بتعاون مع وايبيير المغرب-معهد التكوين والبحث في التثقيف بالنظير، وبتنسيق وإشراف من أستاذي علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بجامعة ابن طفيل فوزي بوخريص وعبد الله هرهار، ومساهمة فريق بحث مكون من المنسقيْن المذكوريْن والباحثِين محسن أموعسان وزهير عداوي ومليكة موحتى، صدر كتاب “تزويج الأطفال بالمغرب: الأسباب والتداعيات-دراسة حالة”.
وأوضحت معطيات حول الإصدار أن “من مميزات هذا الكتاب أنه عبارة عن دراسة علمية أكاديمية ميدانية تنطلق من الواقع وتستند إليه، انطلاقا من تشخيص واقع حال تزويج الأطفال والحمل غير المرغوب فيه، من أجل الكشف من جهة عن أهم الإكراهات والتهديدات التي تواصل حرمان الفتيات من كل حقوقهن، وبغاية استخلاص من جهة أخرى أهم الفرص المتاحة لهن للولوج إلى مواطنة كاملة”.
وأشار المصدر ذاته إلى “استهداف رصد العوامل الواقعية المحددة لظاهرة زواج القاصرات، من خلال الإنصات للطفلات المتزوجات أو المرشحات للزواج، والاستماع إليهن واستجلاء حكاياتهن وتحليلها، لاستخلاص المعطيات والدروس الكفيلة بتسليط الضوء على هذا الواقع، وعلى فتح سبل تجاوزه، كما تتوخى الدراسة البحث في المقتضيات القانونية والإجراءات القضائية ذات الصلة، من خلال تحليل حالات وأمثلة ملموسة مستقاة من مجال الدراسة المتمثل في جهة بني ملال خنيفرة وبالضبط إقليم خنيفرة”.
ويستحضر الإصدار، استنادا إلى مجموعة من الوثائق والمراجع، “الإحصائيات المسجلة سنويا منذ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ في فبراير 2004 إلى حدود سنة 2019، التي كشفت أن تزويج الأطفال، أي زواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية، ارتفع من سنة إلى أخرى، حيث انتقل من 18341 حالة خلال سنة 2004 إلى 35152 حالة خلال سنة 2013، فما بين سنتي 2004 و2014، تزوجت أكثر من 102000 فتاة قبل بلوغ 18 سنة، 35000 منهن سنة 2013”.
وأوضحت المعطيات ذاتها أن الباحثين استنتجوا أنه “طوال السنوات العشر التي أعقبت دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، تضاعفت تقريبا نسبة طلبات الحصول على الإذن بزواج القاصر، منتقلة من 7 في المائة سنة 2004 إلى 12 في المائة سنة 2013″، مشيرين إلى استمرار وتيرة الارتفاع في هذه الطلبات، بحيث إن سنة 2021 عرفت تسجيل حوالي 28714 طلباً للحصول على الإذن بزواج القاصر، تم رفض 8480 طلبا منها، والاستجابة لما مجموعه 18399 إذنا بزواج القاصر”.
وفي استقراء المعطيات الإحصائية المسجلة بخصوص الفئة المعنية بزواج القاصر حسب الجنس، استنتج فريق العمل أن “الأمر يتعلق بظاهرة مؤنثة بامتياز، حيث بلغ المعدل العام لنسبة الأطفال الذكور المعنيين بهذا الزواج برسم 13 سنة الممتدة من 2007 إلى 2019 ما نسبته%0,67 فقط، بينما تشكل نسبة الإناث%99,33 “.
وأشار الفريق إلى أن “التقدم المهم الذي تحقق على المستويين القانوني والسياسي، بفضل الجهود المبذولة في مجال محاربة أشكال العنف الممارس ضد النساء والفتيات، أفضى على الخصوص إلى مراجعة قانون الأحوال الشخصية، وإصدار مدونة الأسرة سنة 2004، إلا أنه، ولاعتبارات خاصة بالمشرع، تم السماح في مدونة الأسرة، استثناء، بزواج من هم دون سن الأهلية القانونية”.
وفي هذا الإطار، قال فوزي بوخريص إن “تداعيات هذا النوع من الزواج على الأطفال ومحيطهم العائلي كبيرة جدا، من حيث إن له آثارا وخيمة على تمتع الأطفال بحقوقهم، إذ يعوق نموهم وفرص بناء مستقبلهم وتحقيق استقلاليتهم، ويجعلهم أكثر عرضة للعنف البدني والنفسي، وللاستغلال الاقتصادي والجنسي، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى سقوطهم ضحايا للاتجار بالبشر”.
وأضاف بوخريص أن الأهداف الفرعية التي تروم الدراسة تحقيقها يمكن إجمالها في “الفهم الجيد للسياق السوسيو-ثقافي لجهة بني ملال-خنيفرة، خاصة منه إقليم خنيفرة لا سيما العوامل المشجعة على تزويج الفتيات، بالكشف عن محددات هذا النوع من الزواج، ومتغيراته النظرية والعملية”، و”قراءة لنصوص القانون ذات الصلة بتزويج الأطفال من منظور يزاوج بين البعد الحقوقي وبعد النوع الاجتماعي”، و”تحليل شروط الموافقة على طلب الإذن بتزويج الأطفال الذين لم يصلوا بعد سن الرشد”.