هذا السؤال يثير اهتمام العديد من الأشخاص الذين يمارسون رياضة الجري أو يفكرون في البدء فيها. فالجري هو نشاط بدني شائع يوفر العديد من الفوائد الصحية، ولكن هل يمكن أن يؤدي إلى التهاب المفاصل؟
يمكن للعدائين أن يصابوا بالتهاب المفاصل، لكن هل فعلا الجري هو السبب؟
قد تعتقد أن الإجابة واضحة. من المؤكد أن سنوات من الجري (طرق الأرصفة، أو حتى الأسطح الأكثر ليونة) يمكن أن تؤدي إلى تآكل مفاصلك، مثلما تتآكل الإطارات بعد أن تقطع عليها أميالاً كافية. والتهاب المفاصل العظمي، وهو النوع الأكثر شيوعًا من التهاب المفاصل، يصيب عادةً كبار السن. في الواقع، غالبًا ما توصف بأنها مرتبطة بالعمر وتنكسية. هذا يبدو وكأنه نوع من البلى، أليس كذلك؟
ربما لا. بالتأكيد، من السهل إلقاء اللوم على الجري عندما يصاب الشخص الذي يمارس رياضة الجري بانتظام بالتهاب المفاصل. لكن هذا اللوم قد يكون مضللاً. الأسئلة التي يجب طرحها هي:
- هل الجري يضر المفاصل ويؤدي إلى التهاب المفاصل؟
- هل يتطور التهاب المفاصل أولاً ويصبح أكثر وضوحًا أثناء الجري؟
- هل الاتصال أكثر تعقيدًا؟ ربما لا توجد علاقة بين الجري والتهاب المفاصل لدى معظم الناس. ولكن ربما أولئك الذين من المتوقع أن يصابوا بالتهاب المفاصل (بسبب جيناتهم، على سبيل المثال) يصابون به بشكل أسرع إذا مارسوا رياضة الجري.
ما العلاقة بين الجري والتهاب المفاصل؟
تشير الأدلة المتزايدة إلى أن الجري لا يسبب هشاشة العظام، أو أي مرض آخر في المفاصل.
- وجدت دراسة نشرت في عام 2017 أن العدائين الترفيهيين لديهم معدلات أقل من التهاب مفاصل الورك والركبة (3.5٪) مقارنة بالعدائين التنافسيين (13.3٪) وغير العدائين (10.2٪).
- وفقًا لدراسة أجريت عام 2018، كان معدل الإصابة بالتهاب المفاصل في الورك أو الركبة بين 675 من عدائي الماراثون نصف المعدل المتوقع بين سكان الولايات المتحدة.
- لم يجد تحليل 2022 لـ 24 دراسة أي دليل على وجود ضرر كبير للغضاريف المبطنة لمفاصل الركبة في التصوير بالرنين المغناطيسي الذي تم إجراؤه بعد الجري مباشرة.
هذه مجرد أمثلة قليلة من الدراسات الطبية المنشورة حول هذا الموضوع. وبشكل عام، تشير الأبحاث إلى أن الجري ليس سببًا محتملًا للإصابة بالتهاب المفاصل، بل وربما يكون وقائيًا.
لماذا يصعب دراسة الجري والتهاب المفاصل؟
- يستغرق التهاب المفاصل العظمي سنوات عديدة ليتطور. إن البحث المقنع سيتطلب وقتا طويلا، ربما عقدا من الزمن أو أكثر.
- من المستحيل إجراء دراسة مثالية. أقوى نوع من الدراسات البحثية هو تجربة مزدوجة التعمية، عشوائية، محكومة. يتم تعيين المشاركين في هذه الدراسات إلى مجموعة علاجية (ربما تتناول دواءً جديدًا) أو مجموعة مراقبة (غالبًا ما تتناول دواءً وهميًا). التعمية المزدوجة تعني أن الباحثين والمشاركين لا يعرفون من هم الأشخاص في مجموعة العلاج ومن هم الأشخاص الذين يحصلون على دواء وهمي. عند بدء العلاج قيد الدراسة، لا توجد طريقة لإجراء هذا النوع من التجارب.
- احذروا المربكين. المُربك هو عامل أو متغير لا يمكنك تفسيره في الدراسة. قد تكون هناك اختلافات مهمة بين الأشخاص الذين يركضون وأولئك الذين لا يركضون، ولا علاقة لها بالجري. على سبيل المثال، قد يتبع العدائون نظامًا غذائيًا صحيًا، أو يحافظون على وزن صحي، أو يدخنون أقل من غير العدائين. وقد يختلفون فيما يتعلق بكيفية محاذاة مفاصلهم، أو قوة أربطتهم، أو الجينات التي توجه تطور الجهاز العضلي الهيكلي. يمكن أن تؤثر هذه العوامل على خطر الإصابة بالتهاب المفاصل وتجعل من الصعب تفسير نتائج الدراسة بشكل واضح. في الواقع، قد يفسر ذلك سبب اعتقاد بعض الدراسات أن الجري وقائي.
- قد يختلف تأثير الجري بين الأشخاص. على سبيل المثال، من الممكن، على الرغم من عدم إثبات ذلك، أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة ويمارسون رياضة الجري بانتظام يكونون أكثر عرضة لخطر الإصابة بالتهاب المفاصل بسبب ضغط الوزن الزائد على المفاصل.
لذلك، تشير الاتجاهات في الأبحاث الحديثة إلى أن الجري لا يؤدي إلى تآكل مفاصلك. يجب أن يكون ذلك مطمئنًا لأولئك منا الذين يستمتعون بالجري. وإذا كنت لا تحب الجري، فلا بأس: حاول العثور على أشكال من التمارين الرياضية التي تستمتع بها أكثر. فقط لا تبني قرارك – أو تعذر – لعدم الجري على فكرة أن ذلك سيدمر مفاصلك.
