«هل يمكننا الحديث عن بناء محمي من الزلازل؟
«لا يمكن لأي بناء الصمود بدون حد أدنى من الأضرار أمام زلازل بهذا التردد. نظل عاجزين أمام بعض الكوارث الطبيعية، لقد كانت الاهتزازات قوية جدا في 8 شتنبر الماضي، بحيث انهارت بعض المباني مع الهزة الرابعة أو الخامسة، على الرغم من ضعفها نسبيا، في الأيام التالية، وليس في الهزة الأولى… وظلت الاهتزازات تقوم بعملها في التدمير . لذا، يجب أن نقبل أن بناء المباني التي تتحمل الاهتزازات الأرضية دون أن تنهار هو أمر عشوائي ولا يقدم أي ضمان.
حتى عندما يتعلق الأمر بالبنية المقاومة للزلازل؟
الهندسة المقاومة للزلازل ليست علما دقيقا، إنها مبنية على الاحتمالات. الهندسة المقاومة للزلازل تنقذ الأرواح وليس المباني. الهندسةالمقاومة للزلازل ليست قاتلة، ولكنها ليست خالدة!. يجب أن نفهم ذلك جيدا، إنها تنقذ الأرواح ولكن يمكن أن تتأثر وتتضرر. عندما ننظر إلى الأضرار التي سببها زلزال الحوز، يجب أن نكون منتبهين الى أن المباني ما زالت تقريبا قائمة، ولكن يجب أن نسأل سكانها هل تمكنوا من النجاة؟هل استطاعوا الفرار؟ هل كان لديهم وقت للخروج؟.
هل يمكن جعل مبنى ما، متينا؟
ليس متينا، بل مرنا، وهذا مختلف. إنه يتأثر بالزلزال. فكل ما يقع على خطوط القوى في هذه الحقول الحركية يمتصه المبنى، لذا يجب تعزيزه، من الداخل، بما يقلل من صلابته ويضمن تثبيته وتوازن كتله. أفضل مبدأ يعمل هنا هو مبدأ المرونة: يجب أن يكون المبنى قادرا على التكيف دون الوصول إلى التفكك. لتجنب ذلك، كان الأجداد يستخدمون مواد ذات مرونة معينة مثل الخشب والقصب وتحالف الأرض والخشب. لقد استخدموا الأقواس القادرة على إعادة توجيه نفسها في الحجر والطوب . وضعوا قضبانا خشبية في الزوايا للأساسات الطينية وأيضا في البنية الصلبة. اليوم، تُدرس الهندسة المقاومة للزلازل لتخفيض خطر القتل، حيث يحسب مكتب الدراسات قدرتها على المقاومة، ويعمل المهندس الجيد على الحصول على هيكل مستقر، وإذا لم يتمكن من منعها، يتوقع الانهيار بشكل مسيطرعليه ان صح القول، تباطؤعملية التدمير للحفاظ على الأرواح من خلال أنظمة بسيطة مثل الهياكل والاساس الهرمي …»
بعد الزلزال، تم توجيه اللوم للمواد المستخدمة في بناء المنازل، بما في ذلك الطين الخام. هل صحيح أن الخرسانة كانت أفضل للمقاومة؟
هو غير صحيح بالطبع، إنه نوع من التبسيط والصور تظهر عكس ذلك. لقد قام الناس بالتحليل وتوصلوا إلى استنتاجات أخرى… المباني المصنوعة من الحجر والتراب، والتقليدية التي تم الاحتفاظ بها بدون إضافة مواد ‘حديثة’، خاصة إذا كانت لديها مايعرف بـ سلسلة الربط مع الخشب، تنقذ الأرواح. ابتداء من التسعينيات، و في جميع أنحاء الطرق والقرى الكبيرة تم التخلي عن الهياكل التاريخية لصالح المباني من طابقين أو حتى ثلاثة والمكونة عادة من كتل الخرسانة.
بحيث تتنوع الهندسة حجر أو تراب على الأجزاء القديمة وكتل خرسانية أو طوب على الأدوار العليا. مع هذه التقنية «الحديثة» غير المتقنة، ليس هناك قواعد، بحيث تُهمل التقنيات المحلية والعتيقة مقابل قواعد سيئة مع مادة سهلة مثل الخرسانة المسلحة… سلاسل سيئة التثبيت، مضاعفة الألواح والأسقف الخرسانية وتركيب سيء، جاهز للانزلاق، عوض الهياكل التقليدية المرنة كما في تقنيات الماضي. ترتبط أنظمة المباني التقليدية بأنظمة صلبة من الخرسانة المسلحة، والنتيجة انه خلال الزلزال، تتفكك الطريقتان وتصبح الألواح السقفية قاتلة. لذلك، يمكنني القول أنه عندما تحترم قواعد الفن، يمكن للمبنى تحمل الصدمة سواء كان مصنوعا من الخرسانة أو التراب، ويمكن أن يقاوم السقوط على الأقل حتى يتمكن الناس من الفرار .
ما هي توصياتك في هذا السياق؟
«هناك نوعان من البنى، منازل وأماكن ذات طابع تاريخي، «التراث الصغير»
: طواحين المياه، مخازن الحبوب، المساجد.. ،مجموعات القرى القديمة، الأبواب المحصنة، مباني المياه، وما إلى ذلك، ومن ناحية أخرى، تصاميم سكنية أكثر توافقا مع أشكال معاصرة. لأنه يجب تجنب التقليد والنسخ الأعمى للماضي من خلال تكرار الأشكال دون تفكير.
