تجربة إخراج سينمائي بين التألق والعراقيل

ارتبط اسم شفيق السحيمي بعالم الفن المسرحي والسينمائي والتلفزيوني، كما طبعت مسيرته الإبداعية التي استغرقت عمرا محترما يمتد أربعين سنة، الكثير من التألق، والعراقيل .« شوك السدرة » آخرها، تعثر عرض المسلسل الضخم casanier استطاعت لقاء المخرج الداري « نساء من المغرب » في خضم استعداداته الأخيرة، قبل مغادرته المغرب بشكل نهائي، وهو غاضب من شركة الإنتاج، التي تسببت في حرمان المغاربة، على حد تعبير المخرج، من مشاهدة المسلسل الذي انتظره الجميع ما يزيد عن أربع سنوات، وخاصت معه في قضايا تجربته السينمائية والمسرحية فكان الحوار الآتي.

«شوك السدرة » عمل مبيء adapté من رواية «البؤساء» لفيكتور هيغو لماذا هذا الاختيار ؟

السبب الأول في اختيار الاشتغال على هذه الرواية، يرجع إلى كوني أسعى في تقريب أعمال أدبية شامخة للمتلقي العربي. فهدفي كأكاديمي، هو دفع الآخرين إلى القراءة. من هنا، جاء اشتغالي على أعمال كثيرة سابقا منها زولا ودوتسيفسكي وبريخت كارل فلانتين وآخرين.

السبب الثاني، يرجع إلى فكرة راودتني منذ أن قرأت ”البؤساء” وكنت صغيرا، وتركت أثرا دفينا في داخلي، وهو سجن جانفالجان بسبب سرقة قطعة خبز. وقد أربكني هذا الحدث، وعندما أعدت قراءة الرواية، في سن النضج قلت في نفسي، إن البلد الذي يسجن داخله شخصا من أجل سرقة الخبز، يستحق ثورة أو انتفاضة. من هنا جاءت تبيئة الفكرة. لكن في المغرب، لا يمكنني أن استعمل حدث سرقة الخبز، سوف لن يتجاوب معها المشاهد المغربي. وفكرة السرقة ليست مسألة محمودة في مجتمعنا، لهذا اشتغلت على شخصية بليوط السعيدي الذي يقابله جانفلجان في ”البؤساء”. وبليوط السعيدي هذا، سوف لن يسطو على مخبزة لأجل السرقة كما جاء في رواية فيكتور هيغو، بل سيأتي بسبع بغال من ملكه، محملة بالخبز،والشريحة والماء من الدواوير المجاورة ويفك بها الحصار الذي دام شهرا وخمسة وعشرين يوما على سكان منطقة ”بوغافر” الذين رفضوا الاستسلام للجيش الفرنسي، رغم ،adaptation إمكانياته الضخمة. وانطلاقا من هذه التبيئة سيعاد بناء وتشكيل أبرز المعارك التي عرفتها المدن والقرى المغربية لمواجهة الاستعمار، وسيتم سجن بليوط السعيدي ضدا على القانون الفرنسي الذي يعاقب كل فرد لا يقدم مساعدة لشخص في خطر.
في رأيك هل يستجيب هذا الاختيار لانتظارات المشاهد المغربي، الذي أصبح لديه هامش من حرية التعبير ومؤسسات حقوقية ؟
العمل الذي قمت بإنجازه يدخل في مجال الإبداع تناولت خلاله موضوعا لم يسبق لأي أحد أن تطرق إليه. تطلب مني أربع سنوات من العمل، وأسفارا كثيرة إلى بلجيكا وألمانيا وهولاندا وفرنسا، لأنني لم أعتمد على رواية ”البؤساء”بمفردها. إنه موضوع يهم فئات عريضة، سوف لن أنوب
عنهم طبعا، ولكن، من خلال البحث الذي قمت به إبان كتابة سيناريو مسلسل ”شوك السدرة”، اكتشفت أن الناس لا يعرفون أي شيء عن معركة ”بوغافر” وهو حدث تاريخي مهم، يحكي شجاعة سكان المنطقة تحت قيادة عسو بسلام.كما أنه يسعى في رصد الفترة الممتدة ما بين 1933 -1956والتي يشوبها إطباق تام.

