التغيرات المناخية وأثرها على الصحة العامة

أصبح تأثير التغيرات المناخية على درجات الحرارة والظواهر الجوية واضحاً وملموساً، ولكن إلى أي مدى تؤثر تلك التغيرات المناخية على الصحة العامة للأفراد ومن ثم المجتمع، وكيف تساهم حرارة الصيف في تعزيز ظهور تلك الأمراض، الطبيبة العامة سارة شملال منحتنا إجابات وافية حول تلك هذا الموضوع .
سارة شملال
طبيبة عامة

وفيات متضاعفة

لم تصدر وزارة الصحة المغربية بيانات أو احصائيات رسمية عن تأثير التغيرات المناخية على الصحة العامة، إلا أن هناك ظواهر ملموسة للأطباء من واقع العمل، والفحوصات اليومية لا يمكن تفسيرها إلا في إطار تأثير التغيرات المناخية على الصحة العامة للأفراد، وشرحت شملال ذلك قائلة: «التغيرات المناخية ليست وليدة الساعة، لأنه تم انعقاد أول مؤتمر عالمي للتغيرات المناخية عام 1972، ولكن في هذا التاريخ لم يكن يتصور أي شخص أن تكون تأثيرات التغيرات المناخية على الصحة والبيئة بهذا الحجم، وبتلك السرعة الملحوظة، فبحسب منظمة الصحة العالمية فإن 3.6 مليار شخص معرضين للتأثر الشديد بفعل التغيرات المناخية خاصة في قارات آسيا وأفريقيا، حيث يساهم انخفاض الدخل في تلك الدول إلى امتداد تأثير التغيرات المناخية لمجالات أكثر، وبالتالي يشعر المواطنين بالتأثر على عدة مستويات، على رأسها الصحة العامة بالرغم من أن هذه البلدان تساهم بقدر قليل في الانبعاثات السامة المسببة للتغير المناخي، وبحسب نفس المنظمة الأممية فإن 150 ألف وفاة تحدث في السنة بسبب التغيرات المناخية مباشرة، ومن المتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2030، وبالطبع تتجلى تلك التغيرات في موجات الحرارة الشديدة وتأثيرها السلبي والخطير خاصة على المسنين، الأطفال، الحوامل، وأصحاب الأمراض المزمنة ، أصحاب الأمراض المناعية ومرضى القلب، الذين يتأثرون بصورة كبيرة بموجات الحرارة حيث يضطر القلب إلى ضخ المزيد من الدماء للحفاظ على درجة حرارة الجسم مما يعرضهم إلى ارتفاع ضغط الدم، والإجهاد الحراري، وأيضا زيادة عدد ضربات القلب، مما يمثل خطورة شديدة على حياتهم».  

 أمراض مناخية

يزداد تأثير التغيرات المناخية في فصل الصيف، حيث تصبح الضربات الشمسية المباشرة منتشرة بشكل ملحوظ، وشرحت الطبيبة العامة ذلك قائلة: «تزداد فرصة الإصابة بضربات الشمس المباشرة في فصل الصيف، ومع ارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ، وامتداد موجات الحر لعدة أيام متواصلة يزداد أيضاً خطر الاجهاد الحراري وهو ارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل تدريجي مع نقص في التهوية مما يؤثر على وظائف الجسم الحيوية، وقد يعرض الأشخاص للوفاة إذا لم يتم اسعاف الحالة، كما تؤثر التغيرات المناخية المرتبطة بالجفاف على التغذية وتؤدي إلى انتشار الأمراض المرتبطة بسوء التغذية بشكل كبير، ولا نقصد هنا الجوع، ولكن جودة الطعام وقيمته الغذائية وأيضا التنوع الغذائي، حيث تزداد معدلات البطالة والفقر مع الجفاف، وبالتالي تنخفض القدرة الشرائية للأفراد نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء، مما يؤثر بشكل سلبي على التغذية، ويؤدي إلى ظهور أمراض سوء التغذية خاصة لدى الأطفال مثل فقر الدم، كما تتزايد التسممات الغذائية نتيجة عدم توفر المياه الصالحة للشرب، خاصة في بعض الدواوير النائية بالمغرب، حيث زادت بشكل ملحوظ حالات الجفاف أو التسمم الغذائي بسبب المياه الملوثة، كما ظهرت بعض الأمراض التي كانت قد قل نسب ظهورها بشكل ملحوظ مثل الملاريا وحمى الضنك، وهي أمراض مناخية تتزايد مع انتشار الحرارة والتلوث، وبالطبع أدى انخفاض جودة الهواء إلى زيادة ملحوظة في حالات الربو الشديدة وضيق التنفس لدى الأطفال والرضع «.

