الشتاء يحول الأخشاب إلى ذهب

يصبح استعمال الحَطَب في عملية التدفئة إجبارياً في مناطق مغربية كثيرة بفصل الشتاء، ومع ارتفاع أسعاره وخطورته على البيئة، نثير تساؤلات عدة حول خطورة الاستعمال المفرط للأخشاب وتأثيره على الوضع البيئي بالمغرب .

الإنتاج نصف الاحتياج..!

بحسب تصريحات المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، عبد العظيم الحافي حول خشب الطاقة فإن الغابات بالمغرب تنتج حوالي 3,25 مليون طن من الخشب سنويا في ظروف مستدامة، أي دون المساس برأسمالها ، في حين أن حاجيات العالم القروي تقدر بحوالي 6 ملايين طن من الخشب، حيث يتم استخدام الخشب في الكثير من الدواوير على مدار العام، وليس في فصل الشتاء فقط، حيث يحتاجه الساكنة في الطهي إضافة إلى التدفئة.

تؤثر عملية جمع الخشب على السلوك اليومي لساكنة المناطق الجبلية خاصة في مناطق الأطلس المتوسط والكبير، حيث تضطر معظم الأسر إلى الدفع بأبنائها نحو البحث عن الأخشاب التي أصبحت نادرة وغير موجودة في مناطق عدة، مما يؤثر على مسارهم الدراسي في الكثير من الأحيان، أما ممتهني بيع الحطب فأصبحوا يقضون معظم اليوم في البحث عن كومات من الحطب لا يتجاوز سعرها في أفضل الأوقات ثمانون درهماً، في الوقت الذي كان لا يتطلب البحث عن الخشب منذ أعوام قليلة سوى ساعتين على أبعد تقدير.

سليمة بلمقدم
مؤسسة حركة مغرب البيئة 2050

كارثة بيئية

كرست المهندسة سليمة بلمقدم المهندسة المنظرية ومديرة مكتب دراسات في تهيئة الفضاءات الخارجية بالدار البيضاء جزء كبير من نضالها الحياتي فيما أطلقت عليه «النضال البيئي» وبناء عليه أسست حركة مغرب البيئة 2050، والتي تعتبر أن إنقاذ المجال البيئي بالمغرب هدفها الأول، إضافة إلى تعبئة الرأي العام ومد جسور القوة لإجبار أصحاب القرار على أن يأخذوا المشاكل البيئية بعين الاعتبار، وتغيير طريقة الحياة الراهنة نحو ثقافة أكثر إنسانية وبيئية، تحترم حقوق مجموع الكائنات الحية وحقوق الأجيال المستقبلية.

أثرنا العديد من التساؤلات حول وضع استخدام الأخشاب بالمغرب، وتأثيرها على الغطاء الغابوي و التوازن البيئي، فكان رد بلقدم صادمًا حيث أوضحت قائلة: «تعتبر الغابة المغربية نظاما مفتوحا معقدا ومتعدد الوظائف، وهو يقدم أصولا مرتبطة بتنوعه البيولوجي الكبير وما يمثله من دعم للفلاحة، إلا أنه يواجه أشكالا من الاستغلال في أصل ظهور هذه القضية ذات المصالح المتضاربة، وخصوصية غاباتنا في مناخاتها هي أنها محدودة بدرجات الحرارة الدنيا في الشتاء والحد الأقصى لدرجات الحرارة في الصيف والجفاف والرياح لأن الأنواع المغربية تنمو فقط لبضعة أشهر في السنة: في الربيع وأوائل الصيف وأوائل الخريف، على عكس الغابات الاستوائية أو الاستوائية أو في المناخات المعتدلة، فشجرة الأرز، على سبيل المثال، تنمو لمدة 5 أشهر في منطقة الريف، ولكنها تنمو لمدة شهرين فقط في الأطلس المتوسط القاري والأطلس الكبير، وهذا ما يزيد الوضع خطورة وتعقيدا في ظل عدم الوعي بخطورة القطع الجائر للأشجار و الإستهلاك غير الواعي للحطب».

