بعد فترة توقف، تؤشرين على فترة اشتغال جديدة، من خلال طرح أغنية جديدة ثم مشاركتك التي كانت مبرمجة ضمن فعاليات الموعد السنوي لاوركسترا سمفونيات ..
طرحت اغنية «كراش» أو المعجب، وهي أغنية خفيفة شبابية، تتحدث عن صعقة الاعجاب الأولى التي تسبق التعارف والعلاقة كليا، وصفتها في جمل بسيطة وتحدثت عن تأثير الحب ، لم أتحدث عن الشخص بل الحالة التي توصل الانسان لشعور غامر بأنه يملك الدنيا، و يطير .والأغنية وجدت تفاعلا كبيرا من الجمهور.
بالنسبة لسمفونيات، فقد تم تأجيله بسبب زلزال الحوز. المهرجان هو موعد سنوي لاحياء التراث المغربي بأصوات شبابية وبنسخة معصرنة، وتلتقي هويته مع شخصيتي الفنية.
لدي أفكار كثيرة وأنتظر الفرصة لتطبيقها ، أعتقد أني، بعد هذه الفترة، خرجت برؤية جديدة فنيا، أعدت النظر في نوعية الكتابة، فإذا سمع الناس الاغنية سيجدون رسالة واضحة وهي رسالتنا كفنانين نرتقي بالوعي والموسيقى، غيرت نوعية الذبذبات لأخرى لم نتعود عليها ، كانت لدي دراسة معمقة فيما يخص ذبذبات الصوت وعلاقة العقل الباطن بالموسيقى التي يتلقاها فأردت تطبيق هذه المعرفة في الاعمال القادمة.
رغم أن الاغنية حققت مشاهدات مهمة، لكنك صرحت بأن الأرقام لا تقول كل شئ؟
رغم أنها لغةٍ العصر ، أعول على ذلك بشكل نسبي، اذ يمكن أن نكسب مشاهدات كثيرة إذا دعمنا الفيديو ماليا من خلال الاشهار في اليوتوب مثلا، أنتجت الأغنية وإمكانات الانجاز تكون صعبة على الفنان لانه ليس منتجا وليس هذا مجال اختصاصه، ويتطلب الأمر قدرات أخرى كالاستثمار لتعويض الانتاج من خلال الحفلات والاشهارات، هذا ليس مجالي لكني قررت طرح الاغنية كمنتجة لكن في سياق ما أستطيع تقديمه.
غبت لفترة عن الساحة، عن المهرجانات والحفلات، ألا يشغلك هاجس الحضور ؟
كان يلزمني بعض الوقت لترتيب بيتي الداخلي وترتيب أوراقي ، لم تكن تجربتي سهلة وكانت العناية الالهية معي والنية الطيبة هي داعمي.
في حياة معظم الفنانين الكبار كانت هناك فترات انقطاع ثم تكون العودة بعدها جميلة جدا، لانها لا تكون بدافع الرغبة الشخصية بل تصبح بدافع خدمة رسالة الفن والابداع.
كانت مرحلة انتقالية، الرغبة والارادة موجودة وأومن بالتوقيت الإلهي لحدوث الأشياء، تعلمت ذلك من
بداياتي، فقد حاولت الاستعانة بذكائي وتخطيطي، سأسافر لهذا البلد، سأتصل بهذه الشركة بهؤلاء الاشخاص وسأحصل على فرصتي بانتاج البوم، سأذهب لهذا البرنامج سيعجبون بصوتي وسانجح ، فلا يحدث أي شي من ذلك، الى ان انتبهت أن من خلق هذا الصوت سيخلق له فضاءه، فجاءت التدابير الالهية بسيناريو لا يخطر على البال لأجد نفسي في روتانا التي لم تخطر على بالي أبدا.
من يدري فقد أدخل الاستوديو غذا، لدي قناعة راسخة بانه في الوقت المناسب سأنجز العمل الذي يكتسح و قد أعيش في سنة واحدة ما خططت له لثلاثين سنة.
بالحديث عن الإنتاج، ما الذي يجمعك اليوم بروتانا شركة الإنتاج ؟
روتانا شركة عربية كبيرة وانا من أوقف العقد بيننا بسبب الحمل، كنت أرغب في التركيز على حياتي الخاصة.اخر البوم سجلته معهم كان في فترة الحمل ولم أعد حينها قادرة على السفر فطلبت تخصيص هذه السنوات الاولى لابني، بما انني كنت اصلا متواجدة في الميدان لعشر سنوات واستطعت صناعة اسم هدى سعد.