 الحساسية والتغيرات المناخية

أدت التغيرات المناخية بحسب الطبيبة سارة شملال إلى ظهور أنواع غريبة من الحساسية، وشرحت ذلك قائلة: «من المعروف أن مختلف أمراض الحساسية مرتبطة بالعامل الوراثي بشكل كبير، إلا أن التغيرات المناخية أدت إلى زيادة تحسس الجسم، وظهور أنواع غريبة وغير اعتيادية من الحساسيات، مثل الحساسية من حليب الأم، كما لاحظنا تفاقم حالات الحرجة من الربو والحساسية خاصة عند الأطفال والرضع، كما أن التلوث يلعب دور مهم في انتشار حبوب اللقاح وبالتالي يتنشر التحسس بشكل أكبر ، كما أن ضعف الجهاز المناعي بسبب التوتر والقلق المرتبط بالتغير المناخي يعطي للجسم إشارات للتحسس حتى من أشياء لم يكن يتحسس لها في السابق، وبحسب دراسة حديثة فإن مشكلة انتشار الأعشاب المتطفلة في المجال الحضري مع ارتفاع درجات الحرارة يصبح الهواء أكثر تشبعا بحبوب اللقاح، ومن ثم تتحول إلى مشكلة صحية كبيرة في المجال الحضري حيث أن الهواء يكون متشبع بحبوب اللقاح مما يزيد فرص انتشار الحساسيات بأنواعها المرتبطة بحبوب اللقاح، إضافة إلى أن العواصف تساعد في نشر الجزئيات المحسسة، والتي تساهم بدورها في الإصابة بمختلف أنواع الحساسيات».

 الزراعة البيولوجية

يعتبر خيار المنتجات الزراعية البيولوجية متاحاً خاصة في الأسواق والمتاجر الكبرى، ولكن هل تحمينا تلك المحاصيل نسبياً من المخاطر الصحية المرتبطة بالغذاء والناتجة عن التغيرات المناخية؟

أوضحت سارة شملال الطبيبة العامة أنه بالفعل يمكن لخيار المنتجات البيولوجية أن يكون ذا تأثير إيجابي على الصحة العامة قائلة: «الزراعة البيولوجية يظل اختيار أفضل للصحة العامة، حيث أن المحاصيل لا تحتوي على مبيدات ضارة ولا النترات السامة، ويتم مراعاة الفصول الأربعة في عملية الزراعة، كما أن مرحلة القطف للفاكهة والخضروات تحدث عقب النضج الطبيعي، وبالتالي تكون القيمة الغذائية لها أعلى، حيث يكون بها توازن أكثر في الأملاح المعدنية والألياف والزنك واليود، كما أنها تتمتع بمذاق ورائحة أفضل، من المنتجات العادية التي تؤثر التغيرات المناخية واستخدام المبيدات الزراعية على جودتها وقيمتها الغذائية».

يعد المسرح الملكي الرباط بتجربة ثقافية غامرة من خلال برمجة غنية تشمل احتضان أحداث ثقافية وطنية ودولية، بما يسهم في إثراء المشهد الثقافي للرباط والمغرب بأكمله.
منذ انطلاقته، دأب المهرجان الدولي للفيلم بمراكش على تكريم الأسماء اللامعة في عالم السينما، مما يعكس التزامه بتعزيز الثقافة السينمائية على الصعيدين الوطني والدولي.
بحسب وزارة الصحة، يسجل المغرب ما يقارب 40 ألف حالة إصابة جديدة بالسرطان سنويا بين النساء، يأتي سرطان الثدي في المرتبة الأولى بنسبة 36%، يليه سرطان عنق الرحم (11,2%).