي ليست إلا مؤشرا على أن طبيعة العلاقة التي تربطهما هي علاقة هشة وبها خلل، وإن كانت تبدو في الظاهر علاقة عادية لكنها في الأساس ليست كذلك، فالمشكل ليس في العيد بحد ذاته كطقس وممارسة بقدر ما هو مؤشر على صراعات خفية أو معلنة بين الزوجين، قد تجعل الزوجة تحت سيطرة أسرتها أو الزوج تحت سيطرة أسرته، وبالتالي لم يستطع أحدهما الاستقلال بنفسه وبحياته الزوجية بعيدا عن أسرته، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على قلة نضج لاسيما على المستوى العقلي والسيكولوجي، فهذا الارتباط العضوي الذي يبقى حاضرا في بعض الأسر بشكل مزعج وقوي يدخل فيها ما يسمى بصراع القوى بين الأزواج، إذا يجر طرف الطرف الآخر لممارسة حالة هو غير راض عنها واضعا لذلك مبررات أن العيد مناسبة لرؤية العائلة، وهذا الضغط اللاشعوري على الطرف الآخر يجعل من المناسبة شيئا مقلقا ومزعجا، وهذه الظاهرة هي أكثر قوة في عيد الأضحى مقارنة مع الأعياد الأخرى غير أنه إذا كان اتفاق حول مكان قضاء العيد فليس هناك إشكال لكن إذا كان هناك تردد أو عدم قبول فيمكن أن يكون هناك تفاوض، أما أن تكون تنازلات من أحد الأطراف على أساس الحفاظ على العلاقة فهذا التصرف غير صحي للعلاقة الزوجية، لأن هذا التنازل يستغل بشكل كبير عندما تكون العلاقة الزوجية غير واضحة وغير سليمة حتى مع الأسرة الكبيرة، فحرص الأسرة أن تظل مراقبة يجعل الزوجة أو الزوج يشعر أنه لا يعيش مع طرف واحد، وأي إشكالية من هذا النوع معناها أن بعض الأزواج لا يرغبون في الاستقلال بذاتهم عن حضن العائلة أو عدم قدرتهم على تحمل المسؤولية أو أنهم يعيشون من غير تخطيط أو برمجة لحياتهم، وهي ظواهر موجودة وغير صحية بالرغم من أن الحياة المعاصرة تفرض تخطيطا وبرمجة على المدى القريب والبعيد وكلما كانت العلاقة لها أسس وبرامج ومستقلة عن أي ضغوط خارجية أسرية كانت أو غيرها فالعيد يدخل ضمن هذه المخططات، وأي حسابات أو جدالات حول مصاريف الأضحية أو مكان العيد وإن كانت هذه ليست قاعدة لكن يجب التساؤل ما هو معنى العيد؟ لأن هذه الأضحية تخلق العديد من المشاكل ليس بالممارسات ولكن حتى في مسألة الشراء، لذا لابد للشخص أن يجلس مع نفسه ويعرف فرحة العيد وأن يعيش هذه الفرحة على حساب أسرته الصغيرة إرضاء للأسرة الكبيرة أو إرضاء لنفسه بغض النظر عن الطرف الآخر الذي يقاسمه الحياة فهذا التصرف غير عادي، لأن معاني العيد تذوب عندما يصبح الأزواج يعيشون صراعات ونزاعات بسبب هذه المناسبة وبالتالي فتجاوز أي إشكال من هذا النوع يكمن في التفاهم إذا كان للطرفين استعداد وهذا الاستعداد ضروري.