كم استغرق تصوير ا لمسلسل ؟

مبدئيا 7 أشهر هي المدة التي كانت مخصصة للتصوير ونحن الآن شارفنا على أربع سنوات ولازال العمل متوقفا !
ما هي الأسباب ؟
هذا راجع إلى تلاعب القائمين على شأن الإبداع، وإلى السلوك المزاجي لبعض المسؤولين بالنسبة لأعمالي السابقة. فرغم نجاح ”وجع التراب” الذي أعيد عرضه عدة مرات، وتم ترجمة ”العين والمطفية” إلى الأمازيغية، فلم أتوصل بالحقوق المجاورة إلى اليوم.

ما هي المهام التي كانت ملقاة على عاتق شخصيات مسلسل ”شوك السدرة” ؟ 

أول مهمة، وهي أخذ المتفرج كشاهد على نضال الشعب المغربي بقيادة المغفور له محمد الخامس، في الفترة التي 1956 . ثاني مهمة، أن تبرز الحلقات، – تمت ما بين 1933 الصراع من أجل الكرامة ولتكريس كذلك قيم نبيلة لدى الأجيال الصاعدة.
لعله عمل احتاج إلى ممثلين كثرا؟
شارك ما يناهز 1500 ممثل، من ضمنهم 100 ممثل معروف، ضمنهم 7 ممثلين أجانب.

اعتمدت على اكتشاف مواهب تقف أمام الكاميرا لأول مرة، وسعيت في تأطيرها ميدانيا، هل كان الأمر يتعلق بخطة لترشيد نفقات الفيلم ؟
ليس لدي علم بهذا الأمر، ويمكن أن يكون صحيحا ولكن، هذا لا ينطبق علي، لأنني لست مسؤولا على الإنتاج.
من أين جاء ولعك بالمسرح ؟
ازددت ”بدرب السلطان”، ومن خلال تنقلي من بيتنا العتيق بدرب ”لكلوطي” إلى المدرسة، كنت أمر على فضاءات عمومية تمارس فيها ”الحلقة” خاصة الساحة المحادية ”لمارشي الجمعة” ودرب ”البلدية”. كما أن وجود بعض أفراد العائلة تعزف على القيثارة والأكورديون وتمارس المسرح، لعب بدوره في تكويني. أما اهتمامي فقد جاء مع حضوري حفلات كثيرة بمناسبة استقلال المغرب، تم خلالها تنظيم عروض مسرحية يوميا، وامتدت أسابيع، بعد ذلك صقلت موهبتي في دور الشباب ومراكز البعثات الفرنسية، ثم جاءت تجربة مسرح ”الباسم” التي أنجزنا خلالها أعمالا مشتركة ك ”الحرب سلم” ”ولكيرا”.

حملت البندقية مع فصائل الثورة الفلسطينية 1971 وأنت ذو الواحد والعشرين – ما بين 1969 ربيعا، هل يمكن أن تحدثنا عن هاته التجربة ؟
إنه عنفوان الشباب، في تلك الفترة، كان حلم أقراني هو الحصول على جواز سفر والذهاب إلى الغرب وقد يضحون بالغالي والنفيس لأجل ذلك. أما أنا، فكانت لدي أحلام أخرى، وهي الذهاب إلى الشرق للمشاركة في الثورة الفلسطينية. بعد سنتين من التجنيد، حصلت على إجازة وبفضل نجاتي من الموت جاء قراري لممارسة العمل الإبداعي، لأنني اكتشفت أن حمل السلاح لا يلائمني

