شهر نونبر هو شهر التوعية بمرض السكري، وقت مهم لتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها مرضى السكري، خاصة الشباب. آية وهاج، التي تبلغ من العمر 20 عامًا، تم تشخيصها بالسكري منذ طفولتها، وهو ما فتح بابًا أمام تحديات كبيرة لطفلة لم تكن تفهم تمامًا هذا المرض. وبينما تعلمت كيفية إدارة حالتها، واجهت آية صعوبات كثيرة اختبرت فيها صمودها وإرادتها.
اليوم، تكرس آية حياتها لمشاركة تجربتها مع الشباب الآخرين الذين يمرون بتجارب مشابهة، وتقديم الدعم والأمل لكل من قد يشعر بالإرهاق بسبب التشخيص. من خلال قصتها، تطمح آية إلى تمكين الآخرين للتحكم في صحتهم وإلهامهم للعيش بحيوية بالرغم من تحديات السكري.
١– هل يمكنكِ أن تخبرينا عن كيفية اكتشافك للسكري، كم كان عمركِ حينها، ما هي أفكاركِ ومشاعركِ الأولية، وكيف تعاملتِ أنتِ وعائلتكِ مع التشخيص؟
كنت في الثامنة من عمري عندما تم تشخيص إصابتي بالسكري من النوع الأول، وكان ذلك في عام 2012. قبل التشخيص، بدأت ألاحظ علامات غير طبيعية، مثل فقدان الوزن بسرعة، والشعور بالعطش الشديد طوال الوقت، وتكرار الذهاب إلى الحمام، والتعب الدائم. شعرت وكأن طاقتي والحيوية التي كنت أتمتع بها قد اختفت تمامًا.
عندما سمعت بما أصابني، شعرت بالصدمة، خاصةً كطفلة بعمر الثامنة. كان الأمر وكأن حياتي انقلبت رأسًا على عقب، وأصبحت كأن الزمن متوقف. تأثرت عائلتي أيضًا؛ فقد شعروا بالقلق والخوف على حياتي، وكانوا يخشون ألا أتمكن من التغلب على المرض. ولكن مع مرور الوقت، وبفضل الدعم والتكيف، تعلمنا كيفية إدارة المرض سويًا.
٢– كيف كان التأقلم مع الحياة الجديدة مع السكري في سن صغيرة، وما هي التحديات الأكبر التي واجهتكِ؟
التأقلم مع السكري في طفولتي كان تحديًا كبيرًا. أصعب جزء كان الحقن؛ كنت أخاف كثيرًا من الإبر وفحوصات الأصابع حتى أنني رفضت أخذ الأنسولين في البداية. النظام الغذائي كان صعبًا أيضًا؛ فقد اضطررت إلى التنازل عن الكثير من الأطعمة التي أحببتها، وكان ذلك قاسيًا في هذا العمر. ورغم ذلك، قررت أن أتحمل وتقبلت الأمر وحاولت التأقلم مع هذا الوضع الجديد.
٣– كيف تعاملتِ مع زملائكِ في الصف الذين كانوا يتناولون الحلويات بحرية بينما كنتِ بحاجة إلى أن تكوني أكثر حرصًا على اختياراتكِ الغذائية؟ وهل شعرتِ بالاختلاف أو العزلة بسبب السكري، وكيف تعاملتِ مع هذه المشاعر؟
تم تشخيصي بالسكري خلال الصيف بين الصفين الثاني والثالث، وعندما عدت إلى المدرسة في اليوم الأول، أخبر معلمي زملائي بوضعي. كانوا قلقين ويسألونني إن كنت سأكون بخير، وكنت أطمئنهم. كان دعمهم مؤثرًا، فقد تجنبوا جلب الحلويات وأحضروا لي حلوى خالية من السكر، وهذا يعني لي الكثير.
لكن في بعض الأحيان، كنت أشعر بالاختلاف، خاصةً في حصة التربية البدنية. كان ضيق التنفس يجعل من الصعب عليّ مواكبة الآخرين، وغالبًا ما يتم اختياري في آخر فريق. كانت تلك التجربة صعبة، وقررت في النهاية التوقف عن حضور الحصص الرياضية.
