أريد أن أبدأ من تجربتك الأخيرة في فيلم «أيام الصيف»، كيف بدأ مشروع الفيلم خاصة وأنك صاحبة فكرته؟
الفيلم يحمل توقيع المخرج الكبير «فوزي بنسعيدي»، وهو فكرة بسيطة ولكن عميقة، وبدأت في كواليس عملي مع بنسعيدي في إحدى الأعمال، كنت قد تحدثت معه حول رغبتي في أداء دور في فيلم على طريقة Huis clos، وهي الفكرة التي تقوم على وحدة الزمان والمكان خلال أحداث الفيلم، أعجبته الفكرة وتقاسمنا العمل عليها، حتى خرجت بهذا الشكل في فيلم «أيام الصيف»، الذي أعتز به كتجربة مختلفة في مساري المهني.
انقسمت الآراء حول الفيلم فهناك من وجد قصة الفيلم تقليدية ولكن هناك من أشاد بالفيلم وتركيبته، كيف تتعاملين مع تلك الآراء؟
من الطبيعي أن يكون انقسام حول الفيلم وهو شيء عادي لأن في النهاية هو فيلم يحمل رؤية مخرجه، الذي لا يقدم سينما تقليدية، ومن الممكن جداً أن يرى شخص ما الفيلم ولا يفهمه من الأساس، وهو شيء يحدث في تلك النوعية من الأفلام التي تحمل رؤية وبصمة شخصية من المخرج، ولكن هناك من يراه ويقتنع به ويتفاعل معه وهذا ما نبحث عنه نحن كصناع الفيلم.
كونك صاحبة فكرة الفيلم هل يمكن أن يغريك بدخول مجال كتابة السيناريو؟
لما لا ….من الممكن جدا، فأنا لدي خبرة طويلة في هذا المجال وصلت الآن حتى 35 عام، ولدي الكثير من الأفكار التي أرغب في تحويلها إلى أعمال فنية، ولكن أنا أؤمن بالتكوين، وأنه لا يمكن لأي شخص احتراف مهنة دون أن يتعلمها بشكل أكاديمي، فإن سمحت لي الظرفية والوقت للعمل على فكرة وتحويلها إلى سيناريو، سوف أتجه إلى التكوين أولا ثم الاحتراف.
الشيء بالشيء يذكر..تحدثت عن خبرة طويلة في الساحة الفنية تجاوزت 35 عام، ما الذي تغير في اختيارات منى فتو عبر السنين ؟
لا أجد أي تغيير في أفكاري أو قناعاتي، فأنا لا أقدم على العمل في أي مشروع إلا إذا كنت على قناعة تامة بالقصة، والمخرج، حتى أستطيع أن أقدم أفضل ما لدي في التشخيص، ولكن ما حدث على مدار سنوات الاشتغال هو تغيير في بيئة العمل، وشكل الأعمال التي تقترح علي ّمن جانب شركات الإنتاج، فأنا أختار أفضل ما يطرح عليّ، لأني لا أستطيع أن أختار أعمال لا تكتب من الأساس.
ولكن ألا تتفقين معي في كون أن اختياراتك أصبحت أكثر محافظة ؟
لا ..لا أتفق في تلك الرؤية، فأنا تربيت في بيئة تقليدية ومحافظة، واختياراتي من البداية كانت بها الكثير من الخطوط الحمراء، والمحافظة كما ذكرت، وبالطبع أنا أقدس الحرية، واحترام الحريات الفردية، وأتمنى أن يكون مجتمعنا به قدر من الرقي والتحضر في احترام الحريات، ولكن في إطار عاداتنا وتقاليدنا التي تمنحنا خصوصية وهوية تميزنا، ومن وجهة نظري لا يمكن أن نتخلى عن هويتنا لأي سبب، ولكن على العموم فإن الأعمال المطروحة وبيئة العمل أصبحت أكثر تحفظاً عن الأعمال الفنية التي كانت تقدم في تسعينات القرن الماضي بالسينما المغربية على التحديد.
