كيف أصبحت الجامعة المغربية…مملكة للفقراء ؟

عرفت الجامعة المغربية في السنوات الأخيرة تطبيق الإصلاح الجامعي، وذلك في إطار فتح العديد من الورشات التي تسعى إلى التغيير والانفتاح وربط المستوى الأكاديمي بسوق الشغل، فهل استطاعت أن تساهم في التغيير؟ وهل تم توافق ذلك مع رغبات الطلبة والأساتذة؟ وهل استطاعت الجامعة أن تمحو صورة مملكة الفقراء أو المقصيين من التعليم الخاص؟

 الجامعة المغربية بين النظامين 

عرف النظام القديم الجامعي نوعا من البطء والتكرار، خاصة حين بدأ مشكل البطالة يزداد في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى نوع من الإحباط لدى العديد من الطلبة بالنسبة لهذا النظام، آنذاك عملت الدولة على إحداث نوع من التغيير بالنسبة للنظام التعليمي والذي شمل كليات الآداب والاقتصاد والحقوق والعلوم، مع استثناء كليات الطب والصيدلة إلى غيرها من التخصصات الأخرى، وبدخول الإصلاح الجامعي سنة 2003، تم استقباله في البداية بنوع من الشغف بالنسبة للطلبة، لكنه سرعان ما عرف رفضا كبيرا، خاصة حين تم اختزال سنوات الدراسة من أربع إلى ثلاث، تقول هذى طالبة في السنة النهائية، إن سلبيات الإصلاح الجامعي اكثر من إيجابياته، ذلك أن الطلبة ملزمون بالحضور في جميع المواد، كما يتم امتحانهم في جميع المواد ، وهذا يخلق لديهم صعوبة في التلقي والإدراك، وبالتالي يتم الاعتماد على الحفظ كأسهل وسيلة لاجتياز الامتحان، ويرى الطالب عبد الله طالب في السنة الثانية أنه لا يستطيع أن يقرأ كتابا واحدا، لأن نظام الفصول والسرعة التي يتم من خلالها إدراج المواد، لا تترك له فرصة الحصول على تكوين معرفي، ثم إن الفصلين غير متكافئين، فالدورة الخريفية غالبا ما تكون أقصر من الدورة الربيعية، الشيء الذي لا يستطيع معه الطلبة تحقيق نوع من التوازن ، ويرى العديد منهم في النظام الجديد الكثير من السلبيات، مثل يامنة طالبة موظفة درست في النظامين معا، ترى أن النظام القديم كان يمنحها وقتا أطول في تهيئ العروض والإطلاع على الكتب، لأن هناك مساحة من الوقت، إلا أن النظام الجديد لا يمنح متسعا من الوقت، ولذا يلجأ الطالب إلى الأنترنيت، أو النقل الحرفي من الكتب، إضافة إلى أنه يكون مسكونا بهاجس الامتحان طيلة السنة، حتى أنه أصبح يقال إن بين حصة وأخرى هناك فرض ينبغي إنجازه ، ويرى بعض الطلبة أن هناك إيجابيات في الإصلاح الجامعي، منها تقريب الأستاذ من الطالب وإشتراك هذا الأخير في الحوار، إجبارية الحضور في المجزوءات ، وتنويع في المواد المدروسة بين الدورة الخريفية والربيعية، كما أن هناك إدراجا للإجازة المهنية التي تقرب من سوق الشغل.

