يحتفي المهرجان الدولي للفيلم بمراكش بالسينما العالمية من خلال مجموعة مختارة من اثنين وثمانين فيلمًا تمثّل إحدى وثلاثين دولة، موزعة علىمجموعة من الأقسام: المسابقة الرسمية، العروض الاحتفالية، آفاق، القارة الحادية عشرة، بانوراما السينما المغربية، عروض الجمهور الناشئ والأسرة، إضافة إلى الأفلام المعروضة ضمن التكريمات. من بين هذه المجموعة، يتم تقديم ثمانية أفلام في عروض عالمية أولى، كما أن تسعة أفلام حظيت بدعم من ورشات الأطلس، برنامج الصناعة السينمائية للمهرجان ودعم المواهب، فيما يمثّل أربعة عشر فيلماً بلدانها في جوائز الأوسكار.
تُسلط المسابقة الرسمية الضوء على المواهب الصاعدة في السينما العالمية، حيث يتنافس أربعة عشر فيلما طويلا، تعد الأفلام الأولى أو الثانية لمخرجيها، على النجمة الذهبية للمهرجان، التي تمنحها لجنة تحكيم يرأسها المخرج بونغ جون هو. ويكشف هذا الاختيار عن جيل جديد من المخرجين المنخرطين سياسيا، والذين يتناولون موضوعات تكشف عن مظالم العالم من خلال حكايات حميمية أو تاريخية، تتميز بحرية كبيرة في التعبير وجرأة لافتة في المعالجة.
يُقدم فيلم “خلف أشجار النخيل” للمخرجة مريم بن مبارك في عرضه العالمي الأول، وهو يعرض تحليلا عميقا لعلاقات الطبقة وهيمنة أنماط التحكم الموروثة من الماضي الاستعماري من خلال فيلم إثارة نفسي مشوق. كما يقدم المصور الأسترالي جيمس ج. روبنسون فيلمه “الضوء الأول“، في أول عرض عالمي له، دراما أخلاقية آسرة بصريا تجسد قصة راهبة فلبينية تشكك في إيمانها أمام تفشي الفساد.
ويعيد العديد من المخرجين النظر في محطات سياسية محورية في بلدانهم من خلال سرديات تأخذ طابع السيرة الذاتية: فيلم “قبل يوم مشرق” للمخرج شي هان تساو يستحضر معاناة جيل عاش تحت تهديد الحرب في تايوان سنة 1996، أما فيلم “ظل والدي“ لأكينولاديفيز جونيور، فيتتبع مسار أب وأبنائه في نيجيريا خلال الأزمة الانتخابية لسنة 1993، في حين يرصد فيلم “المغسلة” للمخرج زامو مخوانازي، أحلام شاب من جنوب إفريقيا تحت وطأة نظام الميز العنصري.
وتستكشف الأفلام الروائية الأولى لكل من سيو تان (أمويبا) وعمران بيريتا (إيش) بشكل مؤثر علاقات الصداقة في فترة المراهقة في مواجهة الصحوة السياسية، الأول في سنغافورة، والثاني في إحدى ضواحي لندن. كما تسلط ثلاثة أفلام الضوء على صور نساء يقاومن ويعدن اختراع مصائرهن، ففيلم “سماء بلا أرض” يعرض قصة مضيئة تحكي من خلالها أريج السحيري عن التضامن الأنثوي في مواجهة العنصرية في تونس، وفيلم “الأصوات المحطمة“، هو دراما مروعة حول إساءة استخدام السلطة، للمخرج أوندريبروفازنيك، أما “عائشة لا تستطيع الطيران“، فهو فيلم إثارة فانتستيكي أخرجه مراد مصطفى، ويتناول حكاية امرأة سودانية تبحث عن الحرية في القاهرة.
في الفيلمين الوثائقيين المؤثرين عاطفيا، “ذاكرة” و”بابا والقذافي“، تستعيد المخرجتان فلادلينا ساندو وجيهان ك. ذكريات طفولتهما في الشيشان وليبيا، حيث تعيدان نسج خيوط حكايات عائلية مفعمة بالإثارة تجمع بين الذاكرة الشخصية والتاريخ الجماعي.
أخيرا، يقدم فيلم “دائرة المستقيمة“، وهو عمل يحمل هجاء ساخرا ولاذعا يتناول عبثية الصراع، إبداعا بصريا رائعا للمخرج أوسكار هدسون. أما فيلم “فوراستيرا“، الذي يقدم حكاية صيفية مشرقة عن الحزن، من إخراج لوسيا ألينار إغليسياس، فيجسد حيوية السينما الشابة المعاصرة، التي تجمع بين الجرأة الشكلية والعاطفة الكونية.
وتقدم العروض الاحتفالية تسعة أعمال تشكل مجموعة مختارة من أكثر الأفلام العالمية المرتقبة هذه السنة. تفتتح هذه الدورة الثانية والعشرون بفيلم “سلك الرجل الميت“، كوميديا سوداء ومبهجة من إخراج غوس فان سانت، تقدم هجاء بديعا للإعلام والرأسمالية. وتقدم مريم التوزاني فيلم “زنقة مالقة“، الذي يعرض صورة رقيقة سخية لسيدة من الجالية الإسبانية القاطنة في طنجة، تجسدها ببراعة الممثلة كارمن مورا. وفي إطار التكريم، يكشف غييرمو ديل تورو عن رؤيته الفنية الرومانسية لفرانكشتاين مع جاكوب الوردي، بينما تقدم جودي فوستر فيلم الكوميديا البوليسي الممتع “حياة خاصة“، التي أخرجتها ريبيكا زلوتوفسكي.
ويجمع عرضان عالميان أولان كبار نجوم السينما المصرية والتونسية، يتعلق الأمر بفيلم “الست“، السيرة الذاتية لمروان حامد عن النجمة أم كلثوم، التي تجسد دورها منى زكي، و”صوفيا“، فيلم إثارة آسر من إخراج ظافر العابدين، الذي يلعب فيه أيضا دور البطولة. وستقام أمسية احتفالية تحتفي بفيلم “هامنت” للمخرجة كلوي تشاو، وهو قصة مؤثرة عن حب عائلي، مستوحاة من حكاية فقدان طفل ألهمت أسطورة هاملت. كما يقدم المخرج نيراج غيوان فيلم “العودة إلى الوطن“، ميلودراما مؤثرة عن علاقة الصداقة بين شابين هنديين وأحلامهما المشتركة، يؤدي دورهما نجما بوليوود الصاعدان إيشانخاطير وفيشال جيتوا.
ويُختتم المهرجان بفيلم “فلسطين 36” للمخرجة آن ماري جاسر، ميلودراما تاريخية تصور لحظة محورية في حياة الشعب الفلسطيني، يشارك فيه نخبة من ألمع نجوم العالم العربي.

