أنا فنانة لا أشبه أحدا وأسلوبي منحني تميزا

نظمت الرابطة المتحدة للثقافة والفنون الحدث الدولي للفن المعاصر بمراكش، والذي شارك فيه مجموعة من الفنانين في مختلف المجالات التي تدخل في نطاق الفنون البصرية المعاصرة (فنون تشكيلية، تصوير فوتوغرافي، التصوير الضوئي، الفيديو آرت، النحت، فنون الحفر، الفنون التراكبية…). التقت الفنانة « نساء من المغرب » التشكيلية، زهور معناني، التي تعتمد أسلوبا خاصا في محاكاة قضايا المرأة من خلال إدخال إكسسوارات معدنية على اللوحة الزيتية.

نساء من المغرب : كيف بدأت تجربتك في الفن التشكيلي؟

علاقتي بالفن التشكيلي بدأت في وقت مبكر جدا، حيث لاحظ بعض أساتذتي ميولي للرسم، فنصحوني بالتوجه نحو الفنون التشكيلية، لكني كنت مضطرة لترك مدينتي الجديدة والانتقال للعيش بالدار البيضاء، لدراسة الفنون بثانوية الخنساء، الأمر الذي لم أتحمله، لاسيما وعمري لم يكن يتجاوز 13 أو 14 سنة، حيث سرعان ما عدت أدراجي، وتركت الرسم. هناك سوف تأخذ حياتي منعطفا آخر بعيدا عن الفرشاة والصباغة اللذين تركتهما مرغمة لأتابع دراستي بشكل عادي، إلى أن حصلت على شهادة الإجازة في شعبة الآداب بالجديدة. بعد ذلك تزوجت وأنجبت عمر وخليل ومكثت بالبيت.

هل بقيت طيلة تلك المدة بعيدة عن الرسم؟

للأسف، نعم، كانت هناك قطيعة مع الرسم. كنت أحاول أن أتكيف مع معطيات الحياة الجديدة. حياتي كانت تقتصر على تربية طفلين وتلبية حاجيات أسرتي الصغيرة، يعني انشغالاتي لم تكن تتجاوز كوني ربة بيت فقط. أذكر أنه كلما كنت أشم رائحة الصباغة تنتابتني حالة إغماء. رائحة الصباغة كانت توقظ حنينا موجعا لعالم الرسم في داخلي. وذات يوم قررت أن أثور على واقعي الذي لم يكن يناسبني وأعود لعالمي الذي غادرته عنوة، واكتشفت بعد ذلك أنه لا يمكنني العيش بدون فرشاة وألوان. وفي خضم كل ذلك كان يجب أن أخلق لنفسي أسلوبا خاصا وسط هذا الحشد الهائل من الرسامين، ومن ثمة فكرت في إدخال المعدن على لوحاتي كشكل من أشكال الإبداع، حتى أتميز عن باقي الفنانين. أشتغل على النحاس والألمنيوم كأكسسوارات أدخلها على اللوحة الزيتية. الحمد لله، أن زوجي يدعمني كثيرا لأنه إنسان مثقف ومتفتح ومؤمن بموهبتي، وكذلك أبنائي الذين أستعين برأيهم في الأفكار والإنجاز.

الملاحظ أن التيمة الغالبة على لوحاتك هي المرأة، ماهي الرسالة التي تودين إرسالها من خلال لوحاتك؟

في الآونة الأخيرة، حاولت أن أتناول المرأة كموضوع للوحاتي، ولا أقتصر على صنف واحد من النساء، بل أرسم المرأة القروية، العصرية، الأمازيغية، العفوية، الحالمة كما هو الشأن للوحة التي شاركت بها في هذا المعرض، والتي تظهر امرأة تمسك بوردة وهي مغمضة العينين. تعجبني المرأة في كل تفاصيل حياتها، والحقيقة أن المرأة موضوع كبير وغزير يمكن اعتماده كمادة شعرية، أدبية وفنية، بشكل عام، أردت أن ألفت نظر المجتمع للدور الريادي الذي تلعبه المرأة كزوجة، أم، ابنه، أخت، فضلا عن الأدوار الأخرى التي تلعبها في شتى المجالات إلى جانب الرجل. إذن هذا الواقع المستفز من حولنا هو ما دفعني للانكباب على موضوع المرأة من خلال اللوحات التي أرسمها، مع الحرص كما قلت لك سابقا، على أسلوب متفرد ومميز يجعلني أختلف عن باقي الفنانين التشكيليين