على ذكر السينما المغربية.. مؤخراً انتشرت سلسلة من الأفلام الكوميدية والتي وجدت صدى لدى الجمهور، كيف تقيمين تلك الأعمال؟
بالطبع لاحظت انتشار الأعمال السينمائية الكوميدية، والتي كما ذكرت تعجب الجمهور، لأنه متعطش لمثل تلك الأفلام التي تقدم للتسلية والمتعة وهي إحدى رسائل الفن والسينما، فالمشاهد أحيانا يرغب في مشاهدة فيلم خفيف، وهو شيء مطلوب ومتعارف عليه في العالم بالكامل، وبالتالي يجب أن يكون موجود في الحقل السينمائي المغربي، لكن لدي تحفظ آخر وهو ضرورة الحرص على الجودة الفنية لتلك الأعمال، فلا يمكن أن نقدم أعمال تحمل في شارتها أسماء ممثلين كبار و مخرج وسيناريست بلا جودة فنية حقيقية، وأنا شخصياً كممثلة من الممكن أن أقدم دور كوميدي بحرفية عالية مثل الدور الدرامي، ولكن مع ضرورة التأكيد على الجودة وإتقان العمل.
وهل تحفظك على مستوى الجودة يمتد إلى الأعمال الدرامية؟
شهدت الدراما المغربية على مدار السنوات السابقة تقدم كبير سواء على مستوى التشخيص، الإخراج، التقنيات والإنتاج وأصبح هناك شكل من أشكال المنافسة والذي يصب طبعا في مصلحة الصناعة بشكل عام، وأعتقد أن هذا يتضح بشدة من تتبع الجمهور للأعمال الدرامية المغربية طوال العام، وشغفهم بها، وانتظارهم لها، وهذا بالطبع شيء جد إيجابي.
وكيف تختار منى فتو أدوارها على مستوى الدراما أو السينما وهل يجبرك الحرص على التواجد على قبول الأدوار؟
بالطبع لا…أنا شديدة الحرص في اختيار أعمالي، ولو كنت أرغب في مجرد الظهور أو التواجد لتابعني الجمهور في كل الأعمال الدرامية والسينمائية، ولكن أنا كما ذكرت أتمسك بجودة العمل، وأن أقدم شيء يتفق مع قناعاتي وإيماني بالفكرة والمخرج، وأيضا أحرص بشدة على جودة العمل، فهو شيء غير قابل للنقاش أو التفاوض بالنسبة لي، لأنه يرتبط باحترامي لعقلية وذوق المشاهد، ولا يمكن أن أقدم له عمل فيه إهانة لذوق الجمهور و عقليته.
الكثير من الفنانين يتحدثون عن تغير في عقلية الفنانين و إدارة الأعمال خلف الكاميرات، ألا يدفعك ذلك إلى التفكير مثلا في الاعتزال؟
أبدا.. فكرة اعتزالي غير واردة أو مطروحة، فأنا ابنة مهنة التمثيل وأعشقها، ولم أفقد شغفي بها، وبكل شخصية أقوم بأدائها، وأقدم أفضل ما لدي كل مرة حتى أكون راضية أولا عن نفسي، وبالتالي فكرة اعتزالي غير مطروحة في الوقت الحالي لأن الفنان لا يوجد له فترة صلاحية، وأتمنى أن أظل ممثلة حتى نهاية عمري، وبالطبع المجال الفني كغيره من المجالات به صعوبات ومشقات وإكراهات، والتي قد تصيبني أحيانا بالإحباط ولكن هذا لا يعني الابتعاد عن مجال التمثيل.
حاليا تقومين بتصوير مسلسل « خط رجعة» ..أريد أن أقترب من دورك فيه؟
بالفعل أقوم بتصوير مسلسل «خط رجعة» من إخراج «عادل الفاضيلي»، وأقدم فيه شخصية سيدة أعمال تملك عمارة سكنية، تحدث فيها صراعات اجتماعية بين السكان وأبناء الحارس الخاص بالعمارة، والمسلسل يصور لصالح القناة الأولى.
وما هي الجدولة المعلنة لعرضه على شاشة التلفزيون؟
بالنسبة لنا كممثلين لا نعرف متى سوف يعرض المسلسل، فنحن نقوم بالتصوير فقط، أما جدولة العرض وإذا كان سوف يراه الجمهور في رمضان 2025، فهو قرار القناة المنتجة ولا نتدخل فيه .