الملاحظ أن في جميع أعمالك يوجد لك دور ، هل هذا يعني أن ليس هنا من يستطيع لعبه ؟
من أنا أولا وأخيرا؟ أنا ممثل، وتجربة التمثيل هي التي أوصلتني للإخراج. وتجربتا التمثيل والإخراج هما اللتان أديا بي إلى الكتابة هذا من جهة. السؤال هو هل باستطاعتي لعب هذا الدور أم لا ؟ فبالنسبة لمسلسل ”شوك السدرة”، قيل لي إن مطاع كان بإمكانه لعب دوربليوط أعتبر أن مطاع فنان كبير، ،Jean Valgean السعيدي ولكنه ليس ”عروبي ديال لمدينة” إنه ”عروبي ديال لبادية”. وبالتالي سوف لن يستطيع تأدية دور بليوط السعيدي، هذا بالإضافة إلى تراجع نظره والذي قد يعيقه في العمل. ولو أعطيت الدور للمرحوم بن براهيم كان سيجعله كوميديا، وسوف لن يتعاطف معه المشاهد ولن يثق فيه، لأن شخصية بليوط السعيدي تشدو المصداقية. من جهة أخرى، وتفاديا لأية مفاجأة من طرف أي ممثل مستقبلا، دأبت على أخذ على عاتقي دور الشخصية التي تلعب دورا من بداية المسلسل إلى نهايته.

متى سيشاهد المتفرج المغربي مسلسل”شوك السدرة” ؟
عليك أن تطرحي هذا السؤال على القناة الأولى والشركة المنتجة، أما بالنسبة لي، فعملي جاهز

لم أنجزت عملا تلفزيونيا وليس عملا سينمائيا ؟
أنا ابن المسرح ولا أمارسه بسبب غياب بنية تحتية، لهذا لجأت لجوءا سياسيا إلى التلفزيون وهذا اختيار صائب، لأنني التقي المغاربة عبر هذا الجهاز. أما السينما، فهي لا تلائمني ولا يهمني لقاء أصحاب المهرجانات. وهل توجد سينما في المغرب ؟
كيف تنفي وجود سينما في المغرب بينما هناك أجانب يأتون لانجاز أعمالهم في بلدنا؟
صحيح، ولكن سيعرضونها في بلدانهم.

الملاحظ في غالب أعمالك تعتمد على لكنة ”عروبية”، ألا تعتقد أن هذه الطريقة توشك أن تسقطك في النمطية؟
من أسباب نجاح السينما التركية وهو اشتغالها على ،Yilmaz Guney مكونات البادية ومنها اللغة، كما فعل في ”شوك السدرة” الحوار القروي لا يتجاوز فعل الأمر مثلا ”زد” ”اسكت” ”خذ” ”اكعد”. واللغة المعتمة فيلسيناريو، هي لغة الدار البيضاء الآتية من الشاوية وتنتمي إلى المعرفة المفكر فيها بخلاف ”لعروبية” التي تنتمي للمعرفة المشتركة بين الجماعة .
هل لديك وصايا للشباب وخاصة الشابات اللواتي يلجن هذا العالم شائك ؟
يجب على الممثلة قراءة العمل كاملا، والتساؤل ما إذا كان الدور المطلوب تأديته ستسيء إليها أو لا، ومنا قشة الناس المحيطين بها واستشارة مؤطرها وأن لا تتسرع في قبول العروض المقترحة عليها، وأن لا تبحث على النجومية  السريعة التي تدخل في ثقافة .jeutable

سلط المسلسل الضوء على واقع المرأة المغربية من خلال شخصيات تعيش في مستويات اجتماعية مرتفعة، بينما تخفي معاناتها الحقيقية خلف صور السعادة على وسائل التواصل الاجتماعي.
بمؤسسة دار بلارج، التي تحضن موضوع روبرتاجنا عن الأمهات الموهوبات، وجدناهن قد تجاوزن وصم « بدون» الذي كان يوصم بطائق تعريف بعضهن في زمن ما لأنهن ربات بيوت، حصلن على جائزة المونودراما بقرطاج عن مسرحية كتبنها، شخصنها، وعرضنها فوق خشبة مسرح عالمي. والحصيلة مواهب في فن يصنف أبا للفنون، اشتغلت عليها مؤسسة دار بلارج وأخرجتها من عنق الحومة والدرب وجدران البيوت القديمة التي لم يكن دورهن فيها يقدر إلا ب»بدون».
الأبيض والأسود لونين أساسيين في مجموعات عروض أزياء أسبوع الموضة بباريس.