الحرب الباردة

خديجة سبيل

أتيحت إلي فرصة المشاركة في ملتقى دولي احتضنته شبكة الصحفيات المغربيات بشراكة مع منظمة IAWRT التي تهتم بتطوير قدرات المرأة في مجال الإعلام السمعي البصري، ورغم أن الموضوع كان يخص بالأساس إكراهات العمل اليومي للنساء في هذا الجنس الصحفي وبالضبط أثناء فترة الحروب والنزاعات، ارتأت اللجنة المنظمة تعميم النقاش ليشمل إكراهات العمل الصحفي النسائي ككل.

في ظل هذه الفسيفساء الثقافية مع ما أسفرت من تلوينات وتباينات في الرأي حول ظروف ممارسة المرأة لمهنة صاحبة الجلالة وبعيدا عن أي استخفاف أو تقصير في نظرتنا لصعوبة عمل المرأة الصحفية في ظروف الحرب، حتى مجال المقارنة يبقى بعيدا في هذه الحالة، فإن خصوصية وضعية المرأة المغربية بما توحيه من مستوى التحرر الذي بلغته يبقى في نظر المرأة الشرقية عموما، أقرب إلى ظروف المرأة في أروبا خاصة مع ما حققته من تقدم على مستوى التشريعات والقوانين التي توجت بقانون الأسرة، وما حمله الدستور الجديد من إشارات قوية لصالحها.

قد يقول قائل : وما المشكلة في ذلك فهذه حقيقة واضحة، هذا أكيد، لكنها تخدم دائما صورة البلد في الخارج أكثر من أن تضمن تغييرا حقيقيا على أرض الواقع. لا أخفي عنكم أنه وفي لقاءات مماثلة كان لدي نفس الانطباع الذي يدفعني دوما إلى محاولة تصحيح هذه الصورة ذلك أن إنجازاتنا التشريعية لا تضمن لنا تلك الحرية المترفة التي ننعت بها، وإذا كانت من حرب تحسب لنا فلن تكون سوى تلك الحرب الباردة التي نعيش رحاها يوميا في مواجهة ترسانة التقاليد والأعراف التي تهيمن عليها العقلية الذكورية وتستنزف طاقة المرأة في تدبيرها للإكراهات اليومية المرتبطة بعملها من جهة، وبواجباتها الأسرية والاجتماعية من جهة أخرى.

فإدماج المغربيات في سوق الشغل وفي الحياة العامة لم يغير القيم المعتمدة على التمييز الجنسي في التوزيع غير العادل للعمل بقدر ما ساهم في مضاعفة مسؤوليات النساء خاصة مع غياب أي بنيات مرافقة أو أي استراتيجية عمومية للتوفيق بين الحياة المهنية والحياة الخاصة. ونظرا للتصورات والأحكام الاجتماعية، وخصوصية أدوار الجنسين كما قلت سابقا نتحمل كنساء بالدرجة الأولى مسؤولية التوفيق بين مهام متعددة نؤدي معها ضريبة عملنا بامتياز بل أكثر من ذلك يرافقنا الإحساس دوما بالذنب والتقصير اتجاه الأسرة والأطفال.

ولأن وضع المرأة الإعلامية ليس إلا جزءا من وضع المرأة ككل، إذ بالقدر نفسه تبقى مشاكل المرأة الصحفية هي نفسها رغم تلويناتها المتعددة، فمظاهر العنف والإقصاء والتحرش بمختلف تجليات تطبعها ثقافة وظروف كل بلد رغم طابع الخصوصية والبعد الجفرافي لأن التحديات والإكراهات واحدة مرتبطة بطبيعة جنسنا كنساء : نزعج ونخلق المتاعب بشكل عام فما بالك في مهنة المتاعب نفسها حيث الطريق لم يكن مفروشا بالورود رغم حداثة تجربتنا الإعلامية المحترفة، وحالة الإستقرار التي نعيشها والصورة المستهلكة التي تخضع معها أوضاعنا للكثير من عمليات التجميل كلما دعت الضرورة إلى ذلك.

مع وضع كهذا لا يمكن دورنا كإعلام نسائي في غالب الأحيان سوى نضاليا دون أي تنقيص من مستوى مهنيته، فحتى عمل المرأة الصحفية في منابر مختلفة يتخذ في غالب الأحيان موقع الدفاع بغية الترافع على مبدأ تحقيق المواطنة الكاملة للنساء.

صحيح أن شروط عمل المرأة الإعلامية لا ترقى إلى الطموحات المرغوبة، لكن حضورها في مجال حيوي كمجال الإعلام يجب أن يحقق تراكما نوعيا وليس كميا وهي مسؤولية تقع على عاتقنا كنساء. فالبطولة ليست أن نكون في هذا المجال بل أن نظل فيه ونغير من خلاله.

 

 

سلط المسلسل الضوء على واقع المرأة المغربية من خلال شخصيات تعيش في مستويات اجتماعية مرتفعة، بينما تخفي معاناتها الحقيقية خلف صور السعادة على وسائل التواصل الاجتماعي.
بمؤسسة دار بلارج، التي تحضن موضوع روبرتاجنا عن الأمهات الموهوبات، وجدناهن قد تجاوزن وصم « بدون» الذي كان يوصم بطائق تعريف بعضهن في زمن ما لأنهن ربات بيوت، حصلن على جائزة المونودراما بقرطاج عن مسرحية كتبنها، شخصنها، وعرضنها فوق خشبة مسرح عالمي. والحصيلة مواهب في فن يصنف أبا للفنون، اشتغلت عليها مؤسسة دار بلارج وأخرجتها من عنق الحومة والدرب وجدران البيوت القديمة التي لم يكن دورهن فيها يقدر إلا ب»بدون».
الأبيض والأسود لونين أساسيين في مجموعات عروض أزياء أسبوع الموضة بباريس.