لاحظنا نشاط واسع لك مؤخراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أتحرصين على التواجد المدروس ؟
أنا دائما حذرة في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، ومنذ بداية استخدامي لصفحاتي الشخصية أطرت علاقتي بالمتابعين، وأيضا وضعت خطوط حمراء لا أتجاوزها في منشوراتي، مثلا حياتي الشخصية ضمن دائرة المحظورات، ولكن المسألة تحولت إلى ضرورة، لأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت جزء من تركيبة المجتمع والعلاقات بين الناس، وأيضا هي جزء رئيسي من نمط عيش الأجيال الجديدة والتي لا يمكن أن ننفصل عن ركبهم، أو نتخلف عن طريقة تفكيرهم، في النهاية تظل وسائل التواصل الاجتماعي آلية مهمة في تسويق مشروعاتنا الفنية.
هل تصدر المؤثرين للأعمال الدرامية والسينمائية وتحويلهم إلى ممثلين محترفين، يصب في مصلحة المهنة؟
أنا لا أحب المبالغة، ويجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها، ونضعها في موقعها الدقيق، دون إضافة أو نقصان، فلا مانع أبداً من ولوج شاب أو شابة موهوبين للأعمال الفنية وهم في الأساس من صناع المحتوى، والعكس صحيح، فلا يوجد أي تعارض بين ممثل محترف يقدم محتوى يناسب مواقع التواصل الاجتماعي، بل على العكس، أنا أرى أن ذلك إيجابي وصحي، في النهاية لا يمكن إصدار حكم مطلق على منصة أو مصدر من شخص واحد، لأن كل إنسان له حق مطلق في التجربة، بالمقابل وحده الجمهور، من لديه الحق في تقييم تلك التجربة.
انتقل إلى التعديلات المرتقبة لمدونة الأسرة.. كونك امرأة وأم مغربية وايضاً مطلقة كيف تترقبين تلك التعديلات؟
بالطبع اهتم بالتغييرات القانونية التي تحدث بالمغرب، وأتابع كغيري من المغربيات داخل وخارج المغرب النقاش المرافق للتعديلات المرتقبة لمدونة الأسرة، خاصة وأنني كما ذكرت أم ومطلقة، ولكن على العموم أنا أتمسك دائما بالرؤية الإيجابية للأشياء، وأرى أن المرأة في المغرب حققت الكثير من المكاسب على المستوى القانوني والاجتماعي، ولكن طريق الحقوق طويل وشاق، وتظل الرؤية السامية لجلالة الملك محمد السادس وحرصه الشخصي على العدالة القانونية وأن تتمتع المرأة المغربية الأم والمربية والعاملة على جل حقوقها هو ما يطمئننا جميعاً كمغاربة، وعلى العموم أنا أتمنى أن نجد تعديلات تنصف المرأة في مسائل جد مهمة مثل حق المرأة في الوصاية على أبنائها، وحق الأم في الاحتفاظ بأبنائها بعد زواجها من جديد، وأيضا حسم حدود الحقوق في المواريث والتي أعتقد أنها تحتاج إعادة النظر .
تحدثنا عن تعديلات المدونة ولكن لا يمكن أن نتجاهل حادثة التحرش الجماعي التي حدثت في طنجة، أنت كفنانة وأم كيف تمر عليكِ مثل هذه الحوادث؟
أعتقد أن ما حدث جريمة مكتملة الأركان، تستوجب العقاب الرادع، الواضح والمعلن، ولا أرغب في الحديث عن تفاصيل الحادث أو لباس الفتاة أو مكان تواجدها، فمن وجهة نظري هذا ابتعاد عن صلب القضية، ومحاولة التقليل منها وإبعادها عن كونها جريمة جنائية أمام القاضي تنتظر أقصى عقوبة.
تواجه الأمهات المطلقات الكثير من الإكراهات في تربية أبنائهن خاصة وإن كن عاملات..بعد بلوغ ابنك مرحلة الشباب، كيف تنظرين إلى رحلتك معه؟
علاقتي بابني كانت ومازالت مبنية على الاحترام والصداقة، وأنا أعتقد أنني اليوم أحصد ما زرعته من حب واحترام ورعاية، كغيري من الأمهات، اليوم ابني هو صديقي المفضل، وعلاقتنا تجاوزت الأمومة والبنوة، والحمد لله أشعر اليوم أنني أديت رسالتي كأم على مدار السنوات السابقة.