٤– كيف كان توازنك بين إدارة السكري والمدرسة والأنشطة؟ وهل كان معلموكِ وأصدقاؤكِ داعمين في التعامل مع حالتكِ؟
تعلمت بسرعة إحضار جهاز قياس السكر، والأنسولين، والوجبات الخفيفة إلى المدرسة لكي أتمكن من مراقبة مستوى السكر ومواصلة أنشطتي. كنت حتى أشارك في الرحلات المدرسية، وكنت أحمل معي كل ما أحتاجه للبقاء في نفس الوتيرة مع زملائي. في سن مبكرة، أدركت أن العيش مع السكري يتطلب توازنًا بين إدارته وحضور المدرسة.
جميع أساتذتي وأصدقائي كانوا لطيفين وداعمين؛ لم يشعرني أصدقائي بالاختلاف بسبب الطعام الذي كنت أتناوله، وأحرص معلميّ على توفير كل ما أحتاجه ليكون تعاملي مع السكري سلسًا في المدرسة
، خلال امتحان الباكالوريا، عانيت من انخفاض في مستوى السكر في الدم وبدأت أبحث عن شيء أتناوله لرفعه. ولدهشتي، اكتشفت أن زملائي كانوا قد أحضروا معهم بعض الحلوى استعدادًا لهذه اللحظة. كانت براءتهم وتفانيهم في تلك اللحظة مطمئنين للغاية، مما جعلني أشعر باهتمامهم الكبير ودعمهم العاطفي الإيجابي.
٥– كيف أثر السكري على حياتكِ الاجتماعية على مر السنين، وهل هناك أنشطة أو مناسبات اضطررتِ إلى التعامل معها بطريقة مختلفة بسببه؟
في سن المراهقة، بدأت أكتسب فهمًا أعمق لمرض السكري بفضل وسائل التواصل الاجتماعي. تعرفت على مؤثرين يعانون من نفس المرض، وأعطاني هذا شعورًا بالقوة و شعور أقل بالوحدة. بدأت أراه كقوة وليس كضعف، وكان ذلك مثيرًا، خاصةً لأنه حسن من تفاعلي الاجتماعي.
كان السكري يمثل تحديًا بالنسبة لي في حضور بعض المناسبات، ولكنني استطعت التأقلم معه بطريقة ممتعة و مقبولة و كمثال يكون الأمر دائمًا صعبًا بعض الشيء في الأعراس والمناسبات المغربية لأن الطعام يكون لذيذًا وحلوًا جدًا، مما يجعل مقاومته أمرًا صعبًا. لكنني أحاول أن أجد توازنًا، حيث أحرص على صحتي بينما أسمح لنفسي بالاستمتاع قليلاً بكل شيء.
٦– هل يمكنكِ وصف بعض التحديات اليومية التي تواجهينها في إدارة السكري؟
مع مرور السنوات، فهمت أن التعايش مع السكري لا يقتصر فقط على الالتزام بالنظام الغذائي. له علاقة أيضًا بالصحة النفسية والعاطفية. أكبر مشكلة واجهتها هي القلق، الذي نتج عنه نوبات هلع، وبعض مشاكل الغضب التي يمكن أن ترفع مستويات السكر في دمي أكثر من الكربوهيدرات.
كل يوم يشمل التعامل مع توتري وعواطفي، في نفس الوقت الذي أراقب فيه نسبة السكر وأحقن الأنسولين، وهذا مهمة شبه مستحيلة. إنه كفاح لضمان صحتي الجسدية والنفسية معًا.
٧– من كان أكبر داعم لكِ في رحلتكِ مع السكري، وكيف ساعدكِ؟
أكبر دعم لي كان من والديّ، خصوصًا أمي. كانت تتعلم عن المرض وتأخذ دورات لمساعدتي. كانت دائمًا تساعدني، تسهر ليلاً لتراقب مستوى السكر في دمي، سواء اذا كان منخفضا او مرتفع ، و من الليالي التي ظلت عالقة في ذهني حين ارتفع مستوى السكر في دمي، وبقيت والدتي بجانبي حتى الفجر. كانت تتحقق من مستوياتي بين الحين والآخر، وتحرص في كل مرة على التأكد من أنني بخير وبوضع مريح. كان وجودها ورعايتها في تلك الليلة تذكيرًا جميلًا بمدى الدعم والحب الكبيرين اللذين أحظى بهما.
