وقد شهد حفل “فيفا فيردي”، الذي احتضنه العاصمة الاقتصادية للمغرب، نجاحا كبيرا، من خلال الحضور المهم للجمهور البيضاوي المحب والمتذوق للموسيقى الكلاسيكية، حيث حظي هذا الجمهور بفرصة اكتشاف وتذوق التقسيمات الموسيقية الاستثنائية التي قدمتها، لأول مرة في المغرب، فرقة “باليتو دي ميلانو” (باليه ميلانو)، احتفالا بالإرث الموسيقي والرمزي للموسيقار الإيطالي المرموق جوزيبي فيردي. و”باليتو دي ميلانو” فرقةُ باليه مُمْتَدة الشهرة، خارج حدود إيطاليا، حيث سبق لها أن قدمت عروضها في مسارح عالمية مرموقة، من نوتردام دو باريس إلى دار الأوبرا المصرية، وصولا إلى مسرح لاتينا في مدريد.
ويأتي نجاح عرض “فيافا فيردي” الثاني في مدينة الدار البيضاء، بعد أمسية أولى رائعة أقيمت يوم السبت 4 نوفمبر 2023، بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط. أمسية الرباط، التي أقيمت بدورها تحت إشراف المايسترو المعروف، جيانماريو كافالارو، كانت بمثابة اندماج سحري، فريد وغير مسبوق، جمع بين فرقة “باليتو دي ميلانو” والأوركسترا الفيلهارمونية المغربية، بقيادة المايسترو الموهوب كارلو بيستا. وتلألأت خشبة المسروح الوطني محمد الخامس، بالأداء الاستثنائي الذي قدمه الفنانون المشاركون في العرض، ما أسر قلوب الجمهور الحاضر. ولقد عزز هذا العرض التقارب الموسيقي والثقافي، وخلق تجربة لا تُنسى لدى الحاضرين، ممهدا الطريق لاستمرار سحر “فيفا فيردي” في مدينة الدار البيضاء.
تعود جذور اسم “Viva Verdi”، الذي أعطي لهذا العرض، إلى عمق التاريخ الإيطالي. فجوزيبي فيردي، لعب دورًا رمزيًا حاسمًا في تاريخ حركة توحيد إيطاليا، المعروفة باسم “Risorgimento”. فأعمال فيردي الأوبرالية وتنسيقاته الموسيقية الملحمية وجوقاته العاطفية، بما في ذلك جوقة “Va, pensiero” (جوقة العبيد) ضمن أوبرا “نابوكو”، جسدت بحنكة النضال الذي قادته شخصيات مثل “كاميلو دي كافور” و”جوزيبي غاريبالدي” لتحرير إيطاليا من سيطرة القوى الأجنبية خلال القرن الـتاسع عشر. حِينَها هتف الجمهور الإيطالي بشكل عفوي لأعمال فيردي الفنية بـ”تحيا فيردي!”، في إشارة مخفية إلى فيكتور إيمانويل ملك إيطاليا (Vittorio Emanuele Re D’Italia)، أي الملك فيكتور إيمانويل الثاني، أول ملك لإيطاليا الموحدة عام 1861. وكدليل وتعبير من فيردي على دعم الوحدة الإيطالية، أصبح عضوًا في برلمان تورينو في العام نفسه. وهكذا تجسد تسمية “فيفا فيردي” الإعجاب بالملحن واستمرار الأمل في إيطاليا الموحدة.
وبخصوص نجاح هذا العرض الموسيقي الفريد في المغرب، تقول بحماس، السيدة كارميلا كاليا، مديرة المعهد الثقافي الإيطالي بالرباط “لقد سعدنا بالنجاح الاستثنائي لهذا العرض الفريد، سواء في الدار البيضاء أو في الرباط. كما أن الاستجابة العفوية للجمهور المغربي المتذوق تملأنا بكثير من الفرح. سنواصل مستقبلا، في المعهد الثقافي الإيطالي بالرباط، تقديم برنامج ثقافي غني ومتنوع للجمهور المغربي. هدفنا هو تعزيز الثقافة واللغة الإيطالية، وبالتالي تعزيز التقارب الثقافي والحوار بين المغرب وإيطاليا”.
ويأتي تنظيم الأمسية الثانية من عرض “فيفا فيردي” في مدينة الدار البيضاء كثمرة للتعاون بين السفارة الإيطالية في المغرب والمعهد الثقافي الإيطالي بالرباط، وأيضا القنصلية العامة لإيطاليا بالدار البيضاء ومعهد دانتي أليغييري بالدار البيضاء، واستوديو الفنون الحية. وكان كل من سعادة سفير إيطاليا لدى المملكة المغربية، أرماندو باروكو، الملحق المكلف بالشؤون الثقافية، والسيدة كارميلا كاليا، مديرة المعهد الثقافي الإيطالي بالرباط، وراء مبادرة هذا الاحتفال الموسيقي الفريد. أما حفل الرباط المقام يوم السبت 4 نوفمبر 2023، فقد أشرفت عليه السفارة الإيطالية في المملكة المغربية، والمعهد الثقافي الإيطالي بالرباط، بتعاون مع فرقة “باليتو دي ميلانو” والأوركسترا الفيلهارمونية المغربية، وأيضا بشراكة مع “مؤسسة تينور للثقافة” والمسرح الوطني محمد الخامس.