شيماء وهب المساعدة الاجتماعية ،في جمعية التحدي للمساواة والمواطنة قالت لنساء “حالات العنف لا تقتصر فقط علي العنف الجسدي ولكن تمتد للعنف النفسي الذي يفقد المرأة ثقتها في نفسها ومحيطها ،أيضا العنف الاقتصادي فهي قد تتعرض للتجويع هي وأطفالها أو سرقة أموالها ، أخيرا العنف الرقمي الذي أصبح ظاهرة بالمغرب فكثير من السيدات يلجأن لنا ولغيرنا من الجمعيات نتيجة التعرض للابتزاز والعنف الرقمي وهي مسألة جديد علينا نحن كمتخصصين ولكن كان لابد من رصدها وتحليلها ومحاولة مساعدة هؤلاء السيدات ، عندما تأتي السيدة إلى مركز الاستماع تطلب دعم قانوني ونفسي نقدم لها أقصى ما نستطيع تقديمه سواء كان متابعة ومواكبة قانونية لقضيتها في حالة وجود شكاية أو نفسية في حالة تعرضها لأزمة نفسية نتيجة العنف “.
وعن حالات العنف الرقمي وتبعاته شرحت لنا المساعدة الاجتماعية أن خطورته تتجاوز الحدود العادية و ضربت لنا المثال بسيدة متزوجة ولديها أبناء وكان زوجها يعاني من مشكلات نفسية ترك على إثرها منزل الزوجية وأصبح من سكان الشوارع ، تعرفت السيدة على شخص آخر وحصل على صورها الشخصية وأصبح يمارس عليها العنف الرقمي عن طريق الابتزاز من خلال مواقع التواصل الإجتماعي ، ولم تستطع السيدة أن تحرك ساكنا خشية التعرض لشكاية الزنا ،اضطرت السيدة للبحث عن زوجها في الشوارع وعادت به للمنزل حتى يحميها ممن يهددها ، جاءت السيدة إلى الجمعية وهي في حالة انهيار تام ولم تكن تحتاج إلا الاستماع لأنها تخاف من القيل والقال خاصة أن لديها أبناء “.
وإلى الفضاء متعدد الوظائف للنساء بمدينة الدار البيضاء جلست المساعدة الإجتماعية شيماء امهندز تنتقل بين حجرة استماع وأخرى كعازفة موسيقى تتحلى بالصبر والقدرة على الاحتضان والإنصاف وشرحت لنساء من المغرب طبيعة عملها قائلة “وظيفتنا تعلمنا الصبر والإنصات لأنه في كثير من الأحيان يحتاج السيدات إلى من يستمع لهن فقط وقد يأتين إلى الفضاء متعدد الوظائف ليس بحثا عن حل وإنما بحثا عن مُستمع وهذا ما نحاول تقديمه”.
المشكلات التي تواجه المساعدات الاجتماعيات في تقديم حلول عملية للسيدات كثيرة ولكن بالنسبة لامهندز فإن المشكلة الرئيسية هو عدم توافر مساحة إيواء لضحايا العنف ويكون الشارع هو مصير الكثيرات منهن إن لم تستطع توفير مكان آخر عن طريق الجمعيات الصديقة .
وعن الحلول القانونية للمُعنفات أوضحت شيماء قائلة ” نحاول أن نُطبق المسطرة القانونية التي تكون السيدة في معظم الأحيان على جهل بها سواء ملاحقة مُعنفها قانونيا أو تسجيل وليدها في حالة الأمهات العازبات ،بالتوازي مع الدعم النفسي الذي يقدمه متخصصين بالفضاء لمساعدة اللاتي تعرضن للعنف على تجاوز هذه الأزمة النفسية “.
الطريقة التي يلجأ لها المساعدات الاجتماعيات لتفريغ الطاقة السلبية التي يتعرضن لها بسبب شكاوى السيدات وحالات العنف شرحتها لنا امهندز قائلة “في البداية كانت المسألة ليست سهلة خاصة مع طبيعتنا كسيدات فنحن نتعاطف كثيرا ،ولكن مع الوقت والإنصات بكثافة إلى ما قد يصل لعشر حالات يوميا فقد اعتدت على التفريغ والفصل بين العمل وحياتي الخاصة حتى لا أُصاب بالاكتئاب ، ولكن بالطبع هناك حالات تتجاوز قدرتي على الفصل والتي أتأثر بها كثيرا ، مثل سيدة تعرضت للتعنيف والاغتصاب من طرف زوجها بمساعدة والدته حتى أنه شوه وجهها وجسدها ثم قامت والدته بحبسها في المنزل لمدة تجاوزت الشهر ولم تسمح لها بالذهاب للطبيب ، تحدثت معنا هذه السيدة هاتفيا و وكبناها في رحلة الحصول على حقها منذ لحظة تقديم شكاية في حق زوجها ووالدته ثم دعمها نفسيا ، تلك كانت إحدى الحالات الصعبة التي أتذكرها دائما “.
ومن جانبها قالت إيمان باججا المساعدة الإجتماعية بجمعية التحدي للمساواة والمواطنة أنها تتمنى أن تعرف كل سيدة حقوقها ولا تتنازل عنها وأضافت قائلة ” عندما تطلب منا السيدة الإستماع إلى مشكلتها نستمتع إستماع إيجابي ، نحاول فقط التعاطف معها والتفكير في حلول عملية لها ومساعدتها في حدود الإمكانيات المتاحة خاصة وأننا إمكانياتنا كجمعية محدودة لا نستطيع حل كل المشكلات، لكن نقدم الإرشاد اللازم ونقوم بمحاولات الوساطة بالرغم من رفض عدد كبير من الرجال لوساطة الجمعية فمنهم من ينكر أنه متزوج من الأساس، ولكننا نفعل كل ما تستطيع من أجل الإصلاح بين الزوجين، إن لم يكن هناك عنف ولكن إن وجد العنف نرفض الوساطة تماما حتى لو لم تودع السيدة شكاية ضد الزوج أو الأب أو الأخ بسبب الخوف من النبذ الاجتماعي ، فإننا نرفض الوساطة ونكتفي بالدعم النفسي فقط ، وأيضا شرح الخطوات القانونية التي تستطيع السيدة اتباعها سواء في مقر الشرطة أو المستشفى و حقها في الحصول على شهادة طبية بشكل مجاني “.
صعوبات قانونية كثيرة تواجه السيدات المُعنفات كثيرة أوضحتها لنساء من المغرب باججا قائلة ” السيدة التي تعرضت للتعنيف هي المطلوب منها أن تجمع الأدلة وتقدمها للأمن وهذا بالطبع صعب و غير منطقي لأن المُعنفة التي تعاني كيف لها أن تراقب رجل لتدل الجهات الأمنية عليه وهذا ما يجعل الكثير من السيدات يفقدن الثقة في الشرطة ويرفضن تحرير شكوى ، ولهذا نحن كجمعية نطالب دائما بوجود شرطة مستقلة لمواجهة العنف ضد النساء فلا يمكن لشرطي يتعامل مع مدمني المخدرات أن يستقبل امرأة مُعنفة ولكن وجود شرطة مستقلة مؤهلة لمواكبة ضحايا العنف ومساعدتهن هي أول خطوة فعلية نحو دعمهن “.