القرويات بمؤشر «بدون» في الواقع وفي البرنامج الحكومي

بينهن واقع مشترك، أمية وإهمال وتجني على الحقوق باسم العرف، ومجابهة عنيدة لكل المقاومات التي تزيد من تهميشهن اقتصاديا واجتماعيا وحتى سياسيا. هن في مراتب المصالح ورقة رابحة لاستغلال سواعدهن وأصواتهن وفي قلب السياسات ،« بدون » ويتقاعدن « بدون » الانتخابية. قرويات يعشن العمومية بدون أيضا. في الشمال وفي الجنوب وفي الغرب وضعية واحدة على لسان المشتغلات على ملف القروية.

سعيدة الإدريسي : الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب

لا يمكن أن نقول إن هناك إنجازا واهتماما بالنساء السلاليات في أجندة الحكومة، بالشكل الذي يجعل قضيتهن تعرف انفراجا. العمل على هذه القضية بدأ من قلب الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب منذ 2007 ، وكانت هناك مواكبة وتتبع من قبل مديرية الشؤون القروية، كما عرف حوار مفتوحا مع وزارة الداخلية، لكن العمل الحقيقي والإنجازات الأكيدة تعود للنساء القرويات، هن من قمن بالترافع وهن من كن يطالبن بحقوقهن حتى على مستوى القيادات والجماعات القروية التي ينتمين إليها. هذه صيرورة مسار نضالي وترافع، خرجت فيه مذكرة في 2009 وأخرى في 2010 و 2012 ، لكن المشاكل ما زلت مطروحة. والعمل بقي متواصلا مع النساء السلاليات القرويات في جميع مناطق المغرب لوجود مقاومات من قبل المستفيدين من هذه الوضعية.
كنا ننتظر أن تفعل الحكومة الدستور من خلال ملائمة قوانين وتعديل أخرى، وهي مقدمة لتفعيل مبدأ المساواة في الاستفادة من أراضي الجموع التي تحكمها أعراف تستثني النساء السلاليات من الاستفادة منها حتى في المجال الرعوي. غير أن هيأة الإنصاف والمناصفة كآلية لتطبيق الدستور في الشق الخاص بالفصل 19 مازلت تربكها المماطلات، بمعنى آخر أن القوانين التنظيمية التي تعزز الحقوق المنصوص عليها في الدستور، والتي تعزز عملنا كمجتمع مدني غير موجودة. وهذا ما يؤثر فعلا على وضعية النساء بما فيهن السلاليات، والنتيجة  التي لا يمكن إغفالها هي انعكاس الوضع القانوني على الوضع الاقتصادي لهؤلاء. إذ الهشاشة والفقر مؤنث بفعل غياب الحماية القانونية، وهذا ما يعكسه المجال الصفيحي لسلاليات منطقة القنيطرة غرب شراردة كنموذج.
الحكومة كانت قد فتحت الحوار الوطني حول الأراضي الجماعية والذي أعطى الفرصة لنا نحن وللنساء القرويات السلاليات لطرح مشاكلهن، لكن مخرجات ونتائج الحوار الوطني التي كان من المقرر تقديمها في يونيو لا خبر عنها. هذا يظهر أن الملف لم يكن عالقا، وجاء تغيير ما وصعد به للأعلى منجل تحكيم القانون فيه، بل ملف يسير بتوقيت زمنيمكثف من قبل المعنيات ومن قبلنا نحن كطرف مدني متبني لقضية 13 مليون هكتار من أراضي النساء السلاليات التي تقدر ب 10 مليون نسمة. إذن الخلاصة هي أنه ملف مرتبط بأراضي فتحت شهية الجميع إليها، وكل ما تحقق فيه يرجع لتأثير المعنيات، وللاستراتيجيات التي يرسمنها لنضال صار من داخل تنظيم حقيقي، برهن على قدرة السلاليات في التأثير في القرار السياسي انطلاقا من الحوار الوطني الذي فتح، وقادرات على تغيير واقع الظلم والإقصاء من خلال التأكيد على عبارة : “أنا بحالي بحال خويا، أنا كنت كنشتغل في الأرض، علاش الحرمان؟” يكفي أن أقول إن التفاعل مع قضية السلاليات كان بالعمق الكبير بعد تولي امرأة شؤون ولاية القنيطرة، إذ عينت زينب العدوي خمس نائبات على أراضي الجموع، وهو ما يؤكد أن الإحساس بإقصاء النساء لا يحصل خارج إحساس امرأة مسؤولة. أكثر من ذلك حتى في الوقت الذي كنا نصل فيه لمستوى متقدم في قضية السلاليات، تجري خلف كل المحاولات لإنصاف النساء، صفقات لبيع الأراضي حتى لا يخرج قانون يمتع صاحبات الحق بحقوقهن. الكل يتم من تحت طاولة الأشقاء وأبناء العمومة …وحتى الأمهات أحيانا تناصرن الولد على حساب البنت، لذلك قلت إن الملف الذي فتح شهية الجميع خصوصا أن الأراضي صارت تباع لأجل مشاريع سياحية وغيرها، أي أن سومتها غالية جدا، وهذا الجشع في التعامل مع الحق كشف من ناحية أخرى على أن العلاقات الاخوية لا تساوي شيئا أمام المصالح المادية. أيضا من المأسوف عليه أن هناك صندوقا لأراضي الجموع بوزارة الداخلية، لكن لا تستفيد منه النساء القرويات السلاليات. هذا الحيف يفرض علينا المطالبة بقانون يحمي حقوق النساء القرويات، إذ المعروف أن الأمية جعلت الكثيرات يوقعن على وثائق فيها تلاعب بملكيتهن للحفاظ على العرف الذي يعطي للأخ وابن العم حق الاستفادة والتصرف في مصير الأخت وبنت العم وغيرهن.