من هو الفنان الذي تأثرت به في هذا المجال؟

في الحديث عن هذا المجال لا يمكن تجاهل تجربة رائدة هي تجربة الشعيبية طلال، التي أعتز بكوني أنتمي لنفس المنطقة التي تنحدر منها منطقة دكالة. وقد قمنا في السنة الفارطة بتنظيم معرض لأعمالها في الذكرى العاشرة لوفاتها، في جمعية الزهور للفن والتراث والتي أترأسها، وذلك بتنسيق مع المنتدى الجهوي للثقافة والتنمية بأزمور، وكان الهدف هو التعريف بها وبأعمالها. كثيرون يعرفون الشعيبية طلال كرسامة لكنهم لا يعرفون مسار حياتها والمعارض العالمية التي شاركت فيها في كل من باريس، نيويورك، جنيف، ألمانيا، حيث كانت لوحاتها تباع إلى جانب لوحات بيكاسو، وهذا أكبر نجاح يمكن أن يحققه فنان، وأنها ترملت في سن مبكر وكافحت وحفرت إسمها بالمعاناة، حيث كانت تشتغل كخادمة في البيوت في النهار ورسامة في الليل. قد يرى البعض سهولة وبساطة فيما ترسمه الشعيبية، لكن قوتها تكمن في كونها استطاعت أن تمسك بخيوط طفولتها وتعيد تشكيلها في لوحات تعكس براءة الأطفال وعالمهم الداخلي، وهو أمر لا يتسنى لأكبر الرسامين العالميين. وهذا يجعلها تنتمي لما يسمى بالفن الفطري. الشعيبية فنانة عصامية استطاعت أن تحفر إسمها في الصخر وانتزعت لنفسها رقعة مهمة إلى جانب كبار الرسامين العالميين. يكفي أن نعرف لوحاتها دون أن تحمل توقيعها.

أين تتموقع زهور معناني وسط الفنانين التشكيليين؟

في الواقع أنا لا أشبه أحدا. كثيرون يقولون لي أنت تشبهين الشعيبية أو الركراكية، لكن في الحقيقة أنا أملك أسلوبي الخاص، وأتمنى أن أصل لما بلغته هاتين الفنانتين العملاقتين من نجاح وشهرة عالمية، لكن دون أن أفقد خصوصيتي وأسلوبي الذي يميزني عن أي فنان آخر. أهم شيء بالنسبة لي أنني متصالحة مع ذاتي، راضية على كل ما حققته وأعتبر أنني اليوم في الطريق الصحيح الذي
اخترته لنفسي، وهذه كلها في نظري يمكن اعتبارها أسبابا للسعادة التي يتمناها المرء، الحمد لله، أصبح لي إسم في الفن التشكيلي.

طريقة لباسك مميزة ومختلفة كذلك، كيف تختارين أزياءك؟

كنت دائما مختلفة ولا أحب أن أشبه أحدا، أبحث دائما عن الجديد والمميز، لذلك أحرص على أن تكون حتى طريقة لباسي مختلفة عن غيري. وحتى الإكسسوارات قد أصنعها بنفسي أو أقتنيها من السوق، قد لا تعجب الكثيرين، لكنها تعجبني وهذا هو الأهم بالنسبة لي. أنا امرأة لا أطيل النظر في المرآة، قد أخرج دون أن أمشط شعري، ولا أولي بالغ الأهمية للهندام، لباسي مختلف أختاره بنفسي وذوقي لا يختلف كثيرا عن اللوحات التي أرسمها.