٨– ما هي العادات أو الروتينات التي ساعدتكِ على الشعور بأفضل حال؟
كشابة في العشرينات، أدركت أهمية الحفاظ على لياقتي، سواء من خلال التمارين أو الانخراط في أنشطة ممتعة. اعتنقت فكرة العيش بأقصى قدر ممكن من السعادة دون قيود، ما دامت الأمور تجعلني سعيدة. هذا الأسلوب الإيجابي ساعدني على التمتع بالحياة والسيطرة على مرضي بفعالية.
٩– هل هناك خرافات أو مفاهيم خاطئة عن مرض السكري تتمنين أن يفهمها الناس بشكل أفضل؟
أتمنى أن يدرك الناس أن السكري لا يعني بالضرورة أنني كنت مدمنة على السكر في صغري، لأنني لم أكن كذلك. ونعم، نحن نستطيع تناول الحلويات، ولكن بحذر. يجب أن يُفهم أن السكري ليس فقط ارتفاع السكر، بل انخفاضه أيضًا. هناك مفاهيم خاطئة ترتبط بالمرض، والفهم الأفضل يمكن أن يساهم في دعم الأشخاص المصابين.
١٠– كيف أثر العيش مع السكري على صحتك النفسية والعاطفية، وكيف تحافظين على حافزكِ في الأيام التي تشعرين فيها بأن إدارة المرض مرهقة؟
العيش مع السكري أثر بالتأكيد على صحتي النفسية والعاطفية. أعاني من حساسية زائدة وتغيرات مزاجية، وأشعر أحيانًا بالغضب عندما يكون مستوى السكر منخفضًا أو مرتفعًا. من الصعب التعامل مع هذه المشاعر، خاصة مع العلم أن هذه الحالة ستكون رفيقة حياتي.
في الأيام التي أشعر فيها بالإرهاق، أحافظ على حافزي بتذكير نفسي بقوتي. أدرك أنني أقوم بأمور لا يفعلها الجميع، مثل إعطاء نفسي حقن الأنسولين والاستيقاظ في الثالثة صباحًا للتحقق من مستوى السكر. أحتفل بجهودي للعناية بنفسي. من المهم أن أعترف بأن محاولاتي هي كافية، وأشعر بالرضا لأنني أحارب من أجل صحتي.
١١– ما هي الرسالة أو كلمات التشجيع التي ترغبين في توجيهها للشباب الآخرين الذين يديرون مرض السكري خلال شهر التوعية؟
بما أن شهر نونبر هو شهر التوعية بمرض السكري، أود استغلال هذه الفرصة لتوجيه رسالة للشباب المصابين بالسكري، وأقول لهم: اعتبروا مرض السكري قوة. نعم، هناك أيام صعبة، وقد نشعر أحياناً بالإحباط، لكن يجب ألا ننسى مدى شجاعتنا وإصرارنا على العيش معه. أقول لكل من يواجه تحديات السكري: استمتعوا بالرحلة، لا تخافوا من طلب المساعدة، وتحدثوا عما تمرون به، فهذا حقكم. هناك من يفهم ويشارككم التجربة. أنتم لستم وحدكم، والأيام الصعبة جزء من قصتكم، لكنها لا تحدد من أنتم.
١٢– هل هناك نصيحة تقدميها للآباء أو الأصدقاء لمساعدة ودعم الأشخاص المصابين بالسكري؟
إلى الأقارب والأصدقاء الذين لديهم شخص يعاني من السكري، أشجعكم على التعرف على المرض وفهم ما يمر به أحباؤكم. المعرفة تجعل من الممكن فهم التحديات التي يواجهها مريض السكري، ويمكن لدعمكم أن يكون له أثر كبير. ادعموا أحباؤكم باحترام اختياراتهم الغذائية، وتواجدوا للاستماع عندما يرغبون في التحدث. حتى الإيماءات البسيطة، مثل تقديم دعم معنوي، يمكن أن تجعل رحلتهم أسهل. تذكروا أن تعاطفكم وتفهمكم قد يُحدثان فرقاً كبيراً.