لأول مرة تتولى أمرأة عمادة مدينة بحجم الدار البيضاء، كيف تعيشين التجربة ؟
أولا أعيش التحديات الكبيرة التي تعرفها مدينة بحجم الدار البيضاء مهمة حظيت بشرف تحمل مسؤولية تدبير مدينة ميتروبولية بميزانية محددة وأوراش مفتوحة وملفات كبيرة وبانتظارات أكبر. وطبعا كسياسية فأنا أحيانا أعيش إكراهات لكن من واجبي مسؤولة سياسية رفع التحدي والحرص على إيجاد الحلول والتوافقات الضرورية للخروج في النهاية بمشاريع تهم المواطن. ففي النهاية، هذا ما يهم المواطن.. أن يرى انعكاس مسؤوليتنا في معيشه اليومي. هذا ما يهمه أكثر من كوني امرأة..
ماذا كانت خطة التدبير عندك منذ توليك هذه المسؤولية ؟
منذ اليوم الأول من ممارسة مهامي، كانت مقاربتي في العمل واضحة، وهي العمل المشترك والمسؤولية المشتركة.. لذلك فكل ما قد تم إنجازه اليوم لصالح مدينة الدار البيضاء، فهو يحسب للمجلس الذي أحظى بشرف رئاسته اليوم. نحتاج أن نتفق على هذا الأمر أولا ، لأنه هنا مربط الفرس. فخصوصية تدبير الشأن العام المحلي وخاصة بالنسبة إلى جماعة ترابية تعمل وفق نظام وحدة المدينة، تحتم على المسؤول السياسي أن يتحلى بالتعاون وأن يجيد التنسيق وتدبير الالتقائية. وفي هذا قد أقول إنني نجحت إلى حد ما ؛ ربما كان لتجربتي في تدبير مندوبيات ومديرية الصحة بالدار البيضاء دور في استعدادي لهذه المقاربة.
وفيما يخص ما تم إنجازه خلال مدة 15 شهرا منذ انتداب هذا المجلس، فيمكن تلخيصها في أربعة محاور كبرى: أولا فنحن باشرنا ملفات استعجالية ونجحنا في إيجاد تسويات مع شركائنا للعديد من الملفات العالقة ، وخاصة في مجال النظافة والنفايات، وأنت تعلمين أنها من أهم وأكثر الملفات تعقيدا بالنسبة إلى التدبير المحلي، مثل النفايات الهامدة ومطرح مديونة.
موضوع آخر يؤرق المسؤولين فيما يخص مدينة الدار البيضاء وهو العجز المالي، ولذلك أطلقنا ورش النهوض بالمداخيل التي هي في نهاية المطاف تعود للساكنة في شكل خدمات، وقد حقق المجلس هذه السنة مداخيل غير مسبوقة بلغت قيمتها حوالي 4.2 مليار درهم ، بفضل خطة عمل مندمجة قد نعود إليها بالتفصيل لأنها بالنسبة لي ورش مفتوح.
أيضا، وفي نفس الإطار، مجهود كبير بذل في باب الحكامة من أجل تثمين الممتلكات الجماعية والرفع من نجاعة الموارد البشرية وتقييم عقود التدبير المفوض .
بالموازاة مع ذلك، كان لابد من التفكير في بلورة رؤية استراتيجية حول مستقبل جودة العيش بمدينة الدار البيضاء، وتنزيل هذه الرؤية وفق الإطارات المرجعية التي يحددها القانون للمجلس، وهي وضع برنامج عمل الجماعة. وطبعا حين نقول التخطيط فهو تحليل معمق للحاجيات والإمكانات والموارد المتاحة والممكنة والطموحات ؛ طموحاتنا مجلسا وطموحات ساكنة.
كيف تحضر المرأة في سياسة المدينة ؟
المرأة البيضاوية معروفة بالخْدْمة (بالدارجة مبتسمة)، وهي مواطنة لها نفس الحقوق والواجبات، على مستوى الولوج إلى الخدمات العمومية وخدمات القرب. لكن وبصفتي امرأة، يمكنني القول إننا نحتاج إلى مأسسة إدماج مقاربة النوع في الكثير من المجالات، وهذا أمر أنا حريصة عليه.
فمثلا حين نتحدث عن المخطط المديري للإنارة العمومية، فهو في صميم إدماج مقاربة النوع ، لأن الإحساس بالأمان هو من مؤشرات النوع. وحين نتكلم عن خلق فضاءات ومساحات خضراء للجميع، فيجب أن تكون فضاءات ولوجة للجميع، وخاصة النساء والفتيات. فقد طرحنا في هذا المجلس فكرة خلق فضاءات رياضية للنساء، وقد افتتحنا ناديا رياضيا خاصا بالنساء ربات البيوت بمقاطعة المعاريف.
كما أعتز ببرنامج منتزه لكل مقاطعة ، والذي يعتبر تحديا أخضر رفعناه في مشروع برنامج عمل الجماعة لهذه الولاية ، ونحن حريصون على المضي فيه بشكل جدي ومبتكر.
الطريق إلى مركز القرار أمر ليس يسيرا ؟
لم يكن بلوغ المرأة إلى مراكز المسؤولية يوما ما سهلا، وذلك في جميع المجتمعات، وفي العديد من الأحيان تكون العراقيل نفسية في وجهها الخاص. فأحيانا كثيرة، تضع المرأة عراقيل ذاتية بسبب تمثلات مجتمعية أو بسبب الخوف أو بسبب الارتهان إلى نظرة المجتمع، ولكن أحيانا كثيرة كذلك تكون الأسباب موضوعية وخاصة في المجال السياسي، كنسبة ولوج مراكز القرار.
