بعدما اشتد القصف فى منطقتى فى شمال غزة، وبعد أكثر من شهر مابين الهروب من بيتى إلى مركز لجوء، ومن مركز إلى آخر، من مدرسة الموهبين إلى عيادة الشيخ رضوان، إلى مدرسة مالك بن العاصى فى منطقة ابو اسكندر.
زاد الاستهداف القصف للمدنيين فى كل مكان.. اضطررت النزوح وصديقتى سمر وأقارب لي.. اضطررنا نركب عل كارة بحمار الوسيلة الأولى، الآن نظرا لعدم وجود وقود للسيارات ونظرا لخطورة سير أى سيارة لو بها تحت نيران القصف.
وصلنا لميدان الكويت ركبنا كارة بحمار كي نقترب للشارع الذى يتوجه منه آلاف النازخين من غزة وشمالها..
نزلنا ووقفنا بطابور، نظرت أمامى وجدت المئات.. كله ينتظر أوامر جنود الاحتلال المحصنة على بعد كيلو متر تقريبا محصنة بكل التحصينات والترسانة العسكرية والدبابات.
كان الجندى يعطى الأوامر لمئات المواطنين بالتحرك قليلا قليلا.. وكلما نظرت حولي، أجد أطفال ورضع يصرخون ويبكون من شدة الحر والانتظار الطويل، حيث بقينا اكثر من أربع ساعات او ٦ ساعات نمشي ونقف ونمشى ونقف ونمشى ونقف..
ويأمرنا الجندى طبعا بالوقوف والمشي، وهكذا ويأمر الجندى بعض الأشخاص للحضور لهم طبعا إما للاعتقال او التحقيق، لمحت شابا عاريا بالتاكيد أمروه الجنود بخلع ملابسه هكذا هو الاحتلال.. مناظر لوجوه حزينة متعبة قلقة تكلم نفسها..
بقينا نمشى ونوقف أكثر من ٤ ساعات فى منطقة ضيقة الكل متلاصق وعليكى الانتباه والحذر طول الطريق والا تنحنى وتنفذى مايقوله جندى الاحتلال المدجج بأعتى الأسلحة، واخذ يقول لنا انظروا شمال طبعا بالتاكيد للحصول على صور للجميع وبصمة العين للكل.
وبعدها تمشى مسافة إلى أن تبتعدى قليلا عن نقطة للاحتلال وتجدين كرات كثيرة موجودة، تركبين كارة بحمار مرت ثالثة أو رابعة كي تدخلي إلى جنوب قطاع غزة حيث يقال عنها آمنة ولكن أيضا ليست كذلك.
وصلت الى مدرسة إيواء فى خانيونس، يمكن هذه الثالثة او الرابعة للنزوح، هروبا من القصف والخوف ورائحة الموت ومناظر الدمار ..هربت أحمل شنطة يد فقط تركت بيتي وحالي وكل ذكرياتي، ٣٠ عاما فى بيتي بالشيخ رضوان لا أعلم شىء عنه.
خواتى ملك بمخيم جباليا واختى سلمى بالشيخ رضوان، واختى بشرى فى عمارة الامين ٤ محجوزة تناشد الصليب من ايام ..كله انقطع الاتصال به.
لا اعرف أخبار احدا من عائلتى لا أحد ..وصلت إلى مركز الإيواء وكان سبقنى ابن اختي محمد وزوجته وأطفاله الثلاث ..طبعا ظروف صعبة لاتليق بالانسان ..غرف مدرسية ثانى بكل غرفة ٣٠ واكثر.
كله يلتصق بعائلته لاحدود بين أحد ..الظروف الصحية والمعيشية من أكل ونوم كله صعب، وأما الأمان فهو لحظة بلحظة، يصعب عليك الأطفال، تريد أن تاكل تريد تلعب غير مدركة هذه الحرب الملعونة الوحشية، الحديث كله شجون وتعب وألم ومعاناة وقهر وحزن مرسوم على تفاصيل حياة النزوح.
ريتا خليل