علاقتي للآن طيبة جدا مع الشركة، ونلتقي في مناسبات، وأعتقد أن مسألة التعاقد تعود الي أنا، ذلك اني اعتبر انه من واجبي ان اكون حاضرة مع ابني كأم عازبة تقوم بكل الأدوار، مقابل الفن الذي يتطلب مجهودا وطاقة كبيرة، فانا استثمر وقتي وطاقتي الآن في هذه المهمة النبيلة الممتعة مع ابني.
حضوري أساسي في مرحلة السنوات الاولى لابني وأنا سعيدة كثيرا بهذه الأمومة واحتفل كل لحظة بهذه النعمة انها فعلا مدد الهي طاقي استمده، فابني هو من يعطيني ويحن علي ويشعرني بجمالي وكينونتي.
حقا «الجمهور على راسي» ورسالتي الفنية طبعا تتطلب الاشتغال وانما اقول ان التدابير الالهية قادرة على التوفيق بين رغبتي ورسالتي الفنية.
أي نوع من الأمهات انت، وهل تبحثين عن المثالية في علاقتك مع ابنك؟
أبحث أكثر عن الطبيعية، أن نكون طبيعيين، أعيش مع ابني على طبيعتي، لا أحب أن أرتدي قناع الأم المثالية ، أتركه يعبر ويخطئ وبعدها أوصل له المعلومة بدون تهكم أو سيطرة أو استعلاء على طفولته، بل أعامله ككائن كامل الأهلية ،جسم في طور النمو وروح مكتملة لا تدخل في مقياس السنوات.
ماذا تمثل لك العائلة خاصة انك تنتمين لعائلة تحسب على الفن ؟
كل شيء يبدأ من العائلة،
العادات البرامج التي اكتسبتها بدون وعي، في الحقيقة كنت محظوظة جدا كون والدي الموجه الاول لي كان ينتمي الى الميدان من خلال إبداعاته سواء في الزجل، تأليف القصص، كان احتكاكي اليومي به كأب مثقف وواعي شاعر وزجال ، مكسبا في متناولي، بعد رحيله ترك فراغا كبيرا وكنت أتمنى ان يكون معي فيه هذه المرحلة من حياتي كنا سنكون في مستوى ثان من الحوار والتقاء الفكر.
تنتمين الى جيل قدم الاغنية بمواصفات أهمها الجودة، كيف تواجهين الرداءة الفنية اليوم؟
انها زوبعة تأخذ وقتها وستنتهي، وحدث ذلك على مر الحقب الفنية التي مرت. في كل فترة، تظهر ثلة أوكوكبة من الفنانين المتميزين، الفترة التي أنجبت وردة أوسميرة أو ميادة، كان فيها الى جانبهن أشخاص آخرون يقدمون نوعا أو أسلوبا ’خر لكن الزمن كفيل لاثبات من هو صادق في الرغبة وفي الهدف ومصر عليه ومن هو مزيف. انا كانسانة وفنانة لدي واجب فني ان أساهم في تنوير المجتمع كما يساهم اخرون في مجالات اخرى من حيث التوعية الاغنية رسائل.. اذا لم يكن هذا هو الهدف فإني غائبة .
منذ بدء مسيرتك الفنية لليوم، هناك ما يشبه الانتصار للأغنية المغربية ؟
بدأت مسيرتي فعليا سنة 2006 مع روتانا، وكان أول البوم مصري خليجي عربي، ضمنته أغنية مغربية من تأليفي وتلحيني ، ولقيت رواجا كبيرا ونجاحا فاق المنتظر.
كانت لدي هذه الرؤية وأشكر عليها كثيرا معلمي الروحي مدير المعهد العالي الموسيقي بسويسرا حيث درست.أذكر أنه سألني عن سبب اختيار المجال وأدوات العمل، أخبرته أن صوتي جميل فقال لي لست من صنع الصوت انه من الله، فما القيمة الابداعية المضافة التي تسمح لك بكرسي وسط المجموعة، هنا جاءتني الفكرة أكتب والحن ، فقال لي هذا طريقك وعليك التركيز فيه.