 مسؤولية الجامعة 

يتم وضع العديد من المسؤوليات على عاتق الجامعة، ومنها تراجع مستوى الطالب المغربي، وقد عملت الأستاذة عزيزة أبو فراس على دكتوراه في موضوع التدريب وتدبير المسار المهني في الجامعة، تقول: قمت بالعديد من الدراسات حول تحليل الأخطاء التي يرتكبها الطلبة في إطارالتواصل الكتابي والشفوي، وانتهيت إلى أن هناك العديد من الفجوات الخطيرة التي لا يمكن أن تساعد على نجاح حقيقي، ولا يمكن القول إن نتائج الإصلاح الجامعي سلبية، فهناك تغيير كبير مع تقديم العديد من وحدات التكوين التي يمكن أن تساعد الطلبة لأن يعيشوا تطورا شخصيا مثل وحدة اللغات والتواصل، وحدة الإعلاميات، إضافة إلى فتح العديد من المسالك الجديدة، لكنني سأتجرأ وأقول بأن التعريب اللامنتهي هو السبب الرئيسي في نزول مستوى القدرات اللسانية للطلبة، ولذا فإن الإشكال ليس في الجامعة، ولكنه في نتائج الإرث الذي يراكم مجموعة من الأشياء لمختلف المراحل الدراسية السابقة، ولنأخذ بعين الاعتبار كليات العلوم، فإن الطالب يمر من نظام معرب إلى نظام فرانكوني فتكون قدراته اللسانية ضعيفة جدا، ويرى الأستاذ سعيد الوردي، أستاذ محاضر بكلية الآداب أن الطالب يصل إلى الكلية ضعيف المستوى وأن اتهام الجامعة هو مجرد افتراء، ذلك أن الطالب من المفروض أن يكون قد كون في مراحل الابتدائي والإعدادي والثانوي، لا أن يصل إلى الجامعة ليتم تعليمه التعبير اللغوي، ويرى الأستاذ سعيد أن الإصلاح الجامعي قد اختزل مدة التكوين من أربع سنوات إلى ثلاث لدواع مالية ليس إلا، ذلك أن الإصلاح ينطلق من خلفية سياسية، وليس من خلفيات علمية أو تكوينية أو بيداغوجية، ومن هذه الخلفيات ما يسميه البعض ربط الجامعة بمحيطها السوسيو اقتصادي، وفي هذا الإطار يتحدث مروجو هذه السلعة عن ربط الجامعة بسوق الشغل، ويتجاهلون أن الجامعة تعطي تكوينات وفق حاجياتها هي، ووفق تطور المعارف، ووفق ما تمليه بنية العلوم المدروسة، أما هذا الخطاب الذي يزج بسوق الشغل في التكوين الجامعي، فهو خطاب تبريري يسعى إلى التغطية على الفشل في منح المغاربة تعليما جامعيا يستحقونه.

 الجامعة والبحث العلمي

احتلت الجامعة المغربية رتبة سيئة قياسا إلى الجامعات الأخرى، ويرجع الأستاذ محمد أستاذ مساعد السبب إلى أن ذلك يتعلق بشكل واضح بالبحث العلمي الذي لم يكن أبدا من أولويات الدولة المغربية. فالبحث العلمي ضعيف في المغرب، لما تتعرض له الدراسات العليا السلك الثالث من تضييق نتيجة الإصلاحات المتوالية التي كان همها أساسا الحد من أعداد الحاصلين على الدكتوراه، ومعلوم أن البحث العلمي لا يقوم بدون طلبة يعدون أطروحاتهم، وإنتاجهم هو الذي يمثل في الحقيقة حصيلة البحث العلمي، إضافة إلى أبحاث مؤطريهم وأساتذتهم، البحث العلمي ضعيف جدا، لأن الجامعة ليس لها بنية للبحث العلمي، والجامعة لا تنشر شيئا، فهناك فرق بين الميزانيات المخصصة للنشر، وتشجيع البحث العلمي، بل حتى البنيات والهياكل المسؤولة عن البحث العلمي لا تقوم بما يجب عليها أن تقوم به، فهناك مثلا في الكلية مصلحة للبحث العلمي، ولكنها لا تقوم طيلة السنة سوى بتنظيم المهرجانات، وعلى العموم، فالتصور الذي جاء به الإصلاح الجامعي لا يعطي أي قيمة للبحث العلمي، بل يدعو إلى ما يسمونه خطأ بالمهنة إذ على التكوينات أن تكون مرتبطة بمهنة من المهن، حتى تمكن الطالب من العثور على عمل بعد تخرجه.