جميلة الوزاني: جمعية بصائر للتنمية الأسرية

اشتغالي الجمعوي والحقوقي في مجال صحراوي أمازيغي، يجعلني أنقل مشاعر من عدم الرضا على واقع المرأة في الجنوب. إذ الحصيلة على المستوى الاجتماعي هزيلة جدا بسبب مظاهر القهر والظلم والجهل التي تبعدها عن المشاركة في التنمية، وهي معوقات حقيقية لإدماجها في المجالات التنموية، فيما يلعب الفكر الذكوري الدور الحازم في وضعية صعبة على كل المستويات، يعزز منها تحكيم الأعراف والتقاليد التي ترى في المرأة المثقفة متحررة بالمعنى السلبي للتحرر.
الفقر هو مشترك في كل المناطق المغربية، ولا يمكن اعتباره ظاهرة جهة دون غيرها، ويؤثر هذا العامل على الحق في التعليم الذي يبقى مستبعدا عن تفكير الوالدين، مقابل ذلك يتم تشغيل البنات خادمات في بيوت الأغنياء، خصوصا منطقة امجاض ونواحيها. وحتى في حالات الاستثناءات التي تنعم فيها بعضهن بهذه الفرصة، فإن بعد الثانويات على العالم القروي وعدم كفاية الموارد البشرية التربوية تتوقف عن إكمال الدراسة. الوضع الاقتصادي لا يكاد يكون بأفضل حال، حيث أمازيغية الصحراء مازلت لا تكاد تميز مابين العملة المغربية والعملة الأجنبية، بسبب وضعية اقتصادية مزرية. وهي الحقيقة التي وقفت عليها في بعض المناطق في إطار جمعوي. واعتبارا لذلك، تظل فرص الشغل ضعيفة رغم بعض المحاولات المحتشمة للدولة في المناطق الجنوبية، خصوصا برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرنامج الاقتصاد الاجتماعي. وحتى عندما فتح باب القروض الصغرى والمتوسطة أمامهن تحول إلى جحيم لارتفاع الفوائد،وضعية أجبرت الكثيرات على ممارسة الدعارة لسد أقساط الدين. فضلا عن ذلك، فإن ما يسمى برنامج التشغيل الذاتي الذي ترعاه الحكومة من خلال برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية قدم مشاريع فاشلة في المنطقة. القطاع السياسي بدوره يشهد تأخرا كبيرا في حضور النساء فيه، والفضل في القلة القليلة يرجع لنظام الكوطا. لذلك فإن الممارسة السياسة كواجهة لإبداء الرأي، والانخراط في الأحزاب، تكاد تكون عملا من أعمال التمرد والخروج عن التقاليد بالنسبة للمجتمع الصحراوي الأمازيغي، من ثم أؤكد إن وضعية المرأة المغربية في ظل هذه الحكومة، تكاد تصاب بانتكاسة أو بموت سريري. بل أكثر من ذلك، تراجعت مكتسباتها حيث أكدنا على ضرورة إحداث مؤسسات اجتماعية لإدماج المرأة الصحراوية الأمازيغية.

زهرة الدغوغي : السيدة الحرة

لا يمكن الحديث عن إدماج حقيقي لنساء العالم القروي بسبب وضعيتهن التي تبقى أبعد عن الخصائص المتضمنة في تعريف التنمية البشرية، إذ هذا المفهوم يرتكز على مؤشرات الوضع الاجتماعي، والاقتصادي والسياسي وتنمية الإنسان، في حين لا يعكس واقعهن أي شيء من ذلك سواء في الحكومة الحالية آو السابقة. ورغم تركيز المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ 18 ماي 2005 على إعطاء النساء مكانة مهمة، وخصوصا القرويات، في مشروع المبادرة باعتبارهن يعشن وضعية الهشاشة المزدوجة، إلا أن المشاريع المعتمدة قدمت نتائج جد ضعيفة.
« مقاولتي » لذلك اقترحت برامج موازية، من بينها التي وقفت على عدم فعاليتها رغم الأموال الكبيرة التي صرفت فيها. وكمتتبعة للسياسات العمومية وخصوصا بعد دستور 2011 في مادته 19 التي تنص على دسترة المساواة بين النساء والرجال، فإن الدولة والجماعات المحلية أضحت قيد المساءلة حول مدى عملها لتفعيل مقتضيات الدستور والتزامات المغرب أيضا، وعلى رأسها اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي كما تم التنصيص على ذلك في الميثاق الجماعي 2008 ، وأهداف الألفية للتنمية. لذلك أقول إن الخطة الحكومية التي قدمت وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي في ،« إكرام » المعروفة بالخطة الحكومية للمساواة 2012 )، تفتقد للمقاربة العلمية / أفق المناصفة ( 2016 لبناء المساواة، وتحقيق التنمية التي تنطلق من مقاربة المجال الترابي.
كمناضلة ميدانية في إطار جمعية السيد الحرة، فقد أنجزت الجمعية مجموعة من الدراسات من ضمنها تشخيص وضعية النساء بالجماعات القروية بتطوان: وكمتتبعة .« عين جوزي بشفشاون » و « جماعة الواد » أيضا للسياسات العمومية، وانطلاقا من عمل ميداني مدته 16 شهرا، و في إطار مشروع المبادرة الجهوية 2014 ، التي | لتعزيز قدرات الجماعات القروية 2013 أنجزته في إطار مشروع مجلس جهة طنجة تطوان وبشراكة الجمعية المتوسطية للتنمية المحلية، فقد أفرزت نتائج الدراسات الفجوة النوعية بين الجنسين.

إذ رغم الفقر والبطالة والأمية التي يعيشها الجنسان، فالتشخيص من زاوية النوع كشف عن الهشاشة المزدوجة، والتمييز الذي تعيشه الفتيات والنساء القرويات في كل المجالات. ورغم المجهودات التي تبذل من طرف بعض الجماعات والمجتمع المدني، فالنتائج جد ضعيفة إذ واقع حال النساء القرويات لا يؤهلها للخروج من دائرة الفقر والإقصاء الحقيقي انطلاقا من مؤشرات الوضع الصحي : وهي نسبة الأمية، والوضع الاقتصادي، وعدم الاستقلالية المالية، والعمل غير المأجور، ووجودها خارج دوائر القرار السياسي. لذلك فإن الهشاشة التي تعيشها النساء القرويات في الشمال، هي هشاشة بنيوية أولا لأنها تمس أشكال تواجدهن بمجالهن، وترتبط بأميتهن وعدم تحكمهن في الموارد المالية والذاتية. وقد لاحظنا من خلال المعطيات التي تم تجميعها أن في جميع الجماعات، وبتفاوت بسيط، أن وضعية النساء القرويات لم تعرف تقدما في فرص العمل.
وتوجد فجوة نوعية بينهن وبين والرجال، سواء على مستوى الانخراط أو على مستوى إحداث التعاونيات، وإذا حصلن على عمل فلا يخرج عن مجال الخدمة في البيوت. ورغم أن النساء يعملن ويساهمن بشكل كبير في الدخل العائلي من خلال الأنشطة الفلاحية والمعاشية، وبيع المنتوجات الفلاحية بالأسواق التي تدخل ضمن أعمال الإنتاج الاقتصادي، لا يتلقين أجرا عليها، هذا يجعلهن مبعدات عن التحكم في الموارد المالية واتخاذ القرار في حياتهن الخاصة والعامة، حيث القيم الاجتماعية والثقافية السائدة لها حضور قوي على نمط العلاقات القبلية والقرابة والعلاقات بين الجنسين. كما أنه يتم توظيف الدين والمقدس في مجال التنمية في إطار الحفاظ على سلطة الرجل بالعالم القروي.
أستخلص، غياب الإرادة السياسية للدولة، وعدم متابعتها لتفعيل دور اللجن، وتكوينها، وجعلها لجنا دائمة ضمن لجن الجماعة وفي إطار سياسة عمومية شاملة. كما أن المشكل لا يرتبط بالحكومة الحالية فقط، بل بالعلاقات الاجتماعية بين الجنسين المبنية على أبعاد ثقافية وأنساق المعرفة ومنظومة القيم وبترابط مع القوانين.

 

سيلين ديون تصل إلى العاصمة الفرنسية باريس، استعدادًا لمشاركتها في افتتاح أولمبياد 2024.
حققت اللاعبة الدولية المغربية فاطمة تاغناوت حلمًا طال انتظاره بانضمامها إلى نادي إشبيلية الإسباني للسيدات، لتصبح أول لاعبة مغربية ترتدي قميص النادي الأندلسي.
قالت مصادر مُطلعة على الوضع، أن بيلا حديد استعانت بمحامين ضد شركة أديداس بسبب افتقارها إلى المساءلة العامة، وذكرت أنها تشعر أنهم قادوا ضدها حملة قاسية ومدمرة.