أستحضر هذه اللحظة لأشير هنا لفكرة برمجت عقولنا، وهي أن المرأة العربية رغم وجود شاعرات كبيرات عبر التاريخ، مستبعدة من مجال التأليف الموسيقي الذي يهيمن عليه الرجال،
منذ الطفولة كنت أكتب أحسن انشاء والخواطر، كنت القناة الحالمة التي تكتب عن كل شيء ، فوظفت هذه القدرات والموروث الثقافي بالاضافة الى تاثير والدي في هذا السياق، فشكل ذلك لدي رؤية، اضفت إليها الانفتاح على الموسيقى العالمية .
كان هاجسي هو توظيف الموسيقى المغربية بمواصفات الأغنية الشرقية، اطورها، أختار لغة بيضاء شبابية صور ومعجم مختار من اجمل الكلمات المغربية غير المبتذلة وفيها رسائل ثم اختيار توزيع عربي بآلات ذات نكهة مغربية وكل هذه التفاصيل اعطت نتيجة جميلة هي ما حققت التفرد.
كان لديك مشروع الكتابة لنجمة عربية أو ديو ؟
طلب مني ذلك لكني لم أشجع الفكرة، لربما يحب أن اصل الى درجة من التشبع بشخصية هذا الفنان لكي اتقاسم معه أغنية وليس ان أعطيه شخصيتي،هناك فنانون اعطوا الحانا وكلمات لغيرهم، مثلا كاظم الساهر، لكننا نشعر انه كاظم ولو بصوت فنان آخر .
ثم إن المشاريع الفنية الثنائية أو الديو، تعتمد كثيرا على العلاقات والصداقات ومنها يولد المشروع الفني وبما انني الآن بعيدة نوعا ما، فهذا يبدو بعيدا.
شاهدناك مع ذلك مع اصالة واسماء، هل من مشاريع أو افكار عمل ثنائية ثلاثية؟
كان لقاء عاديا لنساء ينتمين لنفس المجال، يحترمن مسارات بعضهن، يسمعني وانا اتابع أعمالهن ، جمعتنا مناسبات كثير ة ولقاؤنا كان فيه فرح ومشاركة وطاقة وتحدثنا عن اشياء بعيدة كليا عن الفن، امور تخص العايلة المرأة العلاقات ، فلكل منا حياتها .
الى اي درجة انت نسوية؟ هل تتابعين نقاش المدونة؟
اتابع النقاش الدائر حول تعديل المدونة، ومندهشة لكم الاخبار التي تتحدث عن تغييرات بصفة مطلقة، بينما بالكاد بدأت المشاورات، والمؤكد ان الأمر يحتاج لوقت ونقاش وفهم أولي.
ما يجب أن يدركه الرجل ان المرأة كائن قوي جدا، وعليه أن يستثمرهذه القوة عوض أن يهابها ، والدليل ان الله اوكل اليها مسألة خلق الانسان ، هي كتلة مشاعر عطاء وحب لامشروط واذا تم استثمار هذه الطاقات ستصل الشعوب الى مراحل التقدم ،
في الجانب النسوي، لا احب أن يفهم اني ضد الرجل لكني أوكد على طاقة الخلق لدى المرأة المبدعة فمجرد تواجدها مع الرجل فهي تمنحه طاقة الفعل، طاقة الانوثة ولا أقصد الهرمونات، بل طاقة العطاء يفشل الرجل المغربي في تشغيلها ، لأنه يعيش في مجتمع ذكوري قاسي عليه أيضا، و طالما لا يتمتع بهذه الطاقة، فانه لن يعيش انسانيته كاملة. يمكننا تلمس ذلك في حالات الطلاق الذي يحدث لان لكل منهما الرغبة في السيطرة.
كان لك مشروع سياحي في مراكش، هل دخلت مجال الاستثمار لأن الفن غير كاف ليعيش الفنان ؟
كان المشروع من بين أحلام وترتيبات الحياة المشتركة ، وبما أن الحياة الزوجية انتهت فالمشروع أيضا كذلك.
أعتمد على الفن بقسط كبير، لكني افكر بمشاريع أخرى مستقبلا، لدي ميل خاص لمجال التجميل والجمال الذي يعتمد على الطبيعة والأعشاب الشموع الزيوت الاساسية ..وخضت تكوينات في هذا المجال عن كيفية صناعة مستحضرات التجميل، وقد يكون ذلك جزء من مشاريعي للمستقبل.
أعلنت أيضا عن تقديم برنامج للطبخ، هل هو مشروع قريب؟
بدأ ذلك خلال فترة حملي، وكنت اتشارك مع متابعي الوصفات التي أحضر، والتي وجدت اعجابا كبيرا بطريقتي في التحضير وجعلت المتابعين يكشفون جانبا مختلفا من شخصيتي.