 مملكة الفقراء

تعتبر الجامعة مملكة الفقراء، حيث يتوافد عليها الشباب الذين لا يتوفرون على إمكانيات مادية للتعليم الخاص، وقد سمح الإصلاح الجامعي لرئاسة الجامعة، بفتح تكوينات متخصصة ومؤدى عنها، وذلك في إطار دعم استقلاليتها المادية والإدارية عن الدولة، مما جعل بعض الجامعات تنفرد بهذا النوع من الخوصصة، والذي يلعب دورا نفسيا أيضا، في كون هذه التكوينات المؤدى عنها تقرب من سوق الشغل. وقد تخوف العديد من خوصصة الجامعة، ويرى الأستاذ سعيد الوردي أن عدم وجود شغل لاعلاقة له بالجامعة، بل له علاقة بمشكل البطالة، وهذه الأخيرة يعاني منها الجميع سواء أكان متخرجا من الجامعة، أم كان متخرجا من التكوين المهني، فليس هناك تشغيل مكثف للشباب. وترى الأستاذة عزيزة أبو فراس أنها حين قامت بدراسة ميدانية للعديد من المؤسسات المغربية تبين لها أن هناك إدراكا سلبيا للدبلوم الجامعي، بحيث إن التكوين يبقى نظريا، ولا يسهل الإدماج المهني للطلبة الذين لا يتوفرون على واجهة مهنية، والطلبة واعون بهذه الوضعية ويحلمون بأن يكون لهم تكوين مهني. ففي المدن الكبرى مثل الرباط والدار البيضاء، أصبحت المدارس العمومية ملاذا للفقراء، فالأسر تقدم العديد من التضحيات من أجل أن تمنح أطفالها تمدرسا مزدوجا، ونفس الشيء بالنسبة للجامعة، وهذا يسيء إلى الجامعة.

ديمقراطية التعليم

هل يمكن أن نحلم بتعليم مختلف ؟

يرى الأستاذ سعيد الوردي أن النهوض بمستوى التعليم رهين بالنهوض بمستويات ما قبل الجامعة، التي أصبحت تنتج مستويات هزيلة، وترى الأستاذة عزيزة أبو فراس بأن الحلم ينبغي أن يقف على مدرسة واحدة وجامعة عمومية لكل الطبقات الاجتماعية، وذلك لردم الهوة بين الطبقات على مستوى التعليم، وينبغي للنخبة المثقفة والمجتمعية أن تتخلى عن مصالحها الخاصة، وأن تنهض بمستوى الجامعة المغربية التي هي في حاجة إلى تغيير في بنياتها الداخلية والخارجية، فالإمكانيات الداخلية غير متوفرة، والأقسام تعرف اكتظاظا ملحوظا، والبحث العلمي في حاجة إلى أن ينتعش ويشجع بهدف التطلع إلى مستقبل أفضل.

في عمر السابعة عشر فقط، تواصل رانيا كتابة أسطورتها في الأمواج. خلال المباراة النهائية لبطولة المغرب 2024، التي نظمتها الجامعة الملكية المغربية لركوب الأمواج نهاية الأسبوع الماضي في دار بوعزة، سيطر متصفح الشباب مرة أخرى على المنافسة من خلال الفوز باللقبين الأكثر شهرة: بطل المغرب تحت 18 سنة وبطلة السيدات المفتوحة.
حفل "ليلة نجوم السينما والتلفزيون"، الذي حمل هذه السنة شعار "سفراء الفن والرياضة"، في إطار تكريم منفصل للمجاليْن لضمان تكريس خصوصية كل منهما.
ندوة فكرية تحت عنوان "التراث المادي واللامادي من الحفظ إلى التثمين"، وذلك في إطار فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط.