العنف الرمزي في خطاب رئيس الحكومة

سجل رئيس الحكومة عبد إلاله بنكيران رقما قياسيا في إصدار تصريحات تمييزية ضد النساء، تحمل نظرة تبخيسية ولا تستحضر مرجعيات الدستور. بدأها بوصف النساء بالثريات ودعوتهن للعودة للبيوت، وأنهاها بوصف المناضلات بذوات الوجوه الرمادية. و قد اعتبرت الحركة النسائية هته التصريحات، عنفا رمزيا موجها لها من داخل مؤسسات الدولة. في تفكيك هذا الخطاب تتحدث نعيمة شيخاوي، أستاذة السوسيولوجيا بكلية الآداب بالرباط، وباحثة ومستشارة دولية في قضايا النوع.

هل يمكن اعتبار تصريحات رئيس الحكومة ضمن عنف الدولة ؟
هناك عنف دولة موجه للنساء، وتم الاشتغال عليه على مستوى مواجهة العنف القانوني ضمن القوانين التي كانت تخترقها نصوص تصغيرية للنساء وتكرس دونيتهن وتحرمهن من حقوقهن، بالتالي تمت مراجعتها بدءا من مدونة الأسرة إلى قانون الجنسية وصولا للدستور الذي اعترف بالمساواة. وعلى الرغم من هته المجهودات القانونية، وفي غياب قانون خاص بالعنف، تبين أن هناك عنف دولة من خلال القوانين أيضا. ومع الحكومة الحالية، انضاف له العنف الرمزي. وهذا العنف الرمزي قائم في المجتمع ويحدث على أساس استبطان نظرة دونية للمرأة، وصور نمطية تبخيسية لكرامة الإنسان وحقوقه وسلامته النفسية والجسدية. وبرز ذلك خلال تصريحات صادرة عن مسؤولين سياسيين، كرئيس, الحكومة، ثم وزير التربية الوطنية السابق. وتحمل هذه التصريحات عنفا خطيرا جدا، لأن التعبير عنه مصدره أعلى السلط في البلاد ثم لرمزية وزارة التربية والتعليم، مقابل المجهودات المبذولة لتغيير توجه المنظومة التربوية نحو نشر ثقافة المساواة بين الرجال والنساء، فنصطدم بعنف رمزي يكسرها. بالنسبة إلى رئيس الحكومة، فهو ,مسؤول استنادا إلى برنامج سياسي، ثم بناءا على دستور وعلى تعهدات وحتى على مرجعية يقول إنها مرجعية دينية تكرس كرامة النساء، فكيف يمكن لحاله أن يذهب عكس هته المرجعيات. لقد حصل تذمر كبير داخل الأوساط النسائية والحقوقية، فعبارة النساء الثريات فيها تشيئ بغض النظر عن حسن النية، لربما. لكن البعد السياسي وارد. أما عبارة الوجوه الرمادية لوصف النساء المناضلات اللواتي أبين أن يتركن مهامهن سواء في المجال الخاص أو المجال العام وهن يحملن هم وقفة احتجاجية قانونية ومدسترة وكذلك هي وقفة حضارية في كنهها، وتحمل خطابا تشاركيا يدعو المسؤولين للالتفات لقضايا النساء، لكنهن يفاجئن بأن ينعتن بالوجوه الرمادية، ففي هذا عنف رمزي بامتياز وترك ذلك جرحا نرجسيا لدى كل النساء. فقد وجدن أنفسهن معنيات سواء منهن المناضلات المعنيات مباشرة أو باقي النساء بشكل عام.

لتفكيك خطاب رئيس الحكومة هناك بعض الآراء التي ترى فيه عفوية ليس إلا، فيما تفسره أصوات أخرى بالدهاء لتهريب النقاشات العميقة مقابل إلهاء الرأي العام بتصريحات مستفزة وهناك تأويل يربط الأمر بالشعبوية ؟

هذا تأويل لبعض الفاعلين والفاعلات، أي أن خطابه يحمل نوعا من التمويه وزرع الميوعة السياسية والهروب عن القضايا الكبرى. أنا لا أشاطر هته القراءة، ومدخل قراءتي لتصريحات رئيس الحكومة بغض النظر عن خصوصيات خطابه المعروف على المستوى السياسي وهو موضوع تذمر في الأوساط السياسية أو الوزارية ,أو البرلمانية، لأنه غالبا ما يخلق نوعا من شحنة العنف، ونرى ذلك في جلسات البرلمان، فهو غالبا خطاب استفزازي شعبوي ويدخل في إطار اختيار سياسي للاقتراب من قاعدة الأصوات والجمهور. ولكن قراءتي الشخصية هي أنه كذلك نوع من السلوكيات السياسية غير الناجعة ولا الحضارية، لأننا في مجتمع يحتاج إلى الرفع من مستوى الخطاب السياسي ويؤمن له كذلك بعدا بيداغوجيا، لضمان الخلف في السياسة، ولضماناهتمام الشباب بالسياسة. وعندما يكون الخطاب مشحونا بالميوعة والعنف، فهو يجعل المضامين غير مهمة فعلا وغير محفزة.
أما بالعودة لقضايا الحقوق الإنسانية والمساواة بين النساء والرجال في المغرب، فأعتقد أنه عنف رمزي بامتياز، لأن العنف الرمزي من الناحية السوسيولوجية هو آلية من آليات إنتاج ما هو اجتماعي، بالتالي فهو يدخل في إطار إعادة بناء منظومة اجتماعية. لقرون والخطاب السياسي يتحدث عن دور الأمومة والأسرة، لكن الأمومة تغيب الهوية الشخصية للمرأة. فأن نقدس دور الأمومة هو شيء، لكن ذلك لا يعني تبخيس أدوار أخرى بتغييب الذات. هناك نقاش اليوم عن كون اللغة مذكرة، إذ تُكتب وتُتحدث بالمذكر أكثر من المؤنث، وأن اللغة أحيانا تكرس الأوضاع والمراكز الاجتماعية للرجال نقول monsieur والنساء. فحين نقول مثلا بالفرنسية ونحن نؤكد Mademoiselle او ,madame السيد ونقول على أن هته الفتاة عازبة وغير متزوجة فلماذا لا نحتاج لتسمية الرجل من خلال وضعيته المدنية والاجتماعية؟. حين نقول الولية أو المرأة حاشاك، أو الثريا فنحن نعيد إنتاج ما هو اجتماعي، إذن اللغة تعيد إنتاج ما هو اجتماعي وتكرس اللامساواة بين النساء والرجال، وتكرس وضعية النساء وتترك مواعيدنا مع المساواة  الحقيقية متأخرة ومتروكة للقدر.
من ناحية أخرى لا أفاجىء حين يتحدث رئيس الحكومة عن النساء بهته الصيغ بغض النظر عن التصريحات والخطاب السياسي أو ما ورد بشكل أو بأخر في برنامج حكومي، لكن بالنسبة لمرجعيته في حد ذاتها وفيما يتعلق بتصوره لقضية المساواة بين النساء والرجال فهته المرجعية لا تقول بالمساواة بل بالتكامل بين النساء والرجال. وتقول أنه حبذا لو تعود النساء للبيوت، في حين أن الخطاب العكسي لهذا أن المرأة يجب أن تكون لها سلطة الاختيار والتحكم في مصيرها وفي ذاتها وفي جسدها وفي انتقاء عملها كما في اختيار الزواج, أو الولادة. هته المرجعية لا يجب أن تفاجئنا، لكن ما كان مستفزا هو شدة العنف الرمزي الذي ورد خاصة في عبارة الوجوه الرمادية.

رئيس الحكومة استعمل صورة نمطية وشائعة عن النساء المناضلات..
ولها حمولة تبخيسية جدا، في هذا السياق كتبت نصا يتمرد على هته الصورة. فالرمادي هو رمز للتعب للنضال للسهر للمثابرة، للمواطنة، وهو رمز كذلك لواقع حال النساء اللواتي يغطين عدة أدوار منها الدور المنزلي، ومنه التنظيفي والتربوي، وأنهن عماد اقتصاد البلاد. لربما هو على حق حين يقول أنها وجوه رمادية بمعنى أنها وجوه متعبة، لكن بنفس الوقت ما هو رمادي هو رمز للمثابرة وللحكمة والصواب. ورمز لإنسان قطع أشواطا بالحياة، وله تجارب مكثفة وهو حاضر، لكن ليس من خلال ماكياج فاقع أو نقاب، بل بوجه مكشوف تعب لكي يخلق وطنا يصون الكرامة لرجاله ونسائه. إذن هته الرسالة يجب أن تصل، وهته ليست هفوات بقدر ما هي عنف يكرس صورة دنيا وبنفس الوقت عنف محبط وقد يشوش على السياسيين. وهو عنف قد يقصر المسافات التي يجب أن تكون مسافات رزينة لبناء مجتمع ديموقراطي تشاركي، يحترم دستوره ويطبقه. لا أعتقد أن رئيس الحكومة كان محظوظا لأنه ترأس حكومة بدستور جديد، يعطيه صلاحيات كبيرة وبنفس الوقت يعطي حتى شرعية لخطابه، حبذا لو كان خطابه عكس ذلك، لأنه كان سيأخذ شرعيته من أسمى قانون بالبلاد عوض أن يبرز كمسؤول يخون الرسالة الدستورية، ولا يحترم روح الدستور، ولا يحترم التعهدات التي جاءت بها هته الحكومة التي وعدت أن تصون كرامة المواطنات والمواطنين المغاربة بصفة عامة.

 

قالت مصادر مُطلعة على الوضع، أن بيلا حديد استعانت بمحامين ضد شركة أديداس بسبب افتقارها إلى المساءلة العامة، وذكرت أنها تشعر أنهم قادوا ضدها حملة قاسية ومدمرة.
بعد غياب وانشغال بعالم التمثيل، عادت الفنانة المغربية دعاء اليحياوي لإصدار عمل غنائي جديد عبر قناتها الرسمية على موقع "يوتيوب" وجميع المنصات الموسيقية الرقمية.
"mimia le blanc jewellery" هي علامة مغربية متخصصة في تصميم المجوهرات الفاخرة والأنيقة.