لا أزعم اني ساضيف شيئا خارقا لان هذا مجال كبير أيضا، لكني سأمنحه شخصيتي التي تميزني عن غيري.
خلال وقت قريب، سانتقل لبيت آخر مجهز لذلك، لا أخفيك لقد انتقلت من مراكش الى الدار البيضاء بعد انفصالي بسرعة صاروخية، كاني دخلت في بوابة زمنية اخرى. لذلك سأتقاسم نصيحة مع السيدات اللواتي لا يشعرن بارتياح في علاقاتهن، لأقول لهن صدقن صوتكن الداخلي، فكلما كابرت وصبرت، فان ذلك يصعب العودة .
كيف تصفين شخصيتك ؟
لا أميل لتحديد نفسي ولا أرغب في ذلك، ما يمكنني تأكيده هو أني انسانة منفتحة متقبلة للتغيير، متجددة واحب التطور والارتقاء ، بما يعني أن نسختي الحالية من هدى هي بالتأكيد ليست نسختي من السنة الماضية، أستثمر التجارب التي اعيشها، الظروف والاشخاص كمادة للتحليل، انتبه وأتفحص
الرسائل التي يمكن أن تصلني، تعرفين أن بعض المواقف فيها ألم أو معاناة، أسعى لتشكيل هذا الألم لصالحي لأرتقي لمستوى افضل ، ألا أعيد الأخطاء ان كانت لكن دون أن اجلد ذاتي او أؤنب نفسي، فأنا انسانة جئت للدنيا لكي أختبر وتختبرني الحياة وأظهر لها جدارتي وكفاءتي.
ما هي روافدك الداخلية ؟
أحب اللقاءات مع الناس، أعتبرها أسهل طريقة للتعرف على الذات، أعتبرهم مرآتي ، حين أتحدث مثلا مع شخص ما، أنصت وأرى كيف ينظر الي، لا أحمل رأيه في على محمل الجد، لكن ربما يكون صادقا ويلفت إنتباهي لشيء لا اراه، اعتبر ان الخالق منحنا نعمة مرآة خارجية لنفهم الرسائل من الاشخاص. اذا نجح شخص ما في زعزعة ثقتك بنفسك مثلا، فهذا يعني أن عليك الاشتغال على ذلك، في الحالة المعاكسة ، ستنظر اليه كشخص يحتاج لتغذية ذلك الشعور من خلالي ،فأقول الحمد لله انا في مكان محايد لن اسمح لاي كان أن يعيدني للوراء.
اخذت وقتا كثيرا للوصول الي السلام ؟
لكي تصل للسلام ، لابد أن تمر من امتحانات، الابتلاء شيء وما بعده شيء آخر
لقد قمت بفصل نفسي عن كل ما هو خارجي، أعدت برمجة نفسي من جديد تبعا لصوتي الداخلي ولحدسي لانه دائما كان ينبهني وكنت أتجاهله. لسنا في مرحلة الكمال بل البناء بناء الانسان بمعية الروح التي تفهم كل شي وأنا اقمعها بسبب ما تلقيته من الخارج وما تبرمجنا عليه جميعا، فاعتزلت واعدت تشكيل برمجة نفسي. لقد حولت توجهي لأنصت لصوتي الداخلي وقرأت كثيرا..
الحواس اللامادية التي منحنا الله هي الحقيقية، فما تراه العين هو ما يريد الانا أن يراه . احتضنت نفسي واخذني مجال الروحانيات ووجدت فيه نفسي.
المعاناة هل أعطت فنا هل ساعدتك الموسيقى في الوصول لذلك السلام ؟
لا كنت بعيدة كليا حتى عن الموسيقى،لان الابداع هو الحب والسلام
الالم لحظي وهو ترجمة شعور وليس ابداعا، الابداع لا حزن فيه نحن للفرح للضوء وليس للحزن، المعاناة هي لغة ذلك الشعور الموجود لفترة، بينما الابداع هو كيف أخرجك من ذلك الشعور أو كيف تقبله وتعيشه بصيغة اريحية.
لقد تبنيت هذا المنهج والرسائل التي سأوجهها من خلال أغاني، ستكون في صالح المستمع الذي أريد أن أنقله لحالة افضل فيها الجمال والاستحقاق.
تصوير
لمياء لحبابي
ستيليزم
Muse Studio
مايكاب، شعر
أميرة
مجوهرات
Rafinity