وقد تميز هذا اللقاء وفق بلاغ صحفي للمجلس، بمشاركة واسعة ضمت أعضاء من الحكومة والبرلمان، وممثلي مؤسسات وطنية ودولية، وجامعات وأندية رياضية، إلى جانب نخبة من الخبراء والإعلاميين والفاعلين في الحقل الرياضي مغاربة وأجانب.
وخلال الجلسة الافتتاحية، ألقى السيد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، كلمة أكد فيها أن تنظيم هذا المنتدى يأتي تجسيدا للاهتمام البالغ الذي يوليه البرلمان لقطاع الرياضة، وفي سياق ممارسة اختصاصاته الدستورية المتعلقة بتقييم السياسات العمومية. وأعرب السيد رئيس المجلس عن امتنانه العميق لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله لتفضله بإسباغ رعايته المولوية السامية على أشغال هذا المنتدى، الذي يشكل وقفة تأمل وإطاراً للحوار المؤسساتي حول منجزات الرياضة وتحدياتها وحاجياتها.
وأشار إلى أن الرياضة اليوم، لاسيما كرة القدم، أصبحت تنطوي على رهانات جيوسياسية واقتصادية كبرى، مما دفع جلالة الملك إلى ترسيخ قيمها الإنسانية عبر ربطها بالتربية والتكوين، معرباً عن أمله في أن تسهم مخرجات المنتدى في إغناء تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية لتصبح الرياضة رافعة حقيقية للتنمية والنبوغ المغربي.
من جانبه، أكد السيد عبد الرحيم شهيد، رئيس اللجنة الموضوعاتية المكلفة بالتقييم، أن المنتدى يجسد المكانة الاستراتيجية التي تحظى بها الرياضة في المملكة كخيار مؤسساتي مركزي لتعزيز التماسك الاجتماعي وتحفيز الاقتصاد، موضحا أن اللقاء يمثل فرصة عملية لإعادة قراءة واقع الرياضة الوطنية برؤية تحليلية ترصد مكامن القوة والاختلالات وتحدد رهانات المستقبل. واستعرض السيد شهيد المسار التشاركي الذي تنهجه اللجنة في تقييم الاستراتيجية الوطنية للرياضة، والذي شمل أكثر من 30 لقاءً وزيارة ميدانية شملت الأقاليم الجنوبية وتجارب دولية مقارنة.
وفي السياق ذاته، اعتبر السيد محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أن هذا الملتقى يعد امتدادا لروح مناظرة الصخيرات سنة 2008، وسيمكن من تقييم حصيلة الاستراتيجية الوطنية بعمق، خاصة في ظل التحولات الهيكلية التي يعيشها المغرب واستعداده لاستضافة تظاهرات كبرى ككأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، مشدداً على أهمية الدبلوماسية الرياضية في الإشعاع الدولي للمملكة.
من جهته، أوضح السيد فيصل لعرايشي، رئيس اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، أن إعداد نخبة عالية المستوى يمر حتما عبر ترسيخ الممارسة الرياضية في المؤسسات التعليمية وتوظيف التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي، داعياً إلى إصلاح منظومة التكوين داخل العصب والأندية.
بدورها، شددت السيدة نوال المتوكل، نائبة رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، على أن التوجيهات الملكية السامية تضع الرياضة في قلب التنمية البشرية، معتبرة المنتدى محطة أساسية لبلورة تصور وطني متكامل يجعل من الرياضة أداة لتعزيز إشعاع المملكة وتأطير شبابها.
كما أكد السيد جلول عينوش، ممثل مؤسسة المغرب 2030، أن الاستحقاقات الرياضية المقبلة تمثل اختبارا لنجاعة السياسات العمومية، وهو ما يقتضي تحديث الحكامة وتأهيل البنية التحتية انسجاماً مع الرؤية الملكية.
وفي مداخلته، أكد مدير مكتب الأمم المتحدة للتربية والعلوم (UNESCO) لمنطقة المغرب العربي السيد شرف احميمد، استعداد المنظمة لمواكبة المغرب في بلورة استراتيجية مستدامة، مشيراً إلى أن انضمام اليونسكو لمؤسسة المغرب 2030 يهدف إلى جعل الرياضة محركا للتغيير الاجتماعي والتمكين الشبابي.
وعقب الجلسة الافتتاحية، توزعت أشغال المنتدى على أربع ورشات موضوعاتية ناقش فيها المشاركون محاور كبرى تتعلق ب “النهوض بالرياضة والممارسة الرياضية”، و”الحكامة والتمويل الرياضي”، و”التكوين والتأطير الرياضي”، فضلاً عن “الإعلام الرياضي”.
وقد خلصت الورشات إلى توصيات جوهرية لإصلاح المنظومة، حيث شدد المشاركون على ضرورة إرساء سياسة وطنية شاملة للممارسة الرياضية تعتمد على قاعدة بيانات دقيقة وتضمن الولوج العادل للمنشآت. كما تمت الدعوة إلى تحقيق العدالة المجالية وتقليص الفوارق بين الحواضر والقرى.
وعلى مستوى الحكامة والتمويل، أوصى المنتدى بتنويع مصادر تمويل الرياضة الوطنية والبحث عن بدائل استثمارية مبتكرة عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما شملت المقترحات إحداث محاكم رياضية متخصصة لفض المنازعات، وتحويل الأندية إلى شركات رياضية تتبنى الفصل التام بين التسيير التقني والمالي لضمان الاستدامة.
وفي شق التكوين، دعا المشاركون إلى إصلاح جذري عبر إرساء مرجع وطني موحد للكفاءات، وإحداث وكالة وطنية للتكوين الرياضي، مع إقرار نظام “المشروع المزدوج” الذي يوفق بين المسار الدراسي والرياضي للنخبة، بما يضمن إعادة إدماجهم المهني والاجتماعي بعد نهاية مسارهم التنافسي.
كما شدد المنتدى على الدور المحوري للإعلام الرياضي كشريك في التنمية، داعيا إلى تحديث الإطار القانوني للصحافة الرياضية وإحداث ميثاق أخلاقي ينظم العلاقة بين الفاعلين، مع تطوير وتعميم الإعلام الرياضي ودعم التخصص فيه.
وقد اختتمت الأشغال بتلاوة برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى مقام صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله.