تتجه الأنظار مجددًا نحو ضرورة إنشاء المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة في ظل النقاش المستمر حول مقترحات التعديلات على مدونة الأسرة. فقد أظهرت هذه المناقشات، التي غالبًا ما تتسم بالتجاذبات غير المدعومة بأسس علمية، الحاجة الملحة لإطار مؤسساتي يساهم في تنظيم وإثراء هذا النقاش. إذ يمكن لهذا المجلس أن يقدم آراء علمية حول المقتضيات القانونية المعنية، ويعمل على ضمان توفير حماية قانونية متساوية لجميع أطراف الأسرة.
المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة هو مؤسسة دستورية أُقِرَّ قانونها التنظيمي رقم 78.14 في الجريدة الرسمية في غشت 2016، ولكنه لم يُفعَّل أو يُنتَخب حتى الآن. وبموجب المادة الثانية من هذا القانون، يتمتع المجلس بصلاحيات موسعة تشمل رصد وتتبع وضعية الأسرة والطفولة في المجالات الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى إبداء الرأي في القضايا التي يُحال إليها من قِبل جلالة الملك.
وتشمل صلاحيات المجلس أيضًا إبداء الرأي بناءً على طلب الحكومة أو أحد مجلسي البرلمان في مشاريع القوانين ومقترحات النصوص التشريعية والتنظيمية، فضلاً عن الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة بمجال اختصاصه. كما يتمتع المجلس بسلطة إصدار توصيات تهدف إلى ضمان الحماية القانونية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة وتوفير حماية قانونية متساوية لجميع الأطفال، بغض النظر عن وضعياتهم العائلية.
في هذا السياق، أكد أحد الخبراء في تصريح سابق له، الذين ساهموا في إعداد مشروع القانون أن الحاجة أصبحت ملحة لمأسسة النقاش العمومي حول مدونة الأسرة من خلال إنشاء المجلس. وأشار إلى أن وجود هذا المجلس يمكنه أن يواكب هذا الورش بتقديم آراء وتقارير علمية، مما يساعد في الابتعاد عن التجاذبات غير المفيدة.
كما دعم باحثون متخصصون في قضايا الأسرة هذا الطرح، موضحين أن وجود المجلس سيضمن أن المراجعات التي ستطال مقتضيات مدونة الأسرة ستتم بناءً على أسس علمية، نظرًا لتوفر المؤسسة على خبراء في مجالات مثل علم النفس القانوني والاجتماعي. وأبرزوا أن غياب هذا الإطار المؤسساتي جعل من غير الواضح السند العلمي لبعض المقتضيات الحالية، مثل مسألة اختيار الحضانة، مما يستدعي ضرورة الإسراع في إنشاء المجلس لتعزيز النقاش وتقديم رؤى علمية متكاملة.