الكتاب هو الثاني للمؤلف والصحفي محمود حبوش بعد نجاح روايته “حكاية الفتى الذي لم يضحك أبداً” التي صدرت عام 2019 عن الدار العربية للعلوم ناشرون – بيروت.
يتضمَّن الإصدار الجديد 43 نصاً طاويّاً انتقاها المترجم من كتاب الحكيم “جوانغ تزه”، الذي يُعتقد أنه عاش في القرن الرابع قبل الميلاد، وهي حقبة عرفت في التاريخ الصيني بـ “الممالك المتحاربة.” واتسمت هذه الفترة بالبذخ الحضاري والفكري، فجاءت الطاوية كرد فعل على ذلك، محاولةً إرجاع الإنسان إلى الفطرة السليمة أو ما يعرف بالطاو.
والطاوية هي إحدى مدرستين فكريتين أثرّتا في إنتاج العقل الصيني حتى يومنا هذه، والأخرى هي الكونفوشيوسية.
واعتمد الكاتب على ثمان تراجم إنجليزية للكتاب نُشرت في الفترة ما بين القرنين التاسع عشر والحادي والعشرين. بعض تلك الترجمات كاملة أو مُوسَّعة، لكن معظمها جاء على شكل اختيارات.
ومهّد المترجم للعمل بتقديم تناول فيه شيئاً من تاريخ الطاوية وأهميتها في الفكر الصيني، بالإضافة إلى شرح بعض مفاهيمها الفلسفية، مقارناً إياها بمفاهيم مشابهة أو مفارقة في ثقافات الأخرى، لا سيما العربية واليونانية. كما تطرق إلى إلى تأثر كتاب وفلاسفة عرب وغربيين بالأفكار الطاوية.
وقال المؤلف الفلسطيني المقيم في بريطانيا: “تحمل هذه الترجمة قيمة مهمة توصلها من خلال مجموعة من الحكايات الفلسفية، وتتمثل بضرورة انسجام الإنسان مع كل من العمل والطبيعة المحيطة به حتى التفاني لتحقيق الإتقان في العمل. كما أنها تعكس شيئاً عن طبيعة الفلسفة الطاوية وأسسها الفكرية، لكني حاولت قدر المستطاع انتقاء النصوص التي تناسب الذوق المعاصر.”
وحول الدافع لترجمة النصوص، قال: “كنت قد قرأت ترجمة حديثة لمقطوعات من كتاب “جوانغ تزه” وأُخذت بها أخذاً شديداً، ولم أزل أقرأ في النصوص ويأسرني عمقها حتى وجدتني في أحد الأيام أترجم مقطوعة منها وكأن الأمر خارج عن إرادتي. وسرعان ما أخذت أبحث عن تراجم أخرى لهذا الكتاب. كان ذلك قبل حوالي عشر سنين، لكن في 2022 عندما كنت أفكر في نشر ما كنت قد ترجمته حثّني صديق على توسعة المقدمة وترجمة المزيد من النصوص حتى أربى ما ترجمته في النهاية على ضِعف ما كنت قد عرّبته أولاً.”
ومن أمثلة النصوص المترجمة “العجوز والسكين” و”كأنه من صنع جان”، وهما أُقصوصتان تعبران عن انسجام الإنسان المشتغل في صنعة ما مع كل من الطبيعة (والتي تشمل البيئة المحيطة والأدوات والمواد الخام) ومع العمل كأداء يحمل في طياته أبعاداً أخلاقية وجمالية تتعدى مجرد إنجاز مهمّة بعينها. في حين تعكس قصص أخرى مثل “القارب الفارغ” مفاهيم أصيلة في المذهب الطاوي، بالإضافة إلى احتوائها على قِيَم عملية.