في ذكرى عيد الشباب : “نفس حقوقي وقيمي قوي في خطب جلالة الملك ورؤية ملكية سديدة تجاه قضايا المرأة والمساواة بين الجنسين في المغرب”

بقلم د. نعيمة ابن يحيى، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة.

قد أولى جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله وأيده، منذ بداية حكمه اهتمامه بقضايا المرأة . وتناولها جلالته من عدة زوايا منها زاوية الحقوق والحريات وزاوية علاقتها بالتنمية وزاوية أخرى بعلاقة مع المؤسسات. حيث  ربط جلالته نمو المجتمع وازدهاره بوضعية النساء المغربيات . فقد جاء في أحد أول خطبهكيف يتصور بلوغ رقي المجتمع وازدهاره والنساء اللائي يشكلن زهاء نصفه تهدر مصالحهن في غير مراعاة لما منحهن الدين الحنيف من حقوقهن بها شقائق الرجال تتناسب ورسالتهن السامية في إنصاف لهن مما قد يتعرضن له من حيف أو عنف مع أنهن بلغن مستوى نافسن به الذكور سواء في ميدان العلم أو العمل .واعتبر مشاركة المرأة من مقومات التنمية عندما قال أنالتنمية الشاملة التي نعمل من أجلها والنهوض بالبلاد في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، كل ذلك لن يجدي نفعا في غياب مشاركة النساء.” كما أكد على حرصه على حرية المرأة وعلى كرامتها وعلى مساواتها مع الرجل بدءا من الأسرة في خطابه التاريخي الموجه لممثلات وممثلي الأمة سنة 2003، وعبر عن التزام المغرب بالقيم الإنسانية وبالانخراط في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان؛ كما عبر  جلالة  الملك عن قناعته الراسخةبضرورة تعبئة كل الطاقات الوطنية من أجل تحقيق النمو الشامل والمستدام الذي نريده لبلادنا، ما فتئنا نسعى لتعزيز دور المرأة وتشجيع انخراطها في جميع ميادين الحياة العامة: الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.” ودعا جميع المؤسسات والهيئات المعنية لمواصلة الجهود من أجل القيام بدورها في الدفاع عن حقوق الإنسان في كل أبعادها، وزيادة إشعاعها، ثقافة وممارسة، وذلك في نطاق الالتزام بروح المسؤولية والمواطنة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق والحريات، بأداء الواجبات.

وقد انعكس هذا المنحى الحقوقي و القيمي والتنموي على دستور المملكة  لسنة 2011 جاء بمقتضيات ترمي إلى حماية سلامة وأمن المواطنين والمواطنات عن طريق تقوية المؤسسات وإرساء دعائم مجتمع ديمقراطي تسود فيه المساواة بين الجميع. حيث ورد في الدستور أنالمملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة،

وعلى “…تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. ” كما نص الفصل 19 علىيتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها. تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء وتحدث لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز.”

ونص الفصل 30 من الدستور على ” …ينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية“.

تشاور وطني واسع أطلقته وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة

لتعزيز المشاركة السياسية للنساء

الحاجة إلى بلورة ثقافة سياسية تثمن كفاءة النساء وخبرتهن وتُيسر لهن مسارات الوصول إلى مواقع القيادة والمشاركة الفعلية في اتخاذ القرار

في إطار التوجيهات الملكية السامية في هذا الصدد ،وفي إطار مقتضيات الدستور السالفة الذكر،ونظرا لأهمية التعبئة المؤسساتية والمجتمعية الجارية استعدادا لانتخابات مجلس النواب 2026 باعتبارها علامة بارزة على حيوية  الورش الإصلاحي المتعلق بالمشاركة السياسية للنساء في الاستحقاقات الانتخابية لسنتي 2026 و2027 ،ولكون هاتين المحطتين فرصة يجب اغتنامها لتعزيز مسار دعم المساواة والمناصفة، خصوصا بعد دعوة جلالة الملك محمد السادس في خطاب عيد العرش بتاريخ 30 يوليوز 2025، إلى استكمال المنظومة المؤطرة للاستحقاق قبل نهاية السنة، ومكلفا وزارة الداخلية بتنسيق مشاورات سياسية مبكرة مع مختلف الفاعلين، تكريسا للرؤية الوطنية للتنمية والعدالة المجالية .ففي نفس السياق ،أطلقت وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة برنامجا تشاوريا وطنيا حول الاستحقاقات الانتخابية لسنتي 2026 و2027 خلال هذا الصيف، توزع على ثلاث محطات رئيسية بدأت بالمؤسسة التشريعية عبر المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالمساواة والمناصفة ، ثم القطاعات النسائية للأحزاب والهيئات الممثلة في البرلمان بغرفتيه فمنظمات المجتمع المدني التي تشتغل على موضوع المشاركة السياسية للنساء. وكانت الخلاصة التي أجمع عليها الجميع ، عبر مداخلات ممثلي البرلمان والأحزاب السياسية  وجمعيات المجتمع المدني، أن الجميع يتقاطع اليوم حول قناعة راسخة مفادها أن المرأة شريك أصيل في صياغة القرار العمومي، وأن تعزيز مشاركة النساء في المحطات الانتخابية المقبلة يجب أن يراعي مبدأ المناصفة كمبدأ دستوري، وهو الشيء الذي يقتضي من جهة ،ترسيخ آليات قانونية وتنظيمية تعزز تمثيلها، ومن جهة أخرى بلورة ثقافة سياسية تثمن كفاءة النساء وخبرتهن وتُيسر لهن مسارات الوصول إلى مواقع القيادة والمشاركة الفعلية في اتخاذ القرار.

استهل البرنامج الوطني لتعزيز المشاركة السياسية للنساء مساره بلقاء جمع بين الوزارة ومجموعة العمل الموضوعاتية حول المساواة والمناصفة بمقر مجلس النواب. وأتاح هذا الاجتماع التحضيري لاستحقاقات 2026-2027، تعزيز المقاربة التشاركية وتشخيص العراقيل التي تعترض تمثيلية النساء، كما بلور فهما مشتركا يقتضي الانتقال من تدابير ظرفية إلى إجراءات هيكلية ترفع حصة النساء في اللوائح الجهوية، وتوسيع حضورهن داخل مجلسي البرلمان خصوصا في مواقع القرار وكذا كممثلين للغرف المهنية ا، علما بأن التمثيلية داخل هذه الغرف لا زالت تواجه تحديات حقيقية، وكان من ضمن أهم الاقتراحات إطلاق قافلة وطنية للتحسيس وصياغة ميثاق حزبي يربط الدعم العمومي بنسبة التمثيلية النسائية.واستنادا إلى هذا التشخيص المشترك، يتأكد أن التعاون بين المؤسسة التشريعية والحكومة في هذا الملف الهام يضمن تجانس الإصلاحات التي تدعو إليها التوجيهات الملكية وينص عليها الدستور، ويدفع في اتجاه الانتقال من تدابير محدودة إلى حلول مبتكرة تعلي تمثيلية النساء داخل البرلمان بغرفتيه وداخل الغرف المهنية، وتطّر نموذجا مغربيا يقلص فجوة النوع عبر مشاركة كاملة وفعالة.

وفي منحى مواز، تواصل المسار التشاوري بلقاء ثان احتضنه مقر الوزارة يوم 17 يوليوز 2025، حيث التأمت رئيسات وممثلات القطاعات النسائية للأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان في جلسة تشاورية أتاحت مساحة لتشخيص التحديات العملية التي تواجهها النساء المرشحات، سواء على مستوى التمويل أو التأطير أو الصور النمطية أو الخطاب الإعلامي والعنف الرقمي. وأبدت القيادات الحزبية للتنظيمات النسائية استعدادا جماعيا لصياغة مذكرات اقتراحية، ترسم آليات دعم القدرات النسائية وضمان ولوجهن إلى مواقع القرار.

ويغذي هذا التوافق الحزبي زخما سياسيا ضروريا لاستكمال مسار إصلاح المنظومة الانتخابية وفق رؤية تقوم على التحفيز على أن تكون اللوائح المحلية والجهوية معتمدة على مقاربة النوع، وأيضا على توسيع دائرة التكوين والتأهيل داخل الأحزاب.

أما خاتمة الحلقات التشاورية فقد انعقدت يوم 24 يوليوز 2025، في لقاء جمع الوزارة بجمعيات المجتمع المدني العاملة في التمكين السياسي للنساء، استحضرن فيه عمق الدينامية المدنية وأبرزن أهمية المواكبة القبلية والبعدية للانتخابات، وربطن بين التراكم التشريعي ونشر الثقافة السياسية لدى الشابات خاصة في العالم القروي وشبه الحضري.

