يمكن أن نكون ضحايا الموضة، غارقات في التصنع كما يمكن أن نكون مستهلكات طبيعيات لما يعرض في السوق ومنه ما يساعدنا على ضبط الشعور بالراحة النفسية والتوازن، تؤكد لنا أديبة مستشارة ثقافية التي تعتبر العلاقة بين المرأة والجمال علاقة طبيعية ومبدئية، لكنها قد تنتقل الى التطرف-بنوعيه- اهمال أو مغالاة، بحسب درجة التأثر بما يحدث في المجتمع من سباق نحو التميز ونحو الفرص».
في سياق ذلك تشير أديبة إلى الإقبال والرواج الذي تعرفه سوق الماركات المقلدة، وكيف تحرص الكثيرات على اقتنائها، « فالمهم أن تلبسن وفق الموضة ويكن قريبات من المواصفات المطلوبة «.
قريبا من ذلك تتحدث «شعا» فنانة تشكيلية عن العلاقة التاريخية بين جمال المرأة وأناقتها وبين الصناعة العالمية «ترغب النساء في اقتناء الجديد في عالم الموضة المليئ بالإبداعات التي تستعين بها المرأة لإذكاء جمالها، وهو أمر مفهوم وعادي وليس طارئا، وهناك توجه عالمي اليوم لكي تكون الموضة مستدامة وتحترم البيئة وهو أمر جيد»، الإضافة التي تحرص عليها شعا هي أن نعتمد في نظرتنا للجمال على بيئتنا المحلية، «لدينا تقاليد وطرق ومواد وابداعات يمكن أن نستثمرها لنكون على الموضة وجميلات على طريقتنا».
«لا أحب اللهاث وراء الموضة تقول مريم طالبة طب، «الاناقة بالنسبة الي هي الأشياء البسيطة التي تلائم شخصيتي، سواء تعلقت بالملابس او الماكياج او الألوان، احرص على اقتناء أشياء تشبهني قد تكون قبعة تصنع الفرق أو اكسسوارات قديمة
أو أقمشة محلية مع ذلك يتحدث المقربون الي عن تميز اسلوبي وهذا يترجم نظرتي للأناقة والجمال».
الجمال له كلفة
«تتسابق ابنتي على معرفة أخبار الصولد فهي ترغب هذا الأسبوع في شراء حذاء رياضي من ماركة شهيرة بمناسبة بلاك فرايدي لم يكن بامكاني اقتناؤه بنفس السعر السابق» تقول جميلة مهندسة التي تخبرنا بأنها تعرف ان هذا ليس الطلب الأخير لابنتها التي تتتابع كل الصرعات في عالم الملابس، « لم يكن جيلنا مهووسا بالأناقة والموضة الى هذه الدرجة، بينما يصعب اقناع جيل اليوم بالاكتفاء، فالرغبات لا تتوقف والصرعات لا تنتهي».
هناك واجهة أخرى للحديث عن التوق الى الجمال، يتعلق الأمر بالكلفة الاقتصادية، فالصرعات المتوالية تعني ميزانيات متوالية، والاهتمام بتأهيل الجسد يساوي كلفة خاصة، وكذلك الأمر حين الحديث عن الماكياج أو الجراحة او التعديلات الجمالية.تمسك نعيمة إعلامية العصا من الوسط، معتبرة أنه من البديهي أن تتطلب مقاييس الجمال والاناقة اليوم ميزانية تكبر أو تتقلص حسب نوعية وجودة ومكان أي خدمة لها علاقة بصناعة الجمال « اقتصاديا نحاول على جيبي، أساير الموضة دون ضرر، بنفس الوقت لا أشكل نشازا في هذا العالم»، لا تنسى نعيمة أن تضيف بأن هناك سوقا كبيرة للموضة والجمال وسيكون صعبا ومكلفا ومستنزفا على جميع المستويات أن تتم مسايرته باستمرار وعلى طول الخط…الانتقائية مبدأ مفيد تؤكد نعيمة التي تنبه الى وجود محفزات اجتماعية تؤثر على سلوكنا وطبيعتنا ونظرتنا الى الجمال، وتظهر على شكل صرعات واتجاهات متجددة للموضة، وهو ما يدفعنا الى الاندماج فيها حتى ننتسب الى عصرنا ولا نكون غرباء عنه».
الجراحة التجميلية، وخصوصية الجمال
لا يتغير برنامج العناية الرياضية لدى ثورية مقاولة مهما كان برنامج يومها مثقلا بالعمل، ان حصص الرياضة والماساج طقس يومي مقدس بالنسبة اليها «ينعكس ذلك على جمالي وعلى اشراقتي وعلى مزاجي أيضا، الجمال بالنسبة الي يأتي من الداخل، من التناغم الذي يحدث بين عقلي وجسمي، أحرص على ارتداء ملابس مريحة والرياضة بالنسبة الي هي سر الجمال». سواء عن طريق الرياضة او التدخل الطبي التجميلي، فان الجسد يدخل بقوة في معايير الجمال اليوم، وما لا تستطيع الرياضة تغييره، لا يمكنه المعاندة أمام المشرط الجراحي. تثير الاخصائية النفسية والباحثة في الانثربولوجيا غيثة الخياط الكثير من الملاحظات الحذرة فيما يخص اقبال المغربيات على التجميل «هناك نموذج مهيمن اليوم للموديل ، امرأة بشعر طويل متموج، بشفاه مكتنزة ، برموش بارزة وتشبه بدرجات متفاوتة نموذج كيم كاردشيان- المثل الأعلى للجمال».
تثير الخياط علاقة ذلك بالجراحة التجميلية المزدهرة اليوم، «هناك زبونات دائمات لدى العيادات التجميلية ، تكون البداية، ثم تتوالى التدخلات الجراحية ثم تدريجيا يحدث التشابه»، تتحدث الباحثة عن مسألة مقلقة ، «لماذا ترغب النساء أن يشبهن بعضهن ؟ عكس اليوم كانت هناك ثقافة نسوية، كان الجمال يتمظهر بأشكال مختلفة وكل امرأة تبرز جمالها بطريقتها «واحدة عندها تبسيمة وأخرى عندها حفرة الزين أو عندها السر في نظرة العين والرموش. لكل واحدة خصائص جمالية مختلفة» لكن مقابل ذلك « اليوم ليس هناك شخصية خصوصية للجمال» .
التغييرات التي تعرفها نظرة المجتمع المغربي للجمال، وكل المتغيرات المصاحبة تربطها غيثة الخياط بما يحدث في العالم ، في الشرق والغرب وينعكس علينا،
«هناك دينامية عالمية، في كوريا حيث تتميز النساء بشكل العيون الصغيرة، وفي اليابان مثلا، هناك اقبال كبير على توسيع الأعين، في الصين يقبل الصينيون على تغيير لون الشعر و البشرة…، انها حركية عالمية سهلتها العولمة ونحن لا نفلت منها ايضا «.