نساء من المغرب : قدمت العرض ما قبل الأول للفيلم في سياق خاص، يوم 8 مارس، وفي فضاء المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، بعيدا عن صالات السينما، لنتكلم أولا عن رمزية هذا الاختيار بالنسبة لك..
محمد عبد الرحمن التازي : اذا استحضرنا أن فاطمة المرنيسي كانت مؤمنة ومدافعة كبيرة عن حقوق النساء، واستحضرنا الكيفية التي كانت تحضر بها المرأة في أبحاثها وانشغالاتها، يصبح من الطبيعي اختيار اليوم العالمي للمرأة من أجل تقديم الفيلم، واخترت أيضا أن يتم ذلك في قاعة غير تجارية، وهي فضاء المتحف الوطني محمد السادس للفن الحديث والمعاصر..كانت مناسبة أن أجمع أصدقاء فاطمة، ومن كانوا دائما الى جانبها، من درست، أو أساتذة ..كان عدد الحضور محدودا حوالي 120 شخصا.
كنت أريد، من خلال هذا العرض الخاص، أن أعرف ما اذا كنت قد توفقت في اختيار الممثلة التي شخصت دور فاطمة المرنيسي، وفي هذا الانجاز، في الاضاءة على جوانب من حياة عالمة الاجتماع والكاتبة والمدافعة عن حقوق المرأة والمجتمع، قبل الدخول في العروض التجارية.
عرض خاص في قاعة غير تجارية ينتقل بعدها الى القاعات التجارية، هذا يدعو الى التساؤل حول طبيعة الفيلم نفسه: فيلم تخييلي سينمائي ؟ أم توثيقي لحياة فاطمة المرنيسي أم يستعين بأدوات الفيلم التسجيلي ؟ مادام يقدم شذرات من حياتها ؟
هو فعلا ليس صورة حياة لفاطمة المرنيسي، لكنه فيلم برؤية خاصة حول رحلات وأعمال مشتركة، طفولة وذكريات مشتركة بيننا، تعرفين أن بيننا صلة قرابة..هذه نظرة مخرج تابع فاطمة لمدة 40 سنة، فيها صداقة وعمل ومشاريع وأشياء كثيرة مشتركة..هذه رؤيتي لكل ذلك. أوكد أنه ليس مسار حياة مثل ما يكون عليه الأمر بالنسبة للفيلم الوثائقي، بل هو قصة والبطلة الرئيسية هي فاطمة المرنيسي في مواقفها وكتاباتها..ودعمها للنضال الحقوقي وقضايا النساء.
الفيلم فيلم سينمائي، فيه قصة ولو انه قصة حياة، هو شريط طويل حول حياة فاطمة وفق رؤيتي الفنية، يستعين بمواقف عشتها ووظفتها في الشريط اعطته نكهة خاصة، ونحن نعرف ان فاطمة المرنيسي أعطت الكلمة للبسطاء، وكانت لها مكانة خاصة عند الأدباء والمفكرين في العالم العربي، كان علي توظيف كل ذلك وفق رؤية مخرج.السلطانة غير المنسية ليس فيلما تسجيليا أو وثائقيا، بل فيلما سينمائيا وفيه تفاصيل تجعل المتفرج يعيش قصة. ومن شاهد الفيلم لاحظ أن الفكرة واضحة في الفيلم.
أطمح لاخراج الفيلم للقاعات في أقرب وقت، لكن هناك اكراهات تتعلق بالموزع والقاعات ثم اقتراب شهر رمضان، حيث لا يكون هناك اقبال على القاعات السينمائية للأسف، ثم ظروف الجائحة المستمرة، وأتوقع أن يخرج الفيلم للقاعات شهر ماي المقبل.
كانت فاطمة المرنيسي مسكونة بالحكي والسرد، واخترت الحكي عن امرأة تعتبر ملكة الحكي وانت تتابع الحكاية والحكي بطريقة اخرى
“نساء على أجنحة الحلم” هو سيرة شبه ذاتية لفاطمة، وأعتقد ان الشريط نفس الشئ، يحكي حياة فاطمة بنفس الكيفية، حكايات عن نفسها وعن الآخرين .لقد قالت مثلا “في الصباح أجلس في عتبة البيت وكل أفراد الأسرة نائمون، وأسافر وانا في مكاني”..، كانت تجمع الناس حولها وبنفس الوقت تحكي و تضحكهم حين تحكي..يقدم الفيلم هذه الحكايات ويصورها، كيف كانت تحاور النساء النساجات، كيف تجعلهن يحكين، وتمنحهن القوة و ويدافعن عن جهدهن ..حاولت ابراز ذلك في الفيلم حتى اوضح كيف كانت تكتب وتنسج العلاقة مع الناس سواء في البادية أو المدينة ، كذلك كانت فاطمة حين تستقبل وتلتقي الأصدقاء تفرح وتغني معهم وليس فقط تلتقيهم حول النقاشات العلمية والأكاديمية.