  ظواهر وتأثيرات

فندت المهندسة سليمة المشكلات التي تواجه الغطاء الغابوي وعلى رأسها : « الاستهلاك المفرط للحطب فهو المصدر الثاني للطاقة المستعملة بالمغرب بعد زيت الوقود ويمثل 30 % من رصيد الطاقة الوطني. ويبلغ الاستهلاك السنوي الذي أعلن عنه الصندوق الوطني للغابات في يناير 2023، 11,3 مليون متر مكعب، منها 53 % من الغابات. ويتوزع على الأسر الريفية بنسبة 89 %، وعلى المؤسسات الاجتماعية الاقتصادية العامة وغيرها. 8 % والأسر الحضرية 3 %.

وفي المناطق الجبلية الريفية، لا يكون أمام السكان في كثير من الأحيان خيار سوى استخدام الخشب للتدفئة والطهي».

تقوم حركة المغرب البيئة 2050 بمتابعة الوضع الواقعي للغابات وأوضحت سليمة قائلة: «رغم أن منظمة اليونسكو ضمت غاباتنا الأرزية الى قائمة المحميات الطبيعية العالمية في مارس 2016 ، لم يقابلها بعد نفس التثمين داخليا من طرف المغرب، واستمرت تحكمها نفس القوانين الغابوية القديمة التي تعود الى فترة الحماية الفرنسية والتي في الواقع لا تحمي الغابة بل تشجع على استغلالها الجشع ومن طرف عصابات منظمة، لذلك فنحن بالحركة، نطالب بتسجيل شجرة الأرز ضمن الإرث الوطني الإيكولوجي ذات المكانة الرفيعة، بإدخالها في راحة لمدة زمنية طويلة، أي بالإعلان عن المنع المطلق لاستغلالها، يتفق عليها أفراد المجتمع المدني المتخصص وكل المؤسسات المعنية، من الوكالة الوطنية للمياه والغابات ووزارة التنمية المستدامة ووزارة الداخلية.كما نطالب أن يتم ضمها إلى التراث المغربي اللامادي».

حلول واقعية

لا يمكن أن ننهي شعور الساكنة بالبرد ولا احتياجهم اليومي للأخشاب، ولكن يجب أن نبحث عن حلول واقعية لهذا الإشكال الذي قد يدفع ثمن الاستهتار به الأجيال القادمة، وقدمت حركة مغرب البيئة 2050 حلول لهذه الإشكاليات متمثلة في:

• مغربة المعرفة فيما يخص جرد كافة الأنواع الحياتية وغيرها وظروف بيئتها، وتوفير كافة الإمكانات البشرية والمادية لذلك.

• القطع النهائي مع كل أنشطة الريع وإخضاع كل الأنشطة التي تمس المجال الطبيعي لتقنين صارم يرمي إلى المحافظة على الأنظمة البيئية والأنواع المستوطنة أو المهددة بالانقراض.

• التطبيق الصارم للقوانين المنظمة لدراسات الأثر على البيئة وتطبيق رأي الخبراء في مجال المحافظة على البيئة، وعلى أن تكون مكاتب الدراسات مستقلة عن المقاولات والإدارات الطالبة لمثل هذه الدراسات.

• تحقيق الاكتفاء الذاتي فيما يخص الطاقات النظيفة وتمكين سكان البوادي من الاستفادة المجانية منها, مثل هذا الإجراء كفيل للقطع مع ممارسات اجتثاث الأشجار الغابوية لاستعمالها للتدفئة.

• تشجيع السكان القرويين من أجل العيش في تجمعات سكنية وتحديد أماكن الرعي للحد من تدهور الغطاء النباتي..

يستند مشروع "قطرة" الذي قامت بتطويره مجموعة من الطلاب بالمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن في الدار البيضاء، إلى تطبيق على الهاتف النقال مرتبط بجهاز ذكي لإدارة المياه.
تأتي هذه المبادرة ضمن استراتيجية موسعة يرعاها المجلس الإقليمي لتنمية القطاع السياحي وجعل الإقليم نقطة جذب للسياحة الوطنية والدولية على حد سواء.
تجسد هذه الحملة، التي أطلقها المرصد الوطني لحقوق الطفل تحت شعار “لنعمل معا”، بإشراف من صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، عزم المغرب على حماية أطفاله من التنمر المدرسي، الآفة العالمية التي تتطلب التزام الجميع.