قال «أرثر شوبنهاور»، الفيلسوف الألماني الأكثر تشاؤما، ذات مرة أن كل نوع من الحب، مهما بدا جميلا وأثيرا، ينبع تماما من غريزة الجنس؛ في الواقع، إنها الغريزة المطلقة، هي فقط تظهر في شكل أكثر تحديدا وتخصصا وبصورة شخصية»، وأضاف في موضع آخر أن «تلك المودة المتزايدة بين عشيقين لبعضهما البعض هي في الواقع إرادة للعيش تتبدىء في هذا الكائن الجديد، الذي سيصبحان أبويه. وهو بذلك يختزل الحب كأداة للجنس، أو كمناورة من أجل تمرير فعل الجنس في مرحلة ما من العلاقة، وكأنه غطاء رومانسي ممتع نقي أنفسنا من خلاله من اتهام، بأننا لا نختلف كثيرا عن بقية الحيوانات. وحسب فيلسوف آخر: «ستير نبرج»، فإن الحب ليس مجرد خدعة من أجل الجنس، فبنظره، قد توجد بعض العلاقات التي تتضمن الجنس فقط بين شخصين، إنها حالات «العشق» وهي بالطبع علاقات لن تستمر كثيرا، لكن لو قررنا الالتفات لأهمية هذا «الاستمرار» في العلاقة، والذي يتطلب وجود التزام من شخص تجاه آخر، لتوصلنا إلى فكرة مهمة في هذا السياق، ماذا لو كان الهدف هو أن تستمر العلاقة إلى أبعد نقطة ممكنة؟ ماذا لو كان وجود الذكر والأنثى معا، بعد ممارسة الجنس، أمرا مهما بأهمية الجنس نفسه ؟
.إذ يبدأ مشوار التطبيق الفعلي لهذا الحب وإظهار العواطف الغريزية الكامنة في كل طرف من الاطراف المتحابة، وأول ترجمة لهذا الحب هو العلاقة الجنسية، حيث لا يكتمل هذا الحب بدونها، وهنا تكون نقطة الانعطاف الخطيرة في تلك العلاقة، فكل طرف له قدرات جنسية متفاوته، وكل طرف له طريقة ومفهوم مختلف لتلك العلاقة الجنسية، فمنهم من يعتبرها التعبير الحقيقي للحب , ومنهم من يعتبرها واجب من الطبيعي ممارستها حتى لو جردت من العاطفة , وحين يبدأ تطبيق تلك العلاقة الجنسية بين الطرفين , تبدا علامات أخرى بالظهور تؤثر سلباً او ايجاباً على تلك العلاقة (الحب)
ومن الطبيعي أن يكون لكل منا قدراته الجنسية بغض النظر عن الجنس ذكر او انثى , وكل طرف منا يحاول الوصول الى علاقة جنسية تشبع رغباته وتلبي متطلباته الجنسية , وهذه المتطلبات مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالطرف الآخر , فماذا يحدث لو عجز طرف من الاطراف الوصول الى غاية وقدرة الطرف الآخر الجنسية؟ هنا برأي الأخصائيين النفسيين، لا بد لهذه العلاقة أن تهتز وترتعش أركانها وتصبح مهددة بالانهيار. والسبب في ذلك هو عدم التوافق الجنسي ما بين الطرفين , ويوماً بعد يوم تصبح علاقة الحب القيسية التي ربطت ما بين الطرفين قبل الزواج كأنها كذبة كبيرة، افاق الطرفين على حقيقتها في الميدان العملي، وتذوب هذه المشاعر شيئاً فشيئاً بسبب الاختلافات الجنسية التي ظهرت ما بين الطرفين، ويصبح الحب الذي ارق الطرفين ليال طويلة, ما هو الا عبارة عن سحابة وهم مرت بلا سلام , وجاءت سحابة أخرى أكثر قوة واكثر واقعية وهي سحابة الجنس التي قد تمطر حباً وقد تمطر مشاكل ليس لها حدود . ويصبح الحب في خبر كان، وتصبح المثاليات ضرباً من ضروب الخيال، وتظهر حقيقة واحدة لا غبار يغطيها, ولا أشعار تكسوها , وهي حقيقة أن الجنس هو سيد الموقف. وهو سبب نجاح أو فشل أية علاقة حب على وجه الأرض باسثتناء بعض «الحالات الشاذة»
بالمقابل يبقى التعامل مع الحب، على أنه مجرد مناورة من أجل ممارسة للجنس لهو اختزال فج، لقد حاول الكثير من الفلاسفة تفسير ماهية شعور الحب وما هي الرغبة الجنسية والعلاقة بينهما، وإلى اليوم تجري الكثير من الدراسات والأبحاث بهدف فهم طبيعتهما بشكل أدق، يمكن للحب والجنس أن يحدث كل منهما بمعزل عن الآخر، ورغم ذلك لا يمكن فصلهما حيث أن لكل واحد منهما أثر كبير على الآخر، وبجانب ذلك كله أعطينا اهتماما فائقا لمشاعر الحب بيننا، فما بدأ بالأساس كحالة من التعاطف تطور ليصل إلى ما نعرفه عن الحب، والذي يبحث عن غطائه الفعلي من خلال الجنس.