من أكثرالأمراض التي يشكو منها الأشخاص في شهر رمضان هي تلك المرتبطة بالجهاز الهضمي والتي يطلق عليها في حالاتها المتطورة قرحة المعدة، إذ تنشط خلال هذا الشهر عند المصابين بها بسبب الإسراف في تناول كميات كبيرة من الطعام بعد يوم من الصيام، أو تناول أطعمة غير مسوح لهم بها.
قرحة المعدة حسب الدكتور نجيب الشقوري، الاختصاصي في الجهاز الهضمي، هي من الأمراض المزمنة التي يعاني منها بعض الأشخاص بسبب جرح أو ثقب في المعدة والذي سببه تآكل الجدار المخاطي المبطن للمعدة، غير أنه يمكن التمييز بين نوعين من القرحة وفقا لموقعها : فهناك الإصابة بقرحة الإثني عشر وهي نقطة اتصال بين المعدة والأمعاء الدقيقة، وهذا النوع من القرحة يشكل أغلب الحالات، وقرحة المعدة، وتقع في المعدة نفسها وهي نادرة لكن مضاعفاتها خطيرة.
المسببات :
ترجع أسباب القرحة إلى عدة عوامل منها المباشرة والتي تتخلص في ضعف مناعة المعدة ضد حامض الهيدروكلوريك الذي تفرزه المعدة بشكل طبيعي، وهو حامض يوجد في العصارة الهضمية للمعدة، أو الإصابة بالباكتيريا الحلزونية، والتي تعتبر من الأسباب الرئيسية وراء قرحتي المعدة والأمعاء، بالإضافة إلى عوامل غير مباشرة كالاستعمال الكثيف لبعض الأدوية المضادة لالتهابات المفاصل كالروماتيزم أو مسكنات الألم مثل الأسبرين، وعدم الانتظام في وجبات الطعام، وتناول المأكولات الحارة. كما أن القلق والتوتر من الأسباب المساهمة في تكوين القرحة إضافة إلى عامل الوراثة، زد على ذلك التدخين والمشروبات الكحولية والاضطرابات التي تظهر في الجهاز الهضمي في شهر رمضان عند مرضى القرحة هي بسبب الصيام الذي لا يتوافق مع نوع المرض، فالإفرازات التي تطلقها المعدة وهي فارغة تؤدي إلى إثارة المرض بشكل كبير.
الأعراض :
المرضى المصابون بالقرحة لا يشكون من أي أعراض، إلا أن الأغلبية يعانون آلاما في المعدة وغالبا ما يكون الألم على شكل تقلصات وحرقة، والشعور بالتواء منطقة حفرة المعدة، وقد يستغرق هذا الألم بضع دقائق أو بضع ساعات خاصة عندما تكون المعدة خالية بينما يخف عند تناول الطعام، كما يظهر الألم عادة مع الجوع حيث يستيقظ المصاب بهذه الأعراض من النوم ليلا وله رغبة جامحة في الأكل، وقد يستمر الألم إلى اليوم الموالي عند البعض، وقد يترافق الألم في بعض الأحيان مع الغثيان والقيء ومشاكل في الجهاز الهضمي، وقد تشتد القرحة مع التدخين أو شري الخمور أو أكل الأطعمة الحارة أو الخشنة، وقد تستمر لبضعة أيام متناوبة مع فترات من الراحة النسبية ثم تتكرر دوريا كما تزيد أعراضها خلال شهر رمضان لأن الصيام يؤثر على مريض القرحة مما ينتج عنه مضاعفات خطيرة بسبب زيادة الحموضة في المعدة الخالية أثناء الصوم، إضافة إلى أن نظام الأكل يؤثر على المعدة المصابة بالقرحة، لذا لا يسمح للبعض بالصيام لأن فيه خطورة على صحتهم، كما أن إتاحة الصوم للمصاب مرتبط باستشارة الاختصاصي وذلك قبل حلول شهر رمضان ومتابعة ومراقبة خلال الشهر وحتى بعده لأن السماح بالصوم مرتبط بحالة المريض ونوع العلاج.
المضاعفات:
تختلف مضاعفات القرحة بين البسيطة التي تنتج بسبب الأدوية نفسها أو قلة الغذاء أو نقص في الفيتامينات، أو الشديدة مثل حدوث ثقب مفاجئ في المعدة ويعتبر ثقب الجهاز الهضمي من المضاعفات المهمة والخطيرة عند المصاب إذ يظهر عليه عياء شديد بالإضافة إلى آلام حادة في البطن مع ارتفاع للحرارة، وهو الأمر الذي يستلزم جراحة عاجلة لخياطة الثقب وتطهير البطن. أو حدوث نزيف لأن استمرار تآكل جدار المعدة بسبب القرحة يؤدي إلى إصابة شرايين الجدار، فيحدث النزيف الذي يظهر في شكل تقيؤ للدم أو خروج الدم مع البراز.
التشخيص :
قرحة المعدة هي سرطان إلى أن يثبت العكس، لذا من واجب كل مريض شعر بالآم في المعدة أن يخضع للفحص وإجراء التحاليل قبل أن يتطور المرض من سرطان حميد إلى خبيث، وهو يعتمد فحصا بسيطا وسريعا باستخدام المنظار الذي يمكن أن يتم في العيادة إذا كان المريض لن يخضع لتخدير. وعملية الكشف هذه تتم بعد تناول المريض لمادة تسمح بمرور أنبوب طويل ومرن به عدسة كاميرا عبر الفم إلى المعدة والإثني عشر لفحص الغشاء المخاطي للجهاز الهضمي فحصا مباشرا، وبشكل يسمح للطبيب في حال وجود القرحة أخذ عينات صغيرة من النسيج الحي من أجل فحصها في المختبر للتأكد من وجود أو عدم وجود سرطان أو أورام خبيثة أو الإصابة ببكتيريا.
العلاج :
لقد تطور علاج القرحة في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، فالأدوية متوفرة وفعالة جدا للقرحة، ولم يعد المرض يشكل خطورة على المريض خاصة مع الفحص المبكر، كما أن نتيجة الفحص هي التي تحدد نوع الدواء سواء باستخدام المضادات الحيوية المناسبة التي أحدثت نتائج ممتازة في شفاء والتئام القرحة، أو باستخدام الأدوية الخاصة بخفض إفرازات حموضة المعدة وهي أدوية مهمة في العلاج إلى جانب المضادات الحيوية.