يجب أن ننظر بعمق في كيفية بناء المباني القديمة التي ما زالت قائمة، ونراقب هياكلها: هذا ما أقوم به باستمرار عندما أقوم بالترميم كما هو الحال مع مخزن «ادكاس نركالن أو مخازن امتودي» على سبيل المثال، فقد كانت في حالة تدهور، ونجحنا في استعادتها بالدخول في تفاصيل تنفيذها. لم يكن أحد يصدق ذلك، حتى ساكنة المنطقة لقد شعروا بالدهشة عندما رأوا أنهم قادرون على إعادة بناءها على ارتفاع8 أمتار. في كل مرة، كنت أتواصل مع كبار السن في أي منطقة لفهم الأمور بشكل جيد وإجراء الترميم بشكل صحيح
بفحص الأسس وتوزيع الأحمال، وإصلاح العزل بعناية، ومراعاة خصوصيات المواقع، ودون إضافة أي شيء . بعض التجديدات العشوائية تقوم بإضافة مواد غيرمناسبة تثقل الهياكل. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر وقتا طويلا جدا للتعلم ويتطلب الكثير من الخبرة. يبدو ذلك سهلا ولكنه معقد.
هل تتجه المباني التي تستخدم هياكل من الطين الطبيعي بالضرورة إلى الانهيار في حالة وقوع زلزال، كما حدث في بعض القرى في جبال الأطلس الكبير ؟
لا يتعلق الأمر بالمواد بل بالتجهيزات والأساليب المعمارية. تظهر الصور بنايات سقطت جزئيا أو تأثرت جزئيا، أو حتى بقيت نسبيا سليمة، سواء كانت مصنوعة من الحجر، أو من الحجر والطين، أو من الخرسانة المسلحة والكتل الخرسانية، أو من عمليات بناء مختلطة. في معظم الأحيان، انهارت عمليات البناء المختلطة، لأن الخرسانة المسلحة، الصلبة، لا تتوافق مع الأرض المرنة. أثناء الزلزال، ينهار الاثنتان معا. ولكن هناك أيضا، تعميمات غير ملائمة حول المواد . في زلزال الحسيمة سنة 2002، لم تتحمل البنايات التي بنيت بشكل سيئ ، و الأمر لم يكن مرتبطا بتقنيات تاريخية مسؤولة عن موت الناس بناء فعال مضاد للزلازل هو بناء يحتوي على أجهزة تسمح له بالمقاومة الجيدة والتي يمكن التحقق منها، ولكن ليس دائما : بالنسبة للطرق والأساليب المسماة «تقليدية»، نحن ننسى أنه تم تطويرها على مر الزمن وتم نقلها من جيل إلى جيل، وغالبًا ما تكون معقدة جدا ولا يمكن ضبطها ببساطة. ولكن هناك أجهزة مضمنة في البناء نسمح للمبنى بالاستمرار ولا سيما الاضلاع الخشبية التي تحيط المبنى وتتصل ببعضها.علينا مواصلة معرفتنا بالأساليب والطرق القديمة قبل أن نهاجمها بسبب جهلنا، هكذا نجدد تقنيات البناء.
كم يستغرق الوقت لإعادة البناء ؟
«هناك أرقام تتداول، تشير إلى آلاف الدواوير، على مسافة تزيد عن مائة كيلومتر حول مركز الزلزال، ويجب أخذ هذا بعين الاعتبار. سأذهب قريبا لرؤية المواقع (ابتداء من 20 سبتمبر) لتكوين فكرة عامة عن الوضع هناك، كنت خائفة من أن أعيق عمل فرق الإنقاذ، بنفس الوقت خائفة من ألا أكون مستعدة لمواجهة الصدمة دون معرفة كيفية التعامل مع عواطفي.
يختلف التخطيط لهذا النوع من إعادة البناء في المرتفعات الجبلية عن التخطيط الحضري التقليدي لمدينة على أرض مستوية، حيث يمكن تحديد وسائل الوصول والتنقل والبنية التحتية بسرعة. في هذه المرحلة، من يستطيع تقديم أرقام؟ ثم هناك البنية التحتية، وهي الأكثر تكلفة، مثل الطرق والسدود والشبكات والمدارس والمساجد والمراكز الاجتماعية والساحات، وما إلى ذلك. الطبيعة الوعرة مهمة للغاية، لأنه لا ينبغي لنا أن نلمس الأراضي الصالحة للزراعة وفي الوقت نفسه يجب أن نلبي احتياجات الناس لأنشطتهم : الزراعة وتربية الماشية وزراعةالأشجار والأراضي المروية والمراعي والمخازن والمستودعات، بالإضافة إلى السكن. لذا، من الصعب تقديم أرقام في هذا الوقت. يمكن أن نبني بسرعة إذا كان لدينا تشخيص صحيح، و إرادة جيدة، وفرق عمل متاحة، وهذا لا يتعلق بالمواد. باستعمال الطين أيضا يمكننا البناء بسرعة أكبر مما يحاول بعض المقاولين أن يجعلوننا نعتقد. لقد قمت بترميم مبانٍ كافية لأعرف ذلك. ولكن يجب أن نقوم أولا بإعادة البناء بالتعاون مع الناس لتوطيدهم وترسيخ فكرة إصلاح ما كان موجودا أولا، استعداد لفترة الشتاء، والعيش بتماسك مرة أخرى في هذه الأماكن بدل تعزيز الهجرة القروية.