أنت كذلك رئيسة جمع ،« الزهور للفن والتراث » ما هو الدور الذي تلعبه الجمعية وما الذي أضافته لرصيدك الفني؟

الجمعية ورغم كونها لا تزال فتية، حيث تأسست منذ سنة، إلا أنها استطاعت أن تحقق إشعاعا وطنيا، بفضل الملتقى الوطني الذي نظمناه هذه السنة بالجديدة. معروف أن الفنانين بالمدينة يقومون بمبادرات فردية وينظمون معارض للتعريف بلوحاتهم، لكننا فكرنا في ملتقى نجمع فيه فنانين من مختلف مناطق المملكة، وقد حقق نجاحا منقطع النظير، لم نكن نتوقعه داخل الجمعية. لأول مرة يتم التنسيق مع إقليم آزمور في نشاط بهذا الحجم، والحمد لله، ترك أصداءا رائعة ونجح رغم كل العراقيل التي واجهتنا أثناء التحضيرات. الحمد لله، أننا جمعيتان فتيتان جمعية “الزهور للفن والتراث” و”المنتدى الجهوي للثقافة والتنمية” بآزمور، استطعنا أن ننظم ملتقى بهذا الحجم، تحدثت عنه كل وسائل الإعلام

لو لم تكوني رسامة ماهي المهنة التي كنت ستزاولينها؟
لامكان لزهور معناني، خارج عالم الفرشاة والألوان. هذه هي لغتي التي أتحدث بها وأتقنها، والتي لا أعرف سواها. لم أتخيل نفسي يوما في مكتب أزاول أي مهنة أخرى كيفما كانت. صحيح أضعت الكثير من الوقت والجهد في دراستي لمجال ليس لي فيه مكان، لكن الحمد لله، على كل حال. أنا الآن أعيش في مكاني الطبيعي الذي خلقت له، وهو يشبهني كثيرا ولولاه لما عرفت من أكون.
هل لك مواهب أخرى غير الرسم؟
في الحقيقة أنا فنانة تشكيلية وحرفية في نفس الوقت، حيث أعيد تشكيل مادة الكرتون التي أصنع منها أثاثا منزليا، مثل الكراسي والأرائك وأحواضا للاغتسال، حيث أن تشكيل الكرتون يمنح مادة صلبة تستطيع تحمل الأوزان الثقلية، كما أنها تتحمل درجات عالية من الرطوبة، عكس ما قد يتبادر للذهن، فضلا عن أنها مادة طبيعية لا تضر بالمجال الصحي والبيئي. بالإضافة إلى ذلك فأنا عضو فاعل في جمعية تعنى بمحاربة الهدر المدرسي، وأساهم قدر الإمكان في تأطير ورشات للرسم داخل دور الطلبة في العالم القروي، وهذه التجربة جعلتني أقف على حقائق مبهرة، حيث اكتشفت أن البوادي تزخر بطاقات إبداعية كبيرة بفضل الخيال الذي يتمتعون به والذي لم تطله بعد أيادي الإنترنت، كما أعطي دروسا في مجال الرسم وصناعة الأثاث لمن يرغب في التعلم.
ماهي مشاريعك المستقبلية؟
حاليا نفكر في تنظيم معرض دولي يضم الفنانين المغاربة في العالم خلال شهر غشت القادم إن شاء لله، كما سأشارك في معرض ببلجيكا سأمثل المغرب خلاله. أتمنى أن أحفر إسمي بتدرج، لا أريد أن أشتهر كثيرا وأنتهي منسية.

وصفة مقدمة من طرف طهاة "ميمنة " أصحاب الأصابع الذهبية : أسماء البقالي، وأمينة بالحداد، وعائشة عرفاوي، المسؤولات عن مطبخ "بلدي" الخاص بتقديم خدمة ممون الحفلات المنتشرة في جميع أنحاء المملكة.
كشفت دراسة حديثة نشرتها المندوبية السامية للتخطيط أن أكثر من نصف النساء المغربيات لا يصرحن بأفضلية بين الذكر والأنثى في الأولاد، لكن هناك ميلا أكثر نحو تفضيل الإناث عكس ما كان في الماضي.
نشرت الفنانة ماريا نديم صور لها خلال حضورها إحدى فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي ال76، بفرنسا.