ذاكرة مرَّة

فرق شاسع بيني وبين أخي الذي يكبرني بأربع سنوات فالخطٌّ الذي نما على شاربه مثل سرب من النمل مدعاة لفخر أمي واعتزاز أبي، بينما هذان النتوءان يلزم أن أخفيهما عن العالم وبكل طريقة ممكنة، وبحكم العادات القديمة يجب أن أحدّدهما بقطعة من الملح الحيّ وأرميها في بئر المسجد القديمة حتى لا يكبرا ويصبحا كرمانتين تغريان بالقطاف

لم أعرف شيئا عن الجسد سوى ماقرأته في الكتب ولم يكن في بيتنا مكتبة سوى تلك الكراطين التي ورّثتها لنفسي بعد سفر إخوتي لإكمال تعليمهم، الكتب هي من علمتني ماذا يعنيه «جسد».

 أما أمي وأختي فكانتا منهمكتين في طاحونة الأشغال اليومية التي جردتهما من الغناء ثمّ من الكلام شيئا فشيئا..

كنت في الثالثة عشرة تماما، وكان يوما عصيّا على النسيان غيّر إدراكي للأشياء التي بدأت تبرز على جسدي..

 بعد ذلك اليوم بدأت أنفر من كل هذه المنحنيات، انعطافة الخصر، النتوؤان البارزان على صدري اللذان جعلاني أبدو أكبر من عمري بكثير، الشعر الخفيف الذي بدأ يُظلِّل الأماكن الخَفِيَّة من جسدي، كل شيء لم أصنعه ولم تكن لي يد في نموّه أصبح مدعاة للخوف والتوجُّس والإخفاء.

بدأت أدرك أن هناك فرقا شاسعا بيني وبين أخي الذي يكبرني بأربع سنوات فالخطٌّ الذي نما على شاربه مثل سرب من النمل مدعاة لفخر أمي واعتزاز أبي، بينما هذان النتوءان يلزم أن أخفيهما عن العالم وبكل طريقة ممكنة، وبحكم العادات القديمة يجب أن أحدّدهما بقطعة من الملح الحيّ وأرميها في بئر المسجد القديمة حتى لا يكبرا ويصبحا كرمانتين تغريان بالقطاف، لكن الحدبة التي بدأت تنمو على ظهري كلما حاولت إخفاءهما لم تزعج أحدا..

الفتاة التى بدأت تطول سيقانها وينحني ظهرها كناقة ليس منظرا مزعجا بل دليلا على حسن الخلق وخجل يؤاخيه التأدب..

أما خارج العائلة ما إن يبدأ نهدا فتاة بالظهور حتى يصبح الأمر كموسم مفتوح لجني التفاح، الكل يستبيح النظر وتغويه الشجرة التي تحمل فاكهة أبكر وأكبر، بالنسبة لي لم أكن أعرف ماهو الحجم المطلوب الذي سيتقبَلني به العالم، حاولت سحق فاكهتي تحت وشاح قديم لأمي ثم وجدت حزاما أبيض يخصّ أخي الكبير حين كان يتدرَّب في زمن سابق على رياضة الكاراتيه، حزام خشن وطويل جدا كنت ألفّه من بداية قفصي الصدري حتى أعلاه لأمسك زمام هذين الشيئين القبيحين ولا أدعهما يتمددان ويكبران وينطلقان إلى الخارج ليثيرا الرعب أو الرغبة في عيون الآخرين.

 في غرفة أمي العشبية اللون توجد سجادة تركية نسج عليها رسمة غزال بعيون بنية واسعة ،خلفه غابة تكمل اخضرار الغرفة، فوق رأسه تماما بقعة دائرية مثل شمس داكنة لكنها لم تكن سوى أثرا لبداية احتراق سببه المصباح الكهربائي. 

 كثيرا ما راقبت عيون الغزال وأنا أتابع حركة بؤبؤيه المريبين وهما يلاحقاني أينما تحركت، وما كنت لأملّ أبدا من هذه المناظرة البصرية لولا أنه في هذا اليوم بالذات كانت هناك عينان أحبهما تشدان انتباهي إليهما أكثر…

 

تابعوا الجزء التالي من حياتي قصة لهذا الأسبوع على “نساء من المغرب”

العلاقة الجنسية المثالية هي مفهوم شخصي للغاية، ويختلف من شخص لآخر. الخبراء يؤكدون على عناصر مفاتيح وهي التواصل، الاحترام، والقدرة على النمو والتطور معاً.
تم الإعلان عن فتح باب الترشيح للدورة الثانية لجائزة ابن رشد للوئام، بمبادرة من جمعية الصداقة الأندلسية المغربية "منتدى ابن رشد"، التي تنشط في تعزيز العلاقات بين المغرب وإسبانيا وتوطيد التقارب بين الشعبين الجارين.
تم عرض الفيلم المغربي الكوميدي "أنا مش أنا"ضمن فقرة "عروض خاصة"، المنظمة في اطار فعاليات الدورة ال45 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي ينظم الى غاية 22 نونبر الجاري.