يشكل المخطط الوطني للماء 2020-2050، خارطة طريق لمواجهة التحديات المائية بالمغرب، ووفقاً للموقع الرسمي لوزارة التجهيز والماء، فإن هذا المخطط هو الذي يحدد الإطار المرجعي للسياسة الوطنية في مجال الماء.
تهدف على الخصوص تعزيز العرض المائي من خلال بناء السدود والربط بين الأحواض المائية وتحلية مياه البحر، ودمج كل المراكز القروية في أنظمة التزويد المهيكلة للماء الصالح للشرب وتوفير الموارد المائية الضرورية من أجل تطوير فلاحة مستدامة والحفاظ على الأنظمة الإيكولوجية ومحاربة التلوث. وبلغت الكلفة المالية لهذا المخطط، ما يقارب 383 مليار درهم على مدى الثلاثين سنة المقبلة، وسيوفر الدعم العمومي جزءا كبيرا منها.
مشاريع واعدة
رصدت الحكومة المغربية بحسب الوثيقة التقديمية لمشروع قانون المالية 2023، ميزانية تصل إلى 150 مليار درهم، لإنشاء محطات تحلية لمياة البحر، بهدف مواجهة الشح المائي، وانخفاض خزينة السدود، وتضم محطة التحلية بالدار البيضاء ؛ وسيتم العمل بها خلال 2026، إضافة إلى توسعة محطة أكادير؛ وذلك ما بين 2027 2030- 2035- 2045-.
أما 250 مليون متر مكعب هي سعة محطة تحلية المياه المبرمجة بالجهة الشرقية، وفيما يتعلق بمحطة الصويرة فتبلغ سعتها 42.8 م.م.م، بينما تبلغ سعة محطة تيزنيت سيدي إفني 54.6 م.م.م، وسعة محطة طانطان 47.2 م.م.م، وبوجدور 60 م.م.م، وطرفاية 0.47 مليون متر مكعب.
هل يشعر المغاربة بالخطر المائي؟
بينما تتحدث مختلف وسائل الإعلام عن شبح الجفاف الصيفي، بشكل مستمر من أجل التحسيس بخطورة الإسراف في استهلاك المياه، نجد تصرفات بعض الأفراد بعيدة كل البعد عن ترشيد الاستهلاك، فهل يشعر المغاربة بالخطر المائي فعلياً؟، أم أن التصريحات الرسمية والاهتمام الإعلامي ليست إلا ظواهر صوتية لا يعير لها المواطن اهتماماً حقيقياً؟.
فكر سكان إحدى الإقامات الفاخرة بمراكش في حل عملي من طرفهم لحماية أنفسهم من شبح العطش في فصل الصيف في حالة خفض أو إغلاق الصبيب حيث قالت (سكينة رياح-35 عام) : « درجة الحرارة المرتفعة بمراكش تزيد من استهلاك المياه، وواجهنا العام الماضي انقطاع المياه بشكل مستمر، لذلك قرر سكان الإقامة شراء جهاز رفع ضغط الماء(surpresseur)، لعدم خوض تجربة الحرمان المائي مرة أخرى».
يرفض «محمد خطاب- 60عام-الرباط»، سيناريو الجفاف وأن الفقر المائي يهدد الساكنة بمختلف المدن المغربية قائلا : « لدينا حكومة واعية لن تترك المواطن يعرف معنى العطش ، المغرب عانى من الجفاف لسنوات طويلة، ولكن الحمدلله وبفضل السياسة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، و مخزون السدود لم نصل إلى العطش، و بالطبع لابد أن ينتبه المواطنين إلى استهلاكهم الشخصي وأن يبتعدوا عن الإسراف في كل الحالات».
رأي الخبير دون تهويل أو تهوين
إذا أردنا الإجابة على السؤال « هل سنواجه شبح العطش في صيف 2023ً؟»، والوقوف على حقيقة الأمر دون تهوين أو تهويل، كان يجب علينا أن نطلب رأي الخبراء، أعطى لنا المهندس محمد بنعبو الخبير في المناخ والتنمية المستدامة رأياً تحليلياً دقيقا لهذا الملف حيث شرح لنساء قائلاً : « لا يمكن فصل الوضعية المائية للمغرب صيف 2023، عن معطى هام جداً وهو أساس هذا النقاش، هو أن هذا هو العام السادس من الجفاف في أزمة غير مسبوقة بالعصر الحديث، ومع ارتفاع درجات الحرارة في شهري يوليوز وغشت، وزيادة نسبة التبخر للمياه بالسدود، من المتوقع أن يكون هناك عجز مائي.
تتضافر الكثير من العوامل للتحكم في استهلاك المياه، والتدبير الرسمي والفردي له، وأوضح بنعبو ذلك قائلا : «نحن نواجه صيف شديد الحرارة، وبالتالي فإن خطورة مواجهة العطش تتزايد، خاصة مع تغير سلوكيات الأفراد في استهلاك المياة بالصيف، حيث تزداد نسبة شرب المياة النظيفة، الاستحمام بها، ري المسطحات الخضراء، تنظيف المسابح والفنادق نظرا لارتفاع نسبة الإشغال في العطل، وبالتالي فتدبير المشكل لابد أن تتم على عدة اتجاهات متوازية، منها التوعية بأهمية الحفاظ على المياه، والترشيد الفردي والمؤسسي للاستهلاك خاصة المياه الصالحة للشرب، سرعة إنجاز المشروعات المتعلقة بمحطات تحلية مياه البحر، والتي تعمل الحكومة على بناء 12 محطة بهدف سد العجز المائي خاصة في مدن الدار البيضاء، مراكش و وجدة، وأخيراً قد تلجأ بعض الجهات إلى إغلاق أو خفض الصبيب في فترة الليل للتحكم في نسبة المياه المستهلكة، لأن الصبيب المستمر يقلل الشعور بالرغبة في خفض استهلاك المياه، ولهذا فإن مدن كبرى مثل وجدة سوف تتجه إلى خفض أو إغلاق صبيب المياه ليلاً، حتى تضمن الاستدامة النهارية للمياه، إضافة إلى الحملات التحسيسية للمواطنين بمختلف الفئات بما فيهم أصحاب الحمامات والمقاهي، والقائمين على الفنادق والمنتجعات السياحية، وذلك للتوعية بخطورة الندرة المائية، وأن سلوكيات الأفراد السبيل الأهم للابتعاد عن خطر العطش».