أصدرت نادية السالمي كتابها الثاني، وهي مهمومة بالكتابة والتعبير عن مخاضات مجتمعها، غير انها تتمرد على الصورة الذهنية للكاتب، بنفس الوقت تتمرد عن صورة نمطية عن الناشر، عن الفاعل الثقافي، وتستعيض عنها بانخراط عضوي، ولذلك فهي لا تقدم صورة جامدة عن فاعل، إنها ديناميكية الى الحد الذي يجعلك تشعر بالرغبة في أن تكون جزء من كل مبادراتها، ولعله السر الذي يجعلها تفلح في استقطاب الجميع وانخراط كل المثقفين في أنشطتها في النشر والكتابة والعمل المدني . نجحت مبادرتها «رصيف المبدعين» التي تجمع بين القراء والكتاب في خلق الحدث الثقافي، وهي تنتقل بين المدن وتقدم نموذجا مختلفا لنشاط ثقافي غير اعتيادي، ينبني على التطوع وعلى كسر نمطية الفعل الثقافي.
«لا أعتبر نفسي ناشرة بل أنا مناضلة في مجال النشر، لأن كل يوم يحمل نصيبه من الجهد. أنا أعتني بكل شيء، من التصميم إلى إخراج الكتاب مرورا بالتصحيح وتعبئة الصناديق. كل شيء» هكذا تتحدث نادية التي خصصت لها اليونسكو تقديما يعتبرها «رائدة النشر الشبابي».
منذ أنشأت نادية السالمي دار النشر «يوماد» أول دار للنشر متخصصة في كتب الأطفال، باللغة الفرنسية، العربية والأمازيغية والمستوحاة معظمها من الثقافة المحلية، ومرورا الى مبادرة «لنقرأ من أجل أن نكبر» ، ثم المقهى الادبي، فمهرجان الآداب المرتحلة، ثم جولاتها في القرى البعيدة والبوادي لتشجيع القراءة المجانية وتقريب الكتب البعيدة يضيق جدول أعمالها بالمبادرات التي تلتقي في مهمة أساسية وهي ترويج الكتب وتحفيز القراءة.
ستلتقط نادية السالمي وفق هذا المنطق، اهتماما بفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهم القراء بطريقة برايل، وعلى هامش الدورة الماضية من مهرجان الآداب المرتحلة بطنجة، استطاعت نادية تخصيص رواق للكتب بطريقة برايل، ونسقت بين الجمعيات الخاصة بهذه الفئة للإجابة عن سؤال كيف يمكن تطوير كتاب برايل في المغرب ؟.بالنسبة لها «المكفوفون يقرؤون أيضا، ولذلك لا ينبغي إقصاؤهم من التظاهرات الثقافية المشجعة على القراءة.
يجمع الكتاب وشجونه من النشر الى التوزيع الى أسئلة القراءة والكتابة والمشترك، المؤلفين من مختلف الآفاق، شجون مهنية وأخرى إنسانية ووطنية دفعت بنادية الى الانخراط في فريق عمل (ramaly) الشبكة الافريقية للتظاهرات الأدبية الذي يوجد مقره بمالي.
تهدف الشبكة الى التنسيق بين الفاعلين الثقافيين فيما يخص المناسبات الأدبية على مستوى القارة ككل «وضعنا جردا لكل التظاهرات الموجودة بالقارة الإفريقية، والهدف هو برمجة أفضل للأنشطة الثقافية، ففي الوقت الذي ينظم فيه معرض الكتاب بالمغرب، هناك معرض للكتاب بدول إفريقية أخرى بمالي وساحل العاج، هذا يخلق نوعا من التعقيد بالنسبة لأجندة الكتاب والناشرين الذين يتعذر عليهم الحضور لأنشطة ثقافية مختلفة، ومن ثم «التنسيق والاشتغال بطريقة جماعية لصالح الكتاب والناشر والابداع الافريقي».
بشكل عام، تعتبر نادية أن الكتاب الافريقي ليس حاضرا بما يكفي في معرض الكتاب بالمغرب، ضمن إشكالية أكبر تتعلق بغياب هذا الكتاب، وضعف الاهتمام به لأسباب كثيرة، أما اهتمامها به ضمن الشبكة وبدونها فنابع من نظرة أوسع «المغرب حاضر في افريقيا ويمتلك يمتلك شرعية الحضور أكثر من فرنسا أو الصين مثلا، فنحن ننتمي لنفس القارة ولنا نفس الثقافة، والسياسة الملكية كرست هذا الحضور وهناك جسور يمكننا متابعتها».
في معرض الكتاب حيث كانت نادية السالمي تعرض كتبها، كان هناك شئ أشبه بالامتنان عن مسيرتها التي ألهمت أجيالا « يزور الرواق شباب يقتنون الكتب، ويتحدثون إلي، والمفاجأة أن هؤلاء كانوا أطفالا قبل سنوات واستفادوا من المبادرات التي كنت أخصصها للأطفال في المدارس والمكتبات…يشبه الأمر بالنسبة إلي المكافأة، اذا نجحت في صناعة مائة قارئ فقط، فهذا بالنسبة الي هو النجاح» .