انطلقت مساء يوم الخميس 19 يونيو 2025، فعاليات الدورة السادسة والعشرين لمهرجان “كناوة وموسيقى العالم” بمدينة الصويرة، في احتفالية جمعت بين الأصالة والحداثة، والروحانيات والإبداع. وتستمر التظاهرة على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة 350 فنانا من المغرب وخارجه، بينهم 40 معلما كناويا، سيقدمون 54 عرضاً موسيقيا موزعا على منصات متنوعة، من حفلات كبرى في الهواء الطلق إلى عروض داخل فضاءات تاريخية تزيد التجربة عمقا.
موكب الافتتاح: لوحة فنية حية
افتتح المهرجان بموكب استعراضي غني بالإيقاعات والرموز التراثية، جاب أزقة المدينة العتيقة، بقيادة معلمي كناوة الذين حولوا الشوارع إلى فضاء نابض بالفرح والتلاقي الثقافي. هذا المشهد الجماهيري، الذي شكل لوحة فنية مفتوحة، أبهر الزوار القادمين من مختلف أنحاء العالم، مؤكدا على قدرة الفن على تجسيد الهوية المغربية بكل تنوعها.
شهد حفل الافتتاح حضورا مرموقا ضم شخصيات سياسية وثقافية، من بينهم مستشار جلالة الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة-موكادور، أندري أزولاي، ومديرة المهرجان نائلة التازي، إلى جانب والي جهة مراكش-آسفي، ورئيس الجهة، وممثلي المجتمع المدني والفنون. هذا الحضور أكد على المكانة التي يحظى بها المهرجان كواحد من أبرز الأحداث الثقافية في المغرب.
أمسية افتتاحية تختزل التنوع
تميزت الأمسية الافتتاحية بعرض استثنائي جمع الفنان المغربي حميد القصري، الذي أعاد إحياء موسيقى “تاكناويت” بلمسة عصرية، مع فرقة “باكالاما” السنغالية، التي تأسست عام 1972 كرمز لثقافة “الديولا”. الإيقاعات الإفريقية الممزوجة بألحان “الهجهوج” خلقت لحظة فريدة، توجت بانضمام المغنية السنغالية “كيا لوم”، التي أدهشت الجمهور بصوتها المتنوع بين القوة والنعومة، وبكلماتها التي تجسد الروح الإفريقية بلسان عالمي.
ولم تكن الأمسية لتكتمل دون مشاركة المغربية عبير العابد، التي مزجت موسيقى كناوة بالطرب الأندلسي، في إشارة إلى التمازج الثقافي الذي يميز المغرب.
وفي كلمتها الافتتاحية، أكدت نائلة التازي، منتجة المهرجان، أن هذا الحدث “لم يعد مجرد تظاهرة موسيقية، بل مشروعا مجتمعيا وبيانا ثقافيا”. وأضافت: “هذه الدورة تستمر في ترسيخ إشعاع ثقافة كناوة كلغة كونية، وتعزيز التمازج كأداة للإبداع”. كما أشارت إلى البرنامج الموازي للمهرجان، خاصة “منتدى حقوق الإنسان”، الذي يناقش قضايا الهوية والذاكرة عبر مداخلات مفكرين وباحثين.
بهذا، طوال ثلاثة أيام، سيستمتع الجمهور بعروض تتنقل بين الموروث الكناوي والموسيقى العالمية، في فضاءات مثل ساحة “موكادور” وقلعة “باب المرسى”. كما يتضمن المهرجان ورشات تكوينية وجلسات أكاديمية تهدف إلى الحفاظ على التراث وتطويره، مما يجعله فضاء للالتقاء بين الأجيال.