وبلور هذا اللقاء رؤية ميدانية تركز على بناء القدرات، وتتبع الأداء التشريعي للمنتخبات، وإشراك الإعلام في تغيير الصور النمطية، وإبراز النماذج النسائية الناجحة، مع التشديد على بيئة انتخابية شفافة تحمي النساء من العنف وتكفل لهن شروط تنافس متكافئ

ونعتبر في الوزارة أن المشار التشاوري هو أمر ضروري، وقد دأبت الوزارة على انتهاج المقاربة التشاركية مع المجتمع المدني منذ عقود مما ترتب عنه علاقات وثيقة تساهم في تجويد السياسات العمومية التي تسهر الوزارة على إعدادها وتنفيذها  في مجالات اختصاصها ومن ضمنها مجال حقوق النساء؛ وأيضا أن هذه المحطات الثلاث تؤسس لمسار إصلاحي مبني على الإنصات المتبادل والتفكير الجماعي الدامج للتشريع والتحفيز والحماية، والقائم على مراجعة التأطير التشريعي للمنظومة الانتخابية لبلوغ الثلث في اللوائح الجهوية، وعلى ربط جزء من التمويل العمومي للأحزاب بنسبة ترشيح النساء والمقاعد التي يحصلن عليها، وإحداث آلية لرصد العنف السياسي ضد المرشحات، وإطلاق أكاديمية للتمكين وبناء القدرات، مع مواكبة هذا المسار بتعبئة إعلامية ومجتمعية تبرز النماذج الرائدة وترسخ ثقافة المناصفة ، كما أن الفضاء الذي يتيحه الحوار الوطني في هذا الصدد لن يتوقف عند هذه اللقاءات الثلاث ، بل تستعد الوزارة لفتح المجال لتبادل الرؤى حول الموضوع عبر مناظرة وطنية في مجال المشاركة السياسية للنساء وأثرها على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى إطلاق مبادرة للتكوين استعدادا للاستحقاقين .

ورغم ارتفاع نسبة النساء في مجلس النواب  إلى 24 % سنة 2021، وتعزيز حضورهن في المجالس الترابية، فالهدف المنشود هو الانتقال من الحديث عن التقدم  بلغة الأرقام  ،إلى إرساء ثقافة سياسية ترى في المرأة فاعلا أساسيا وضروريا يسهم في صياغة القرار العمومي ورسم السياسات الوطنية، وتحويل المكتسبات إلى وضع اعتيادي تقاس به الممارسة الديمقراطية في بلدنا.

وعليه يستدعي رهان 2026 انخراطا جماعيا يتعدى تجويد النصوص إلى تطويع الممارسات وتحرير الخطاب السياسي من الصور النمطية. لذلك تعبئ الوزارة إمكاناتها لإعداد برامج تكوينية لتمكين السياسيات من أدوات الترافع والتواصل، ودعم  فعاليات المجتمع المدني على استثمار مبادرات المواكبة والدعم، وتسعى إلى شراكة فاعلة مع وسائل الإعلام لتوحيد الرسائل الإعلامية الداعمة لثقافة المناصفة.

انطلاقا من هذه القناعة يمثل توسيع تمثيلية النساء سبيلا إلى أداء تشريعي أكثر نجاعة ومساهمات تنموية أغنى، إذ تضيف المرأة قيمة مضافة مهمة في تدبير الموارد وتعميق الرقابة على التزامات التنمية المستدامة.

وتستند رؤية  الوزارة في هذا الصدد إلى توجيهات ملكية تجعل مشاركة النساء شرطا لبناء مغرب التقدم والكرامة، وإلى دستور يقر المناصفة، وإلى التزامات دولية  تعزز قيم المساواة بين النساء والرجال وخصوصا من خلال أطر دولية أبرزها اتفاقية سيداو ومنهاج عمل بيجين، وكذلك إلى إرادة وعزيمة النساء المغربيات اللواتي اثبتن نجاحهن في مختلف المجالات داخل المغرب وخارجه ، ويعتبر حضورهن داخل المؤسسات ركيزة محورية لديمقراطية متجذرة تنعكس آثارها على وتيرة التنمية وعمق العدالة الاجتماعية.

إن تثبيت المكتسبات وتعزيزها يشكلان التزاما وطنيا ومسؤولية يتقاسمها الجميع، ويرسخان تجربة مغربية متفردة تحظى بالاقتداء إقليميا ودوليا. ويتيح الاستحقاق الانتخابي المقبل فرصة لإبراز نضج مؤسساتي يدعم مسار التنمية، ويعزز الثقة في النموذج الديمقراطي للمملكة، ويكرس موقع المغرب كشريك دولي رائد في مجالات المساواة وتمكين النساء.

أصدرت رئاسة النيابة العامة دليلا استرشاديا لقضاة النيابة العامة حول تنفيذ العقوبات البديلة، وذلك في إطار مواكبة تفعيل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة والمرسوم التطبيقي له، الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من اليوم الجمعة 22 غشت 2025.
وصفها المركز بأنها "رسمت مسارها في وسط سينمائي كان تمثيل النساء فيه قليلا"، حيث بدأت كمدبّرة لقاعة محجوزة للمحترفين، ثم تدرجت لتكون موزعة، فمنتجة، ثم مخرجة، واقتربت من المهن بشغف.
عبير فتحوني وسارة رخى وصفاء الحاجي وإلياس خليفات.. وجوه مغربية تزين مهرجان تونس.