الفيلم هو تخليد لذكرى شخصية استثنائية في المغرب والعالم العربي، هل من جهة دعمت هذا المجهود
ظروف التصوير جهات تدعم الفيلم لفيلم استثنائي لشخصية استثنائية
تعرفين انه الآن ما من شريط يمكنه أن ينجز الا بمساهمة صندوق الدعم وهي ضرورية وحيوية للاستمرار، خارج المركز السينمائي وصندوق الدعم، ليس هناك للأسف أي دعم للفيلم .لقد راسلت مؤسسات مغربية تهتم بالثقافة لكن دون جواب، كان لي اتصال بالقنوات الوطنية دون جواب.الجهة الوحيدة التي دعمت وأشكرها على ذلك هي اقليم زاكورة الذي ساهم بالامكانيات الممكنة بالنسبة للسكن، وتسهيل التصوير في المنطقة، كانت لنا اعانات تخص الوقود وتزويدنا بالماء الشروب، وهذا كل شئ.المؤسسات الثقافية رغم امكاناتها الضخمة لم تدع الفيلم، ورغم ذلك وصل الى بنائه.
كيف تم اختيار الممثلة مريم الزعيمي دون غيرها لتجسيد شخصية فاطمة المرنيسي ؟
هو فعلا دور غير سهل على الاطلاق، ومن الصعب على ممثلة مغربية أو عالمية أن تجسده بكل مراحله العمرية، طبعا ولأن الفيلم مغربي، كان من الطبيعي أن تجسد الدور ممثلة مغربية. كنت أشاهد الأعمال المسرحية والتلفزيونية لمريم الزعيمي وطيلة مدة كتابة السيناريو كنت مقتنعا ومتأكدا بأن لا أحد يمكنه القيام بذلك الدور من دونها.وحين عرضت عليها الدور تخوفت وبعد لقاءات كثيرة، أقنعتها،حصل ذلك سنة 2019 ومن ذلك الوقت أصبحت مسكونة بالدور، تبحث و تقرأ عن فاطمة، تشاهد كل التسجيلات الخاصة بها وسكنتها الشخصية.. في الواقع كنت سعيدا جدا بآدائها وكيف أتقنت الشخصية، لدرجة أن كثيرا ممن شاهدوا الفيلم تساءلوا “اين فاطمة وأين مريم”.
تطلب الأمر الاستعانة بالتدخل الجراحي من أجل تقريب ملامح فاطمة المرنيسي..
يصور الفيلم حياة فاطمة منذ سن 35 الى سن 75، أدته ممثلة واحدة، و ليس ممثلات كثيرات، هو عمل صعب تطلب الاستعانة بالتجميل، وحتى نصل للنتيجة النهائية تطلب الامر أربع سنوات من الاشتغال، علما أننا بدأنا التحضير قبل ذلك.
كان يفترض أن يبدأ التصوير سنة 2019، لكن ظروف الجائحة أخرت ذلك، وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم، لأن هذه الفترة مكنتني من الاشتغال على السيناريو أكثر فأكثر ، هذه المدة كانت مفيدة للفيلم.
لو كانت فاطمة المرنيسي على قيد الحياة، وشاهدت الفيلم، ماذا تتوقع أن تكون ردة فعلها؟
في الشريط، هناك مشهد أعرض فيه عليها انجاز فيلم عنها، لأن اعمالا كثيرة تجمعنا وعلاقتنا مميزة، فتقول لي “انا ماشي مهمة.. كتبي هي الأهم”.
الارث الذي تركت فاطمة هو ما جعلني أنجز هذا الفيلم، هو ارث ثقافي مهم وهو الأهم ..اذا كانت على قيد الحياة ستقول لي ” هكذا احسن”.