وبالنسبة إلى مساري السياسي، فأعتز بانتمائي إلى حزب آمن بكفاءتي، ومكنني من فرصة التدرج في عدة مستويات من المسؤولية طيلة مساري الذي يفوق عشرين سنة داخل نفس الحزب.
ماهي أهم الأوراش الموضوعة على طاولة مكتبك ؟
ملفات كثيرة : منها ما يدخل في إطار التجهيزات والمرافق، ومنها ما يتعلق بالخدمات المباشرة للساكنة وهي النظافة والإنارة وجمع النفايات والنقل العمومي وحفظ الصحة والسلامة والتطهير. كما أن المجلس مطالب بشكل مستعجل بالرفع من مداخيل الجماعة، وتثمين الملك الجماعي وصيانة المنشآت المعمارية التراثية. هذا كله إلى جانب التدبير اليومي لشؤون الحكامة، وتدبير الموارد البشرية بصفتي رئيسة الإدارة الجماعية.
هل هناك أولويات في هذا الأمر؟
كل اختصاصات الجماعة الذاتية هي أولويات بالنسبة إلي وعلى رأسها النهوض بقطاع النظافة وضمان جودة التنقل والنقل العمومي، ولكن يبقى تعزيز عناصر تجويد البيئة والحد من التلوث بالمدينة، وخلق فضاءات للترفيه من أكبر الأولويات التي ستجعل من الدار البيضاء مدينة ميتروبولية حقيقة.
ربما لديك صورة ما عن الدار البيضاء المدينة الحلم، كيف هي ؟
إذا ما نجحت في تعزيز المساحات الخضراء بخلق منتزهات على مستوى كل مقاطعة. وإذا نجحت في رفع تحدي صيانة هذه المساحات الخضراء، وإذا ما قامت شركات النظافة بعملها كما نعبر عن ذلك اليوم في دفاتر التحملات، فستكون هذه هي الصورة المثالية التي أرسمها لهذه المدينة التي منحتني شرف تدبير شؤونها.
وصفت برنامج عمل المجلس خلال الولاية الحالية بكونه بالبرنامج الواقعي الذي يسهل تطبيقه في غضون السنوات المقبلة، كيف ذلك ؟
نعم هو برنامج واقعي لأنه مبني على قراءة متأنية للاحتياجات والإمكانات والتحديات، ومبني أيضا على شراكات والتزامات. ويمكن توزيع البرنامج إلى محاور كبرى تتضمن شق خدمات القرب، والتي راعينا فيها العدالة المجالية بين المقاطعات، ومحور المشاريع الكبرى التي تشمل النقل والتنقل والسير والجولان والإنارة العمومية، وخلق فضاءات لتعزيز المدينة الميتروبولية من قبيل قصر المؤتمرات.
كما يتضمن البرنامج مشاريع خاصة بالنظافة والبيئة ومشاريع ترمي إلى تعزيز الرقمنة بالإضافة إلى المرافق والتجهيزات الاقتصادية مثل مجمع أسواق الجملة. وأفضل أن نخوض في التفاصيل أكثر بعد المصادقة على برنامج عمل الجماعة، في إطار الدورة المقبلة للمجلس، يعني قريبا ان شاء الله.
هل من خطة عملية لتغيير صورة لا تليق بأكبر متربول اقتصادي ومالي بالمغرب ؟
كما قلت قبل قليل، أنا اخترت أن أجعل من هذه الملفات قضيتي.. كما أقوم حاليا بزيارات ميدانية للوقوف على تفاصيل وحيثيات آجال الانتهاء من الأشغال بالنسبة إلى مشاريع الحافلات عالية الدقة BHN وبعض المنشآت المتعلقة بالسير والجولان. فبرنامجي المقبل في الزيارات الميدانية هو المساحات والفضاءات الخضراء.
وتساعدنا هذه الزيارات على الوقوف على حلول بعض الإشكالات حيث نعقد على هامشها اجتماعات تقنية مع مختلف الفاعلين، الذين أتقدم إليهم بالشكر الجزيل من هذا المنبر، سواء أكان السادة العمال أم الإخوة رؤساء المقاطعات والمسؤولين عن شركات التنمية المحلية والتدبير المفوض.
ومن بين الأوراش المهيكلة لقطاع النظافة بالدار البيضاء هناك المشروع الكبير لتدبير ومعالجة النفايات بالبيضاء والذي سينهي إشكال مطرح مديونة نهائيا. وتشمل الخطة كذلك تحويل مطرح مديونة إلى منتزه يعتبر تذكرة عرفان لساكنة المنطقة التي تحملت هذه الخصوصية طيلة عقود.
هل يمكننا الحلم بالدار البيضاء مدينة خضراء ؟
إذا ما تظافرت جهود مختلف الفاعلين لتشد على رؤية مجلس جماعة الدار البيضاء، وإذا ما انخرط معنا المواطنون في هذا البرنامج الأخضر للدار البيضاء، فسنقترب من الحلم لأنه ممكن.
ستيليزم Mikou Sofia
تصوير Annag Abderrah