لنتحدث عن فكرة الفيلم؟
يحكي فيلم وشم الريح قصة «صوفيا» وهي مصورة فوتوغرافية تعيش بطنجة ثم تكتشف بعد28 سنة أن والتها لا تزال على قيد الحياة وتعيش في فرنسا، بينما كبرت وهي تعتقد انها متوفية بناء على رواية والدها، و تكتشف أن والدها أعادها من فرنسا بعمر السنتين.تطرح صوفيا تساؤلات وتكتشف أسرار في رحلة البحث عن الأجوبة والأجزاء الناقصة من الهوية وايجاد الذات.
وفي هذا السفر لصوفيا الانسانة، تتغير أيضا نظرتها كفنانة فوتوغرافية للعالم، يطرح الفيلم أسئلة أخرى أبعد من ذلك ورسائل حول الهوية المتشظية وانواع المنافي ويدفع للتساؤل هل فعلا يمكن أن نعيد بناء جسور فوق جروحنا وإعادة بناء علاقات بشكل مختلف والتعايش مع الماضي.
هل من دافع شخصي لاختيار هذه الثيمة ؟
بدأت انشغل بفكرة الفيلم منذ سنة 2016، وهي فكرة مستوحاة من أحداث حقيقية، والكثير من العائلات المغربية عاشت أو كانت قريبة من قصص متشابهة، خاصة في فترة الستينيات والسبعينيات، التي شهدت موجة كبيرة من الهجرة، وكانت هناك زيجات مختلطة منها ما انتهى بشكل سئ، وكانت هناك علاقات نتج عنها أبناء لم يتمكنوا من معرفة الأب أو الأم لغياب التواصل، وقد منح هذا حالات كثيرة في دول مختلفة السويد هولندا، فرنسا..لجيل بلغ اليوم الثلاثينيات، يبحث عن أم أو أب في إحدى القارتين افريقيا(خاصة شمال افريقيا) أو أوربا .
في كل هذه الحالات هناك قصص مختلفة وصعبة لأنها تلتقي حول بؤرة تشظيات الهوية، وهناك من يفشل في الوصول للجزء الذي يبحث عنه من هويته، لأنه بعد البحث المضني والاختبارات الجينية يجد الأب أو الام قد توفيا، أو لا يتوفق في الوصول اليهما .
سؤالي المحرك، كان هو كيف يمكن أن نعيش بهذه الهوية المتشظية. يحيل الفيلم أيضا على الأحداث الحالية حيث موجات اللاجئين في أوربا والذين يوجدون في وضعية صعبة، بحيث أنهم هربوا لانقاذ أرواحهم، لكن نزعت جذورهم وهم في بحث مستمر عن احساس بالانتماء.
لماذا تأخر الفيلم لما يقارب عشر سنوات ؟
بذأت الاشتغال على سيناريو الفيلم منذ 2016، وتم تقديمه للمركز السينمائي المغربي واستفاد من دفعة أولى من الدعم، لم أتمكن من بدء التصوير لأن المنتج كان مشغولا بأعمال أخرى، وأيضا لأن الفيلم لم يتمكن من الحصول على دعم أخر، تأخرنا أيضا بسبب الجائحة، واضطررنا للتأخير إلى حدود منتصف 2021، حيث قمنا بتصوير الجزء الاول من الفيلم في المغرب، ثم كانت هناك صعوبات في التنقل لضرورات صحية فرضتها فرنسا وهولندا وهو ما أخر تصوير الجزء الثاني من الفيلم الذي صورناه في مدينة بوردو بفرنسا بعد فترة انتظار أخرى.
رحلة الفيلم كانت صعبة..
رحلة الفيلم كانت صعبة جدا، بعد انتهاء التصوير اشتغلت على المونتاج ومرجلة ما بعد الإنتاج، وحصلت بعض المشاكل الإنتاجية التي أخرت إصدار الفيلم الى 2024 حيث استطعت انهاء الفيلم على جميع المستويات التقنية والفنية.
قبل نهاية المونتاج قمت باتصالات مع البائعين الدوليين وأحرز الفيلم على الاستحسان، بتوافق مع المنتج والبائع الدولي للفيلم، تم عرضه في إطار سوق الفيلم الدولية في مهرجان برلين في دورته الأخيرة 74، أمام الموزعين ومدراء المهرجانات والمهنيين الدوليين، كما تم تسجيل الفيلم في عدد من المهرجانات ، وسيكون في السوق الدولي للفيلم بمهرجان كان السينمائي 77حتى يتمكن منظمو المهرجانات من اكتشاف الفيلم والتواصل مع بائعه الدولي.
اشتغلت مع فريق عمل من ضفاف مختلفة ..
اشتغلت مع ممثلين وثقوا برؤيتي وأشكرهم على ذلك منهم الممثل والمخرج الجيلالي فرحاتي ، الممثلة الفرنسية المغربية «وداد الما» التي تقوم بالدور الرئيسي، الممثلة الفرنسية ان لواري ، والنجم السوري محمود نصر الذي تحمس للمشروع رغم تأخر التصوير لمرات ولم يتنازل عن الفيلم، عز العرب الكغاط حميد الحضري، عبد اللطيف شوقي، احمد حمود منال بلحاج.. ، ساهم في انجاز الفيلم فريق فني وتقني مهم من المغرب وفرنسا، وجهات داعمة ماديا ومعنويا كالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وعدد من الشخصيات، وفرقة الرقص الوطنية لان الفيلم فيه جانب فني قوي بحكم أن الشخصية الأساسية هي مصورة والتصوير أيضا هو أداة حكي تخدم المقاربة الحكائية للفيلم الذي اعتمد أيضا على المسرح الراقص لأن الشخصيات تبحث عن الانتماء من خلال ما يبدع على الركح كنوع من التصالح مع الغربة الداخلية.
لماذا تم اختيار اسم وشم الريح ؟
يتحدث «وشم الريح» عن منافي من أنواع مختلفة، هناك من يهرب من الحرب وهناك من قرر أن ينفي نفسه من تاريخه وماضيه، منفى عن الهوية وهو سفر على مستويات مختلفة روحية ومادية لشخصيات متقاطعة لمحاولة اعادة تملك تاريخهم وهويتهم لتجاوز الجروح ولهذا اخترنا اسم الفيلم» وشم الريح» لان رياح الحياة التي تقوم بوشم الأرواح .
وشم الريح هو فيلمك الروائي الطويل الأول رغم أنك موجودة على الساحة منذ فترة مهمة ؟
فعلا هو فيلمي السينمائي الروائي الأول، وقبله كنت بصدد التحضير لفيلم آخر، والذي كان سيكون الفيلم الروائي الطويل الاول، لكني اضطررت للتضحية به.لدي انشغالات كثيرة وأولويات لم تسمح لي بالتفرغ لأني أقوم كأم وأب بنفس الآن على رعاية شؤون ابني وتأمين احتياجاته ، ابتعدت عن الانتاج قليلا، لكن بقيت قريبة من الإخراج خاصة في الافلام الوثائقية وبعض الافلام الدرامية، الى أن سمحت الفرصة لي بالتركيز على السيناريو والتحضير لتصوير الفيلم الطويل. قيل كثيرا أني لن أعود للسينما ولكن السينما ظلت دائما المحرك الاول لعملي كمخرجة.