بدأت مريم العثماني العمل الجمعوي منذ 44 عام، ولم ينضب شغفها أو يتأثر بل على العكس، كانت تصر على توسيع رقعة الخدمات وزيادة أعداد المستفيدات كلما سمح التمويل بذلك، وروت العثماني بدايات عمل جمعية إنصاف قائلة: «بدأنا في الجمعية بهدف واحد هو مساعدة الأمهات العازبات، وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهن، حتى يتمكن من الاحتفاظ بأبنائهن، ولكن مع العمل الميداني وصلنا إلى حقيقة مؤكدة وهي أن معظم الأمهات العازبات، كن في الماضي عاملات منزليات، وبالتالي كان لزاماً علينا العمل الجاد في محاربة عمالة الأطفال والطفلات خاصة في المنازل، ومحاربة استغلالهن في الطفولة المبكرة».
«كانت الخطوة الثانية هي تحويل تلك الرؤية الطموحة إلى خدمات ميدانية، وبالتالي قررنا توسيع تواجدنا في مدن تنتشر بها عمالة الطفلات بالأعمال المنزلية مثل الحوز، شيشاوة وقلعة السراغنة، ووضعنا منهجية عملية لوقف هذا الاعتداء على طفولة هؤلاء القاصرات، واتبعنا سياسة الدعم المادي المباشر والتي كانت جد مجدية بالنسبة لنا، حيث منحنا كل أسرة صغيرة 25 دولار شهريا مقابل عدم تشغيل بناتهم وتعريضهم للهدر المدرسي، وقدمنا لهم الأدوات المدرسية والرعاية المادية والمعنوية طوال فترة الدراسة، واليوم لدينا أكثر من 24 معلمة من بنات جمعية إنصاف إضافة إلى 66 طالبة سيحصلن على شهادة البكالوريا العام القادم» تقول العثماني عن سياسة عمل الجمعية .
توسعت جمعية إنصاف في الخدمات التي تقدمها فأصبحت تقدم اليوم دعم للنساء المهاجرات من دول جنوب الصحراء ليتمكن من العمل بشكل احترافي في مهن معينة، وأرجعت مريم العثماني سر النجاح المستمر للجمعية لعدة أسباب على رأسها « الرقابة المالية الصارمة حيث أنه من غير المسموح التلاعب في التبرعات أو ميزانية الجمعية، كما أن الجمعية تحرص على لعب دور في التضامن المجتمعي في حالات الأزمات العامة مثل زلزال الحوز أو خلال فترة جائحة كورونا، مما أكسب الجمعية مصداقية لدى المتبرعين والعاملين بالعمل الجمعوي على السواء، بالإضافة إلى عدم قطع أو وضع وعود لا نستطيع الوفاء بها، والاعتماد على قوة وصرامة ومهارة المرأة المغربية العاملة سواء على مستوى الإدارة أو الحسابات أو التنفيذ والمتابعة، لأن العاملات في الميدان هن بمثابة أمهات بديلات لكل طفلات إنصاف» .
تضع جمعية إنصاف والمديرة المؤسسة لها هدف القضاء على تشغيل الأطفال في التسول هدفا واضحا لها، وتمنت العثماني ذلك قائلة: «عندما أرى طفل يتوسل في الشارع أشعر بخيبة أمل كبيرة وحسرة، لأن هذا الطفل مكانه المدرسة، وحلمنا في انصاف هو منح مقاعد تعليمية للأطفال الذين يتسولون بالشوارع».